ذكرت مصادر خليجية أن أمير قطر يحاول لملمة عائلته بعد أن أثارت السياسات التي ينتهجها شرخاً متنامياًَ ضمن أبناء العائلة. وقالت المصادر إن الأمير تميم بات يبحث حالياً عن مخرج من كابوس فقدانه دعم رموز العائلة الحاكمة، حيث تردد أن هناك جهوداً لجمع أفراد العائلة للبحث في صيغة توافقية، وهو ما أكده الشيخ الدكتور سعود بن ناصر آل ثاني في تصريحات لصحيفة «الحياة» التي تصدر من لندن أمس.

وقال الشيخ الدكتور سعود بن ناصر آل ثاني، وهو أحد أفراد الأسرة الحاكمة من معارضي الحكم الحالي، في حديثه لصحيفة الحياة أنه تلقى دعوة من شقيق أمير قطر ومستشاره لزيارة الدوحة، لبحث صيغة توافقية للخروج من الأزمة الحالية بين قطر ودول الخليج والدول العربية.

كما أعرب الشيخ سعود عن الاستياء كذلك من الشقاق بين قطر وأشقائها الخليجيين. وأكد الشيخ سعود أن اجتماعه في الدوحة بحضور رئيس الوزراء القطري وعدد من مستشاري الأمير «سيتناول أربعة محاور هي: مناقشة تقدم الجانب القطري باعتذار رسمي لكل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين.

والمحور الثاني هو إيقاف عمليات المكتب الإعلامي التابع للمكتب التنفيذي للشيخة موزة بنت مسند، والثالث هو تجميد التحالف بين قطر وإيران والمحور الرابع هو توقف المكتب التنفيذي عن دعم العمليات في ليبيا ومصر وشمال أفريقيا والسودان، وطرد العناصر المتطرفة كافة التي تحتضنها قطر تحت مسميات مختلفة».

وبرز اسم الشيخ سعود بن ناصر مؤخراً بشكل كبير على صحيفة التواصل الاجتماعي، وقاد حزب معارضة من داخل العائلة وأعلن رفضه الكامل لسياسة تميم، كما قدم الشيخ سعود بن ناصر الاعتذار للدول العربية، مؤكداً أنه طفح الكيل من سياسات أمير قطر، واتهمه بأنه لا يدير الأمور وأن هناك من هو يحكم ويدير من خلف الكواليس.

وقالت مصادر خليجية أن الأمير تميم حاول استقطاب الشيخ سعود بن ناصر آل ثاني، الذي أعلن عن تلقيه دعوة لزيارة البلاد على متن طائرة خاصة، ولمدة ساعات، مشيراً إلى أن الدعوة وردته من الشيخ جوعان بن حمد، شقيق الأمير الحالي، ومستشار الديوان الأميري عزمي بشارة.

خريطة الحل

وحول مآلات الجهود العائلية داخل الأسرة الحاكمة في قطر، ترى مصادر خليجية أن المصلحة العليا لدول الخليج لا تتعلق بالأشخاص، إنما بالسياسات والمصالح الخليجية. وأضافت أن تسليم دفة السياسة الخارجية للدوحة إلى مجموعة لا يهمها أمن الخليج، لا يخدم الدوحة ويعرض أمن ومصالح دول مجلس التعاون والدول العربية لخطر مُحدق.

كما يدخل المنطقة في أتون الفوضى. وقالت المصادر إن أي سيناريو يحقق الرؤية الخليجية الجماعية سيكون مخرجاً من الأزمة، فالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لا تتطلعان مطلقاً إلى توجيه السياسة القطرية، بل أن تلتزم قطر بالبوصلة الخليجية المتعارف عليها بين دولها، وهي سياسات مشتركة وأمن جماعي.

وهذا لا يتم إذا استمرت الدوحة بالمضي في دعم جماعات وتنظيمات صُنفت عالمياً بأنها «إرهابية». وأضافت المصادر أن القيادة القطرية استمرت على سياستها ودعمها وتمويلها لما يهدد ويمس أمن دول الجوار والمنطقة من خلال إعلان تقاربها مع إيران فور الانتهاء من القمم التاريخية للرياض، بما يشكل انقلاباً على مخرجاتها ونجاحاتها.

لا بوادر انفراج

وحول الخيارات التي يمكنها وضع حد للشرخ الحالي، قالت مصادر خليجية إنه بعد لقاء أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، الأربعاء الماضي، بأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في الكويت، ترددت أحاديث عن «وساطة كويتية» لإعادة قطر إلى البيت الخليجي ، بعد الشرخ الذي أحدثته دولة قطر في العلاقات الخليجية. إلا أن المؤشرات التي ظهرت حتى الآن تشير إلى استمرارالتعنت القطري برفض القيام بخطوات عملية تزيل أسباب الخلاف.

وخلصت المصادر إلى القول إنه من خلال المعطيات التي تبثها قطر عبر أذرعها الإعلامية، فإن مؤشرات لقاء أمير الكويت والأمير تميم بن حمد لا تشي ببوادر انفراج قريب. لأن الحل لا يكون سوى بتخلي الدوحة عن الرهانات الخاسرة وعدم التحول إلى حصان طروادة للأعداء في اختراق الصف الخليجي.

وذكرت أوساط خليجية أن الدوحة استغلت الحديث الإعلامي عن «الوساطة الكويتية» من أجل إظهار نفسها بمظهر الساعي وراء الحل. وراجت في وسائل الإعلام الغربية على وجه الخصوص خبر المساعي القطرية للتهدئة، وهي مزاعم ثبت بطلانها بالوقائع.

صوتان للتحرك

وأضافت المصادر أن الدوحة تتحرك بشكل منسق على صورتين: الأولى أنها الدولة التي لديها خياراتها المهددة للأمن الخليجي، وتجلى ذلك بإيعاز الأمير تميم بن حمد لحكومة بلاده بتعزيز العلاقات مع إيران، وهو ما أكده مجدداً من خلال المكالمة الهاتفية مع الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع الماضي، في خطوة هدفها استفزاز الخليج، واستقواء بالعدو على الشقيق.

أما الصورة الثانية للتحرك القطري فتتناقض مع الأولى، وتتكامل معها عملياً، وهي الظهور كدولة «مظلومة» تتعرض لحملة إعلامية بدون سبب. وهذه الصورة ظهرت في مضمون الخطاب الذي وجهته أول من أمس إلى ممثلياتها الدبلوماسية في الخارج.

وقامت بتسريبها إلى الإعلام بغرض وضع نفسها في موقع «الدفاع عن سيادتها»، لكن في الواقع فإن جزءاً من الخلاف الحالي الذي خلقه «الشقيق» مع «الأشقاء» أن الدوحة تنازلت عن جزء كبير من سيادتها كدولة في منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية لصالح أجندة تستهدف الأمن الخليجي.

وأوضحت المصادر أن تنازل قطر عن جزء من سيادتها لتنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي واستمرار نهجها في دعم كافة حركات الإسلام السياسي المتورطة في سفك دماء الأبرياء وتقاربها مع إيران تعد أبرز المآخذ عليها.

وقد كشفت الدوحة في الآونة الأخيرة عن المزيد من ملفاتها المخفية في التعاون مع طهران التي توجها سمومها يومياً ضد دول الخليج، سواء في الإعلام أو خلاياها الإرهابية وميليشياتها ومرتزقتها في العديد من دول المنطقة.

وقالت المصادر: أمام هذا المشهد، يبدو أن الأمير تميم لم ينجح هذه المرة في الالتفاف على بقية دول الخليج التي خبرته عام 2014 حين وقع على اتفاق الرياض وتعهد بتنفيذ البنود، وأولها طرد دعاة الفتنة وقيادات الإخوان.

هذا البند تم تنفيذه جزئياً بشكل دعائي، إلا أن القيادات الاخوانية التي خرجت من قطر إلى تركيا باتت تتلقى رعاية ودعماً أكبر من الدوحة عما كانت عليه قبل ذلك.

توثيق التمويل

أكد الكاتب والباحث السياسي البريطاني، أندرو غيليغان في مقابلة مع «سكاي نيوز عربية»، أن «قطريين مولوا العديد من الجماعات المتشددة في سوريا، سواء كانوا أفرادا قطريين أو أفرادا لهم صلة بالحكومة القطرية».

وتابع غيليغان: «هذا الأمر تم توثيقه من قبل الولايات المتحدة في تحديدها للتنظيمات الإرهابية، فواشنطن حددت قائمة أشخاص يقيمون في قطر، مولوا الإرهاب وخاصة جبهة النصرة وبعض تلك الأموال وصلت إلى داعش، ذلك أن الجماعتين كانتا مرتبطتين في الماضي، وقيمة تلك الأموال كبيرة وهذا تم بموافقة الحكومة القطرية».