أكّد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، دور جماعة الإخوان الإرهابية في نشر التطرف والفوضى في دول المنطقة والعالم، لافتاً إلى دور تنظيم الإخوان في دعم الإرهاب بالقول:

«جماعة الإخوان المسلمين خطيرة جداً ومصنّفة في السعودية ومصر والإمارات وفي العديد من دول منطقة الشرق الأوسط على أنها جماعة إرهابية، إن المرء لا يتحوّل فجأةً من شخص عادي إلى إرهابي؛ بل يتحوّل من شخص عادي إلى محافظ قليلاً ومن ثم إلى متطرّف قليلاً ويزداد تطرفاً وتطرفاً حتى يصبح جاهزاً لأن يكون إرهابياً.

وتعدّ شبكة الإخوان جزءاً من هذه الحركة، فلو نظرت إلى أسامة بن لادن، فستجد أنه كان من الإخوان المسلمين. ولو نظرت للبغدادي في تنظيم داعش، فستجد أنه أيضاً كان من الإخوان. في الواقع؛ لو نظرت إلى أي إرهابي، فستجد أنه كان من الإخوان».


وأوضح ولي العهد السعودي في حواره مع مجلة تايم الأميركية: «هل تعلم ما هو الخطر الأعظم؟ الإخوان، ليسوا في منطقة الشرق الأوسط لأنهم يعلمون أن منطقة الشرق الأوسط تتبع استراتيجية جيدة ضدهم في السعودية ومصر والإمارات والأردن والعديد من الدول الأخرى، ولكن هدفهم الرئيس يتمثل في جعل المجتمعات الإسلامية في أوروبا متطرفة.


وأوضح الأمير محمد بن سلمان أنّ الإخوان يأملون في أن تصبح أوروبا قارة إخوانية بعد 30 عاماً، ويريدون أن يتحكموا بالمسلمين في أوروبا، من خلال استخدام جماعة الإخوان، وهذا سيشكّل خطراً أكبر بكثير من الحرب الباردة ومن تنظيم داعش ومن القاعدة ومن أيِّ أمر شهدناه خلال آخر مئة عام من التاريخ».

واستطرد: «لذا فإن محاربة التطرف لا تكون فقط في محاربة المتطرفين، ونشر الحداثة، فهذا الأمر جزء من محاربة التطرف، ولكن هنالك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها: التعرّف إلى تلك الجماعات؛ وسنّ قوانين لمحاربتها؛ وتوضيح المعايير التي نُميز من خلالها الإرهابيين. هذا لا يعني حرية التعبير. عليك الحذر لأن هذا هو الطريق الذي يوصل الناس للإرهاب».
شرور إيران
وشدّد ولي العهد السعودي على أنّ النظام الإيراني هو سبب المشكلات في الشرق الأوسط ويجري العمل لإعادة هذا النظام إلى داخل حدود إيران عبر تقليص نفوذه في المناطق التي يتدخل فيها، محذّراً من التغاضي عن ممارساته، ولفت إلى أنه لولا تدخل التحالف العربي في اليمن، لتكررت مأساة داعش في العراق.


وحول الموقف السعودي من مساعي النظام الإيراني الحصول على سلاح نووي، قال الأمير محمد بن سلمان للمحاور في مجلة «تايم»: «بإمكاني إخبارك أن الإيرانيين هم سبب المشاكل في الشرق الأوسط، لكنهم لا يشكلون تهديداً كبيراً للمملكة، ولكن إنْ لم تراقبهم؛ فقد يصبحون يوماً ما تهديداً، إنهم السبب الرئيسي في المشاكل، لكنهم لا يشكّلون تهديداً للسعودية».


وأضاف: «ببساطة إيران ليست من ضمن الدول الخمس الأكبر في المجال الاقتصادي في العالم الإسلامي، وحجم الاقتصاد السعودي هو ضعف الاقتصاد الإيراني، كما أنه ينمو أسرع بمرتين أو ثلاث مرات من الاقتصاد الإيراني، كما أن الاقتصاد الإماراتي والمصري والتركي أكبر من الاقتصاد الإيراني، وهناك الكثير من الدول الإسلامية التي تحظى باقتصاد أكبر من الاقتصاد الإيراني».


وأردف: «متى ما رأيت أي مشكلة في الشرق الأوسط فستجد لإيران يداً فيها. ففي العراق؟ كانت إيران متدخلة. وفي اليمن؟ كانت إيران متدخلة. وفي سوريا؟ كانت إيران متدخلة. وفي لبنان؟ كانت إيران متدخلة. أين هي الدول المستقرة؟ مصر؟ إيران لم تكن هناك. السودان؟ إيران لم تكن هناك. الأردن؟ إيران لم تكن هناك. الكويت؟

إيران لم تكن هناك. لذا فإن جميع الدول المستقرة تنعم بالاستقرار لأن إيران لم تتدخل فيها».
مستقبل إيران
ولفت الأمير محمد بن سلمان إلى أن «الأمر ليس فقط بين إيران والسعودية. إنه بين إيران والسعودية والإمارات ومصر والكويت والبحرين واليمن، والعديد من الدول في شتى أنحاء العالم. لذا فإن ما نريد ضمانه حقاً هو أنه مهما كان الأمر الذي يريدون فعله، يفعلونه داخل حدودهم. وقد أخرجناهم من أفريقيا بشكل قوي بأكثر من 95 في المئة.

وذات الأمر ينطبق على آسيا. وذات الأمر ينطبق على اليمن. وفي العراق، فقد شاهدنا 70 ألف مشجع يرفعون علم العراق والسعودية معاً في مباراة كرة القدم التي جرت بين المنتخبين السعودي والعراقي. لذا فإنه يتم إعادتهم إلى داخل إيران. ونحن نتمنى أن تحظى إيران كدولة وشعب بمستقبل أفضل بدون أولئك القادة. وفي حال تغير ذلك، فبالتأكيد ستكون إيران مقربة منا كما كانت عليه قبل 1979.
الملف اليمني
وحول الملف اليمني، قال الأمير محمد بن سلمان رداً على سؤال عما إذا كان التحالف العربي سيستخدم القوات البرية في اليمن، إن «الحرب بين أطراف الشعب اليمني، والحكومة اليمنية هناك تسعى جاهدة من أجل التخلص من الإرهابيين الذين اختطفوا بلادهم وحياتهم الطبيعية. وهي حربهم. ومهما كان الأمر الذي يطلبونه من السعودية أو الدول الـ 12 في التحالف، سنقدمه.

وحتى اليوم لم يطلبوا تواجد جنود على أرض المعركة». وأردف: «في حال دعت الحاجة، وفي حال طلبت منا الحكومة اليمنية ذلك، فإننا سنلبي نداء الرئيس اليمني الشرعي المنتخب والمعترف به من قبل جميع دول العالم والمدعوم من قبل مجلس الأمن».


وأضاف: «نحن نعمل مع العديد من الدول في شتى أنحاء العالم من أجل رفع مستوى قواعد الاشتباك لدينا والتأكد من عدم وجود أي وفيات مدنية في العمليات العسكرية. ويجدر الذكر أننا نحن أكبر مانح للمساعدات في تاريخ اليمن. كما أننا لا نزال نقدم أفضل ما لدينا من أجل التأكد من توفر الدعم للاحتياجات الإنسانية ومصالح العامة والرعاية الصحية والتعليم في اليمن.

ودائماً ما نقدم يد العون بشكل مباشر لأي مبادرة تقوم بها منظمة الأمم المتحدة أو أي مجموعة في شتى أنحاء المعمورة، ونسعى للعمل بشكل إيجابي في ذلك الجانب»، لكنه لفت إلى أن الأزمة الإنسانية اليمنية لم تبدأ في عام 2015، بل بدأت في عام 2014 عندما بدأ الحوثيون بالتحرك.

واستطرد: «ولكن ماذا لو لم يستجب التحالف ومجلس الأمن لنداء الرئيس اليمني والحكومة الشرعية اليمنية؟ سوف ترى اليمن منقسماً بين مجموعتين إرهابيتين، الحوثيين وهم حزب الله الجديد في الشمال، والقاعدة في الجنوب وهم يحاولون استغلال ما يحدث هناك ويحاولون النمو منذ عام 2015. وهكذا سترون اليمن منقسماً بين هاتين المجموعتين الإرهابيتين.

وكان ليكون الوضع أسوأ بكثير جداً مما هو عليه في العراق، لأنه في العراق عام 2013 لديك تنظيم داعش يستولي على نصف العراق، وفي النصف الآخر لديك حكومة شرعية مع جيش، وقد استغرق الأمر خمس سنوات للتخلص من هؤلاء الأشرار، وخلال هذه السنوات الخمس نزح الملايين من اللاجئين وحدثت الكثير من العمليات الإرهابية حول العالم.

لذلك تخيل أننا طردناهم من العراق ومنحناهم ملاذاً أفضل في اليمن بدون أي حليف ولا حكومة ولا جيش يساعدنا بداخل اليمن، كم ستستغرق عملية التخلص منهم؟ ستستغرق أكثر من خمس سنوات، ستستغرق أكثر من 10 سنوات، ستستغرق حوالي 20 سنة، وستتطلب تحالف أكثر من 60 دولة، تحالفاً أكبر من الحالي. وستعرقل 13 في المئة من التجارة العالمية عبر باب المندب.

وقد حاولت هذه الجماعات الإرهابية عرقلتها، لكنهم فشلوا بسبب جهود التحالف، هل تعرف ما معنى 13 في المئة من التجارة العالمية؟ هذا يعني 13 في المئة من تجارة الولايات المتحدة و13% من تجارة الصين و13% من تجارة جميع دول العالم، هذا يعني أن حدوث ذلك سيضر بالاقتصاد الدولي».
الحل في اليمن
وأوضح أن الحوثيين لا يهتمون بالمصالح والمصالح اليمنية، إنهم يهتمون فقط بإيديولوجيتهم والإيديولوجية الإيرانية وإيديولوجية حزب الله. أو أنهم يرغبون بالموت. هذا ما يهتمون به. ولهذا السبب من الصعب التفاوض والتوصل لحل معهم، وقد أعلنت الأمم المتحدة ذلك.

كما أن المبعوث الأممي أعلن بوضوح شديد أن من يهرب من طاولة المفاوضات هم الحوثيون. إنها ليست الحكومة اليمنية والأحزاب اليمنية الأخرى. لكن علينا بالطبع أن نفتح الباب أمامهم إذا أرادوا العودة والتفاوض.
خطآن أميركيان
رداً على سؤال بخصوص أكبر خطأ أميركي في الشرق الأوسط، قال الأمير محمد بن سلمان: «أعتقد أن أميركا اقترفت خطأين: يتمثل الأول بالدخول في العراق، إنه خطأٌ فادح.


أعتقد أنه كان ينبغي على الولايات المتحدة أن تتوقف بعد إكمال المهمة في أفغانستان وأن تركز على كيفية تحويل أفغانستان من دولة ضعيفة إلى دولة طبيعية. هذا فيما يتعلق بالخطأ الأول.
أما الخطـأ الثاني؛ فيتمثل في سحب القوات الأميركية من العراق وتفكيك الجيش العراقي. هذان هما الخطآن الكبيران اللذان تسببا في ظهور مشاكل أخرى في منطقة الشرق الأوسط».


النفوذ الروسي المباشر في سوريا يقلل سيطرة إيران

أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن «سوريا تُمثل جزءًا من النفوذ الروسي في الشرق الأوسط لفترة طويلة جدًا. ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا إيديولوجيتها، حينها بشار، سيكون دُميةً لإيران».

وأوضح أنه «من الأفضل لهُ أن يكون نظامه قويًا في سوريا، وهذا الأمر أيضًا سيكون إيجابيًا بالنسبة لروسيا. أما روسيا، فمن الأفضل لهم أن تكون لهم قوة مباشرة وأن يُمكنوا بشار ولديهم نفوذ مباشر في سوريا ليس عبر إيران.

لذلك، فإن هذه المصالح قد تُقلل من النفوذ الإيراني بشكل كبير». وأردف: «لا أعتقد أن بشار (الأسد) سيرحل دون حرب، ولا أعتقد أنه يوجد أي أحد يريد أن يبدأ هذه الحرب لما ستحدثه من تعارض بين الولايات المتحدة وروسيا ولا أحد يريد رؤية ذلك».


وحول إمكانية سحب الولايات المتحدة قواتها من سوريا قال: «نعتقد أن على القوات الأميركية البقاء على المدى المتوسط على الأقل إن لم يكن على المدى الطويل، وذلك لأن الولايات المتحدة الأميركية تحتاج لأن تمتلك أوراقًا للتفاوض وممارسة الضغط. وفي حال إخراج تلك القوات، فأنت تخسر تلك الأوراق.

هذا أولًا. أما ثانيًا: تحتاج إلى نقاط تفتيش في الممر بين حزب الله وإيران، لأنك إن أخرجت هذه القوات من شرق سوريا، فستخسر نقطة التفتيش تلك وسيساهم ذلك الممر في تصعيد أمور أخرى في المنطقة».


السعودية أكبر ضحية للفكر المتطرفمنذ عام 1979

شدد ولي العهد السعودي على أن السعودية لا تنشر أي أيديولوجية متطرفة. السعودية هي أكبر ضحية للفكر المُتطرف، وذلك ما حدث بعد 1979. وأوضح: «جميع هذه الجماعات المتطرفة، والإرهابيون الذين يستهدفون بلادنا لتجنيد المزيد من الناس، ولنشر أيديولوجيتهم في بلادنا، لأنهم يريدون نشرها في جميع أنحاء العالم انطلاقاً من أرض الحرمين.

وذلك ما حدث ولقد كنا أول وأكبر دولة تدفع الثمن. وكانت أولى العمليات حول العالم قد حدثت في السعودية وفي مصر في التسعينيات الميلادية. وأسامة بن لادن كان يتلاعب بالناس في بداية التسعينيات. ولقد طالبنا باعتقال أسامة بن لادن. لقد كان خارج السعودية. كان ينبغي أن يتم اعتقاله.

ولقد ردت صحيفة ذي إندبندنت علينا في عام 93 بقولها إن أسامة بن لادن يناضل من أجل الحرية وإنه يمارس حرية التعبير.. تم اتهامنا بأننا نقمع حرية التعبير حتى وقعت أحداث 11 سبتمبر. لذا، فإنه من الواضح جداً أننا نحن الضحايا.

ولكن من الواضح أيضاً أننا في الخطوط الأمامية لأنه لم يعد بإمكانهم التجنيد ونشر الأيديولوجية إذ لم يتمكنوا من القيام بذلك في المملكة العربية السعودية، ولذا وقفنا وخضنا الحرب».


وأوضح: «لدينا الكثير من الأمور التي ينبغي علينا القيام بها. أولًا: محاربة الإرهابيين. ثانيًا: محاربة المتطرفين؛ نحن نعامل جميع المنظمات المتطرفة في المملكة العربية السعودية كمنظمات إرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين. إن جماعة الإخوان المسلمين خطيرة جدا ومصنّفة في السعودية ومصر والإمارات وفي العديد من دول منطقة الشرق الأوسط على أنها جماعة إرهابية».