انتهجت قطر أساليب الفدى لدعم الإرهاب، في ظنّ منها أنّ الخدعة ستنطلي على الكل ولن يلحظ فعائلها أحد، فمن العراق الذي دفعت الدوحة نحو مليار دولار لإحدى جماعاته الإرهابية، مروراً باليمن الذي مولّت تنظيم القاعدة فيه من خلال دفع فدحة لإطلاق سراح رهائن، وصولاً إلى سوريا وما تمّ دفعه من أموال طائلة فدية للإفراج عن صحافيين إسبان كنوا محتجزين من قبل جبهة النصرة.

ووفقاً لصحيفة نيويورك بوست الأميركية دفعت قطر نحو مليار دولار فدية لإطلاق سراح 26 قطرياً من بينهم أفراد من العائلة المالكة، الذين احتجزتهم المليشيات المدعومة من إيران في العراق كونهم رهائن.

ونقل كاتب التقرير عن مسؤولين أمنيين قولهم إنّ قطر دفعت ملايين الدولارات في صفقات تبادل رهائن تبلغ قيمتها نحو 1.35 مليار دولار، ذهب معظمها إلى قادة المليشيات الموالية لإيران، وأيضاً عناصر من تنظيم القاعدة، مضيفاً: «كما تم دفع نحو 700 مليون دولار إلى مليشيات إيرانية وعناصر من حزب الله لتحرير الرهائن، و300 مليون دولار آخرين إلى جماعات متطرّفة لها علاقة بتنظيم القاعدة وجماعة فتح الشام، ونحو 80 مليون دولار لجماعة أحرار الشام للإفراج عن نحو 50 من العناصر المسلحة الشيعية، فضلاً عن تكلفة عمليات ترحيل الرهائن التي وصلت إلى 140 مليون دولار.

وفي مواجهة هذا العبث، دعت مصر في أوائل يونيو الجاري مجلس الأمن الدولي للتحقيق في الأمر، إذ قال الدبلوماسي المصري في مجلس الأمن إيهاب مصطفى، إن ثبت هذا الانتهاك لقرارات مجلس الأمن سيكون له تأثير سلبي على جهود مكافحة الإرهاب على الأرض.

ويرى مراقبون أنّ الإعلان عن تقديم قطر فدية لعناصر إرهابية مقابل إطلاق عدد من أعضاء الأسرة الحاكمة، كان القطرة التي أفاضت الكأس، وفتحت ملف دعم حكام الدوحة للإرهاب من خلال طريقة مبتكرة وهي القيام بوساطات مع الإرهابيين، ثمّ الإعلان عن إطلاق سراح الرهائن المحتجزين بعد تمكينهم من دعم مالي مجز تحت مسمى «الفدية».

اليمن

ولم تكن الفدية أو «الدعم المستتر» كما يسميه البعض المرة الأولى، إذ وجّهت بريطانيا في سبتمبر 2013 أصابع الاتهام إلى قطر بتمويل عناصر تنظيم القاعدة في اليمن من خلال دفعها فدية لإطلاق سراح رهائن محتجزة لدى التنظيم.

وقال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط حينها، إنّ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية يهدف لزعزعة الحكومة اليمنية، وإنّ ما يساعده على ذلك ويعزّز يعززه مساعيه إلى حد كبير مبالغ الفدى الكبيرة التي تدفع للإفراج عن رهائن أجانب، في إشارة واضحة إلى قطر، مضيفاً: حسب تقاريرنا حصل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في العامين 2011 و2012 على نحو 20 مليون دولار من مبالغ الفدية المدفوعة، وحال استمرار ذلك، فإن هذا سيؤدي لتقوية قدرات التنظيم على شن اعتداءات في اليمن وضد أصدقاء اليمن وجيرانه.

وأتى التصريح بعد تفاوض قطر مع تنظيم القاعدة في اليمن بشأن إطلاق سراح السويسرية سيلفاني ايبرهارت التي تعمل مدرسة بعد عام على خطفها من منزلها في الحديدة، إذ دفعت قطر فدية للتنظيم وأطلقت سراح السويسرية في فبراير الماضي.

إنقاذ تنظيم

في السياق، كشفت مصادر يمنية إنقاذ قطر لتنظيم القاعدة من أزمة مالية خانقة تعرض لها التنظيم في اليمن، جراء الحرب التي شنها الجيش اليمني والقبائل ضد التنظيم في محافظة أبين، إثر دفعها 15 مليون دولار ذهبت إلى التنظيم وعناصر قبلية مرتبطة به في شمال اليمن.

ووفق مدير الوكالة الدولية للصحافة والدراسات الاستراتيجية جمال العواضي، فإن قطر قدمت دعماً لتنظيم القاعدة في اليمن بمبلغ 15 مليون دولار، تحت ذريعة فدية وإنقاذ مواطنة سويسرية كان التنظيم قد اختطفها للمطالبة بفدية، مضيفاً أنّ قطر لم تكتف ببناء علاقات ودعم تنظيم القاعدة في اليمن، بل أنشأت شبكة إرهاب دولية من أفغانستان إلى اليمن مروراً بباكستان وسوريا وليبيا، معتمدة على علاقاتها السابقة مع قيادات الصف الأول في تنظيم القاعدة.

رفض

إلى ذلك، كشفت تقارير إعلامية جزائرية في أكتوبر 2014 واستناداً إلى مصدر دبلوماسي مقرّب، عن أنّ التحقيقات التي أجرتها السلطات مع الدبلوماسييْن الجزائرييْن الذيْن كانا مختطفين في مالي وحرّرا في 30 أغسطس 2014، عن تورط الحكومة القطرية في دفع الفدية للتنظيمات الإرهابية في مالي، وأن التحقيقات التي أجريت مع قدور ميلودي، ومراد قسيس، اللذين تم إطلاق سراحهما، كشفت تورط قطر في تقديم الفدية للإرهابين.

وأشارت التحقيقات إلى أنّ الحكومة القطرية أعربت عن استعدادها لتقديم المبلغ الذي طلبه الإرهابيون بدلاً من الحكومة الجزائرية، لكن الجزائر رفضت العرض القطري، وأصرت على عدم تقديم أي فدية احتراما لمبادئها وعقيدتها الدبلوماسية واحتراما لمبادئ القانون الدولي. ووفق المصدر ذاته، تم دفع 40 مليون دولار إلى تنظيم القاعدة، مقابل إطلاق سراحهم.

سوريا

دفعت قطر في مايو 2016 نحو 3.5 ملايين دولار فدية مقابل إطلاق سراح ثلاثة صحافيين إسبان كانت تحتجزهم جبهة النصرة الإرهابية في حلب، فيما تحدثت مصادر في الحكومة الإسبانية عن إطلاق سراح الصحافيين الإسبان الثلاثة المختطفين في حلب منذ يوليو 2015.

وذكرت قناة «TRT» التركية الناطقة بالعربية، أن جهوداً قطرية أفضت إلى الإفراج عن الصحافيين الذين كانوا محتجزين لدى جبهة النصرة، بينما ذكرت مصادر إعلامية سورية، أنّ «قطر تكفلت بدفع مبلغ الفدية».