تحصد قطر ثمار خيانتها وتآمرها، وتواصل دفع ثمن مخططاتها التخريبية، لتجد نفسها في عزلة قاتلة منذ أن قررت الدول الأربع المكافحة للإرهاب، مقاطعتها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً. ويجمع أغلب المحللين على أن نظام الدوحة، واجه صدمة مزلزلة نتيجة قرار المقاطعة، حيث لأول مرة، أدرك بوضوح أنه بات غير مرغوب فيه داخلياً وخارجياً، وأضحى مسؤولو النظام لا يتحركون في أي مكان في العالم، إلا وهم يحملون على كواهلهم وصم الداعم للإرهاب والمتآمر على الأمن القومي لدول الخليج والمنطقة العربية، والمتحالف مع الأعداء.
وتشير مصادر دبلوماسية عربية إلى أن نظام الدوحة اعتمد لمواجهة عزلته دبلوماسية الشيكات وعقد صفقات تسلّح أكبر منه ومن حاجته مع الدول الكبرى، إلا أنه فشل في تبرئة نفسه مما هو مثبت عليه.
وتضيف المصادر أن القطريين يدركون أن عزلتهم ستستمر طويلاً، وهو ما أكده معالي الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، عندما أوضح في يناير الماضي أن دول المقاطعة تسعى لتجاوز ملف قطر التي «اختارت أزمتها وعزلتها».
عزلة خليجية
في الخامس من يونيو 2017، أنهت قيادة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية مشاركة قطر في التحالف لدعم الشرعية في اليمن، لتسجل بذلك إحدى أبرز مؤشرات العزلة التي وجد نظام الدوحة نفسه فيها، خصوصاً وإن القرار جاء بسبب دعم قطر ميليشيا الإرهاب في اليمن ومنها تنظيما القاعدة وداعش، وتعاملها مع ميليشيا الحوثي، ما يتناقض مع أهداف التحالف ومن أهمها محاربة الإرهاب.
وقد أكد مسؤولون خليجيون أن إخراج قطر من قوات التحالف، بعد اكتشاف غدرها لهذه القوات، عزّز فعالية وقدرات التحالف في اليمن، لأن الانقلابيين فقدوا بذلك مصدر حصولهم على معلومات حساسة. وأعاد المسؤولون إلى الأذهان خيانة الدوحة بنقل إحداثيات قوات التحالف في منطقة مأرب إلى الانقلابيين الأمر الذي أدى إلى استشهاد عدد من الجنود الإماراتيين البواسل، ونددوا بالدور القطري التآمري الذي انكشف بشكل كامل بعد الأزمة التي تسببت بها قطر مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب.
عزلة عربية
جاءت قمة الظهران العربية في أبريل الماضي حيث ظهر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى جانب القادة والزعماء المشاركين في القمة في الوقت الذي يقف ممثل قطر سيف بن مقدم البوعينين معزولاً في مشهد يكشف حجم المهانة التي وضع فيها نظام الدوحة نفسه.
وقد دفعت تلك الصور بالشيخ سلطان بن سحيم آل ثاني، زعيم المعارضة القطرية، إلى التعبير عن حزنه لوصول الدوحة إلى تلك العزلة، بسبب السياسات المتهورة لتنظيم الحمدين لأول مرة في تاريخ قطر.
وذكرت صحيفة «عكاظ» السعودية أن قمة الظهران شهدت دليلاً واضحاً على عزلة قطر منذ المقاطعة العربية التي أعلنتها دول الرباعي العربي في 5 يونيو 2017، مشيرة إلى أن الدليل على ذلك هو عدم إدراج أزمتها على جدول أعمال القمة العربية.
وعللت الصحيفة السعودية عدم إدراج الأزمة القطرية على جدول أعمال قمة الظهران بكون قطر صغيرة جدًا.
عزلة دولية
امتدت عزلة قطر إلى المنظمات والمؤسسات الدولية، ففي التاسع من يوليو 2017 نفى مكتب الادعاء العام في المحكمة الجنائية الدولية ما نسب في وسائل الإعلام القطرية من تصريحات للمدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية، فاتو بن سودا، زعمت فيها إدانتها للمقاطعة الخليجية. وأكد مصدر مسؤول في المحكمة الجنائية «أن مكتب الادعاء العام يهتم بالجوانب القانونية في الجرائم ذات الصلة بصلاحية المحكمة الجنائية الدولية، ولا يدلي بأي تصريحات سياسية».
وفي 3 مارس الماضي، نقلت قناة «الجزيرة» القطرية، المؤتمر الصحفي للمتحدثة باسم الخارجية القطرية لولوة الخاطر، في جنيف على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان؛ حيث ظهرت الخاطر وهي تخاطب الكراسي الخالية.
وسلمت ست جمعيات حقوقية مذكرة احتجاجية طالبت فيها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومقره مدينة جنيف السويسرية بطرد قطر من المجلس، وقامت بتسليمها للمفوض السامي لحقوق الإنسان، في رد مباشر منها على محاولات بالصعيد من الجانب القطري في مجلس حقوق الإنسان عندما أدلى سفير النظام القطري بكلمة أثارت حفيظة مندوبي الدول الأربع التي ردت على تلك الكلمة ببيان جاء فيه «أن على القطريين الاختيار بين أن يكونوا دولة تؤمن بمبدأ حسن الجوار او الاستمرار في انتهاك القانون الدولي والاتفاقيات والصكوك الدولية والإقليمية ذات الصلة».
عزلة اقتصادية
اقتصاديا، تأكدت العزلة التي يواجهها نظام الدوحة عندما رفض عدد من البنوك الدولية تولي عملية إصدار السندات السيادية للحكومة القطرية، في الوقت الذي يستمر مؤشر سوقها المالي في التراجع، وبدت محاولات بنكها المركزي لتلافي الأوضاع دون جدوى.
وبيّن مركز سمت للدراسات في دراسة حديثة أنه «مع إنهاء الأزمة القطرية عامها الأول، باتت هذه الدولة صغيرة المساحة، الغنية بالنفط والغاز، تسبح في مياه اقتصادية مضطربة، وهو ما أوضح مكابرة «تنظيم الحمدين» ومحاولته إخفاء الانهيار الذي تعانيه بلاده. وهذا ما يدفعنا للتوقع أن قطر على وشك انهيار اقتصادي ومالي، ومعاناة أكثر من العزلة الدولية في حال استمرت على نهجها الجاري في دعم الإرهاب، ومساندة إيران والحوثيين في اليمن، وتقديم الرشاوى والأموال والسلاح لضرب أمن واستقرار أشقائها العرب.
عزلة رياضية
رياضيا، واجهت قطر العزلة إقليميا، ما جعلها تتخلى عن تنظيم بطولة كأس الخليج في نسختها الـ23 في ديسمبر الماضي لفائدة دولة الكويت. وعلى الصعيد العالمي، تم الكشف عن فضيحة اعتماد قطر على الأموال القذرة في الفوز بتنظيم نهائيات كأس العالم 2022، حيث أكدت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أنها حصلت على عدد كبير من الوثائق تثبت تلقي بعض كبار مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم ما مجموعه خمسة ملايين دولار في مقابل دعم ملف قطر لاستضافة نهائيات كأس العالم 2022.
عزلة جغرافية
إلى ذلك تواجه قطر عزلة جغرافية مرتقبة بتحويلها إلى جزيرة مفصولة من الأراضي السعودية من خلال مشروع قناة «سلوى».
في العاشر من أبريل الماضي، أشارت تقارير صحافية سعودية إلى أن مشروع «قناة سلوى» يحمل «أكثر من رسالة: ففيما يبدو للمشروع وجه اقتصادي مثمر ومجز، عبر تنشيط هذه المنطقة وجعلها واحدة من الوجهات السياحية بالغة الأهمية، فإن له «أبعاد أمنية» حيث من شأن شق القناة أن «يعزز الأمن على الحدود، خصوصاً مع أنباء تتواتر عن إقامة قاعدة عسكرية سعودية في المنطقة».