كشف الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية، في لقاء بثته قناة «سي بي إس» الأميركية ضمن برنامج «60 دقيقة»، أمس، قبل يوم من زيارته للولايات المتحدة ولقائه الرئيس دونالد ترامب، عن أبرز سياسات بلاده، وموقفها من أهم الأحداث والقضايا في منطقة الشرق الأوسط، وعلاقات السعودية مع الولايات المتحدة، كما تحدث بشفافية كبيرة عن مرحلة الإصلاحات المهمة سياسياً واقتصادياً ومجتمعياً.
وقال الأمير محمد بن سلمان: «إن أسامة بن لادن جنّد 15 سعودياً في هجمات 11 سبتمبر، بهدف واضح، وفقاً لوثائق وكالة المخابرات المركزية وتحقيقات الكونغرس، أراد أسامة بن لادن خلق انشقاق بين الشرق الأوسط والغرب، بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة».
وأضاف في واحد من أهم لقاءاته حتى الآن ومع القناة الأميركية لأول مرة: هناك الكثير من التحديات، أعتقد أن التحدي الكبير الأول الذي يواجهنا هو أن يؤمن الناس بما نقوم به. وعن صورة السعودية قال: «بالتأكيد لا، هذه ليست المملكة العربية السعودية الحقيقية، أطلب من المشاهدين استخدام هواتفهم الذكية لمعرفة ذلك. ويمكنهم البحث في جوجل، السعودية في السبعينات والثمانينات، وسوف يرون السعودية الحقيقية بسهولة في الصور».
وعن المرأة والإصلاحات قال: «كنا نعيش حياة طبيعية للغاية كما هو الحال في بقية دول الخليج، والنساء كنّ يقدن السيارات، وكانت هناك دور للسينما، والنساء يعملن في كل مكان.. كنا أناساً طبيعيين نتطور كأي بلد آخر في العالم، حتى أحداث عام 1979. بعد عام 1979، كنا ضحايا، ولا سيما جيلي الذي عانى من هذا الأمر بشكل كبير»، مبيناً أن المشاكل بدأت من عام 1979، عندما أسس الخميني حكومة أيديولجية طائفية في إيران.
حقوق المرأة والمساواة
وأكد على حقوق المرأة السعودية قال: «أعطيت النساء السعوديات حقوقاً جديدة، ما يسهل عليهن بدء عمل تجاري، والانضمام إلى الجيش، والأحداث الرياضية، وفي يونيو، سيكنّ قادرات على الجلوس خلف عجلة القيادة والقيادة».
وحول سؤال من مذيعة برنامج «60 دقيقة» نورا أودونيل: هل النساء مساويات للرجال؟ أجاب الأمير: «بكل تأكيد، فنحن جميعاً بشر، وليس هناك فرق. القوانين الشرعية واضحة للغاية، المرأة يجب أن ترتدي ملابس لائقة ومحتشمة كالرجل، مع ذلك لا يحدد بشكل خاص العباءة السوداء أو غطاء الرأس الأسود، القرار متروك تماماً للمرأة أن تقرر أي نوع من الملابس المحتشمة والمحترمة تختارها لترتديها»، معلناً أن الحكومة تعمل «على مبادرة، سنطلقها في المستقبل القريب لإدخال لوائح تضمن المساواة في الأجر بين الرجال والنساء».
وقال ولي العهد السعودي الذي بدأ أمس زيارة للولايات المتحدة ويلتقي اليوم (الثلاثاء) الرئيس الأميركي دونالد ترامب: «سنحاول الكشف للناس بقدر استطاعتنا وبأسرع ما يمكن، معلومات عن هؤلاء الأفراد، لكي نجعل العالم يدرك ما تفعله حكومة المملكة العربية السعودية لمكافحة الراديكالية».
وعن حقوق الإنسان قال ولي العهد السعودي: «المملكة تؤمن بالعديد من مبادئ حقوق الإنسان، في الواقع، نحن مؤمنون بمفهوم حقوق الإنسان، لكن المعايير السعودية في النهاية ليست هي نفس المعايير الأميركية، لا أريد أن أقول إنه لا يوجد هناك قصور، لكن بطبيعة الحال، نحن نعمل على إصلاح هذه العيوب».
وعن إجراءات الفساد الجريئة التي قامت بها الحكومة السعودية قال: «الإجراءات التي اتخذت ضد المتهمين بالفساد، والذين أوقفوا في فندق «الريتز كارلتون» بالرياض، كانت نظامية وضرورية وتتماشى مع القوانين».
وأشار ولي العهد السعودي إلى أنه تمت استعادة 100 مليار من الموقوفين، «لكن الهدف الحقيقي لم يكن هذا المبلغ أو أي مبلغ آخر. الفكرة ليست في استعادة المال، ولكن لمعاقبة الفاسدين، وإرسال إشارة واضحة بأن كل من يدخل في صفقات فاسدة سيواجه القانون».
وعن واحد من أهم المواضيع قال الأمير عن تأثير جماعة الإخوان في المدارس السعودية خلال الفترة الماضية: «الإخوان كان لهم تأثير في التعليم السعودي، الغالبية غادروا وتبقى بعض العناصر، ولكن سنغيّر هذا الأثر قريباً. ولا يوجد بلد في العالم يقبل أن يُغزى نظامه التعليمي من قبل منظمة متشددة».
تدخلات إيران
وعن التدخل الإيراني في اليمن قال الأمير محمد بن سلمان: «الأيديولوجيا الإيرانية اخترقت أجزاء من اليمن، وهذه الميليشيا كانت تقوم بمناورات عسكرية بالقرب من حدودنا، وتنشر الصواريخ على حدودنا. لا أتخيل أن الولايات المتحدة ستقبل في يوم ما أن يكون هناك ميليشيا في المكسيك تطلق الصواريخ على العاصمة واشنطن ونيويورك ولوس أنجلوس، بينما يراقب الأميركيون هذه الصواريخ ولا يفعلون شيئاً».
وأضاف أن «إيران تلعب دوراً ضاراً، يقوم النظام الإيراني على أيديولوجية خالصة، العديد من عملاء القاعدة تحميهم إيران ويرفضون تسليمهم للعدالة، ولا يزال يرفضون تسليمهم إلى الولايات المتحدة، وهذا يشمل ابن أسامة بن لادن، القائد الجديد لتنظيم القاعدة، يعيش في إيران ويعمل خارج إيران ومدعوم من إيران..
مؤلم للغاية حقاً، وآمل أن تتوقف هذه الميليشيا عن استخدام الوضع الإنساني لصالحها من أجل استدرار العطف من المجتمع الدولي، إنهم يقطعون الطريق أمام المساعدات الإنسانية من أجل خلق مجاعة وأزمة إنسانية».
وأكد ولي العهد السعودي أن «إيران ليست منافسة للمملكة العربية السعودية. جيشها ليس من بين الجيوش الخمسة الأوائل في العالم الإسلامي، الاقتصاد السعودي أكبر من الاقتصاد الإيراني، إيران بعيدة كل البعد عن مقارنتها بالسعودية».
وعن وصف المرشد الإيراني علي خامنئي بـ «هتلر جديد في الشرق الأوسط»، تمسك ولي العهد بوصفه، إذ قال إن «خامنئي هتلر الجديد في الشرق الأوسط بكل تأكيد، لأنه يريد التمدد في المنطقة ونشر مشروعه الخاص وأفكاره في الشرق الأوسط، يشبه إلى حد كبير ما فعله هتلر الذي أراد التوسع في ذلك الوقت للعديد من حول العالم، وأوروبا لم تدرك مدى خطورة هتلر حتى حدث ما حدث.
وأنا لا أريد أن أرى نفس الأحداث في الشرق الأوسط، وفيما يخص الحصول على قنبلة نووية فنحن لا نريد ذلك، ولكن إذا حصلت إيران عليها، فسنحصل عليها».
جوانب شخصية
وحول جوانب أخرى قال الأمير محمد بن سلمان: «حياتي الشخصية شيء أود أن أحتفظ به لنفسي، ولا أحاول لفت الانتباه لها، وإذا أرادت بعض الصحف أن تشرح شيئاً عن ذلك، فالأمر متروك لها. أنا شخص غني ولست فقيراً، أنا لست غاندي أو مانديلا، وعضو من الأسرة الحاكمة التي كانت موجودة منذ مئات السنين قبل تأسيس المملكة العربية السعودية.
وحياتي الشخصية هي نفسها كما كانت قبل 10 أو 20 سنة، لكن ما أفعله كشخص أنني أنفقت جزءاً من مدخولي الشخصي على الأعمال الخيرية، أنفقت ما لا يقل عن 51% على الناس و49% على نفسي. أنا شخص أعمل من بعد الظهر حتى آخر الليل مع زملائي الوزراء في مكتبي».
وحول سؤال: «عمرك 32 سنة، يمكنك حكم هذا البلد للسنوات الخمسين المقبلة؟» أجاب الأمير محمد بن سلمان: «الله وحده يعلم كم من الوقت سيعيش المرء، إذا سيعيش المرء 50 سنة أو لا، لكن إذا سارت الأمور على طبيعتها، فهذا أمر متوقع». سألت نورا أودونيل: «هل يمكن لأي شيء أن يمنعك؟» أجاب الأمير: «الموت فقط». ورداً على سؤال: «ماذا تعلمت من والدك؟».
أجاب الأمير: الكثير والكثير من الأشياء، إنه يحب التاريخ كثيراً وهو قارئ نهم للتاريخ. وفي كل أسبوع كان يعطي لكل واحد منا كتاباً، وفي نهاية الأسبوع يسألنا عن محتوى الكتاب. والملك دائماً يقول: «إذا قرأتم تاريخ ألف عام سيكون لديكم خبرة ألف عام».
من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، أنه ستتم خلال الزيارة مناقشة ملفات مهمة، بينها إيران واليمن وسوريا والعراق وليبيا ومواجهة الاٍرهاب.
الإمارات: الزيارة تعيد الثقل السياسي للعرب
أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية معالي الدكتور أنور قرقاش، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة، تعيد الثقل السياسي للعرب، فيما أكد السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، أن إيران هي «الراعي الأكبر للإرهاب»، وأنها تريد «حزب الله» آخر في اليمن، من خلال دعمها للحوثيين.وقال معالي الوزير قرقاش، في تغريدات بحسابه على «تويتر»: «تحمل زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن، بعداً عربياً مهماً، ففي منطقة مزقتها المحاور والتدخلات الإقليمية، نرى الثقل السياسي للعرب عائداً وبقوة من خلال حضور الأمير وموقع السعودية». وأضاف أنه «في زمن المحاور، يبرز رهان الإمارات على السعودية كرهان على محور العرب، في زمن نحن أحوج ما نكون فيه لاستعادة الموقع والدور، والسعودية التي تملأ المنطقة أملاً وطموحاً هي لخير العرب وعزّهم».
من جهته، أكد السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، أن إيران لا تريد زعزعة استقرار المملكة العربية السعودية فقط، بل المنطقة برمتها، ووصف طهران بأنها «الراعي الأكبر للإرهاب»، مشيراً إلى أنها تريد «حزب الله» آخر في اليمن من خلال دعمها للحوثيين.
وقال الأمير خالد بن سلمان في تصريحات لشبكة «سي إن إن»، إن «المشكلة مع إيران في سلوكها ورغبتها في التوسع»، وإنها «لا تريد زعزعة استقرار السعودية فقط، بل المنطقة برمتها».
وأضاف في التصريحات التي تتزامن مع بدء زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، أن المشكلة مع إيران في سلوكها ورغبتها في التوسع، وميليشيا الحوثي مدعومة من إيران الراعي الأكبر للإرهاب.
وشدد الأمير خالد بن سلمان بالقول: «نحن مهتمون بعمق بالأزمة الإنسانية في اليمن، ونحن أكبر المانحين لليمن وملتزمون بالعمل مع حلفائنا لإيجاد بدائل وبالتخفيف من آثار الأزمة الإنسانية». ووصف الاتفاق النووي الإيراني بالمعيب. وأردف: «لدينا رؤية جديدة (رؤية المملكة 2030) وهي رؤية تحول وطني شاملة».
وحول المرأة في المملكة، قال السفير السعودي لدى واشنطن إن «أكبر سوق أسهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تترأسه امرأة سعودية، وهذا مؤشر على مكانة المرأة في المجتمع السعودي».
ولفت خالد بن سلمان إلى أنه «لدينا رؤية طويلة المدى، وقمنا بالكثير من الإصلاحات، لكن الطريق مازال طويلاً».
يذكر أن الديوان الملكي أصدر أمس، بياناً أكد فيه أنه بناءً على توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، غادر الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، أمس، في زيارة رسمية للولايات المتحدة، يلتقي خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وعدداً من المسؤولين لبحث العلاقات الثنائية ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.