تعز مدينة متخمة بالوجع ومليئة بالجراح الغائرة؛ ويتربص الموت والخبث على أبوابها، وتوزع ميليشيا الحوثي القهر والآلام على سكانها، وتفتح للأوجاع أبوابها.
شن الحوثيون حربهم على اليمن عموماً وتعز خاصة في مطلع العام 2015. وخلال هذه الفترة ارتكبوا العديد من الجرائم والمجازر بحق المدنيين، ودمروا منازل السكان وقتلوا أطفالهم.
قاسم مرشد، من سكان جبل جرة، كان يعيل أسرته المكونة من سبعة أشخاص من الأبناء والبنات، وكان يعمل كبائع متجول وهو مصدر دخله الوحيد. عمل بجد ونشاط من اجل توفير متطلبات الحياة لأسرته ومواجهة عوائق الحياة وصعوباتها وبنى منزله «طوبةً طوبة» ليأويه هو وأسرته.
جاءت الحرب لتثخن جراح هذه الأسرة، حيث توقفت الأعمال وتوقف مصدر دخله الوحيد، وعانى هو وأسرته كثيراً من أجل البقاء والعيش في حالة الحرب التي يعجز فيها السكان عن توفير أدنى متطلبات الحياة.
ألم الفقد
قصف الحوثيون منزله بعدد من القذائف ليتحول إلى ركام، وفقد فيها ابنه الأكبر «محمد»، ليعيش الأب «قاسم» وجع ومرارة الفقدان. وقال الأب متحدثاً لـ«البيان»: «استهدف الحوثيون منزلي بعدد من القذائف ودمروه وحولوه إلى ركام غير صالح للعيش»، لكنه يضيف أن ذلك ليست بالمشكلة مقارنة بالمصيبة الأكبر، فقدانه ابنه البكر خلال القصف.
وبعد الدمار الذي لحق بمنزلة وفقدانه احد أبنائه، نزح هو وأسرته إلى منزل أحد أقربائه، وهو الخيار الوحيد المتاح له، لكن ذلك لم يبعده عن الخطر وإنما اقترب أكثر من الخطر، حيث قال إن لم يكن لديه خيارات سوى النزوح ولم يملك المال لذلك لجأ إلى أحد المنازل القريبة من منزله السابق والذي يعود ملكيته لأحد أقاربه.
إلا أن قربه من الخطر لم يزده إلا وجعاً حيث أصبح هو و أفراد أسرته في مرمى قناص ميليشيا الحوثي المتمركز في منطقة الزنوج، وحاول حمايتهم بعمل سواتر ترابية، إلا أن قناص ميليشيا الحوثي قام باستهداف طفلته «هنادي» ذات السبع سنوات في ظهرها، لتعاني من شلل نصفي جعلها قعيدة لا تقوى على الحركة.
وتقول والدة الطفلة هنادي إن الحوثيين أدموا قلبها بفقدان ولدها وزادوه وجعاً بقنص طفلتها الصغيرة وحولها إلى مقعدة، لاتقوى على الحركة وممارسة طفولتها مثل بقية الأطفال في سنها.
أمل بالمستقبل
وجع وقلة حيلة وفقدان. هذا ما تركته ميليشيا الحوثي في أسرة «قاسم» الذي ما زال يعيش في نفس المنزل المستهدف ولايستطيع أن ينتقل إلى أي مكان آخر، كل هذه الخسائر تتجمع في أسرة واحدة.. خسروا منزلهم...ولدهم.. وأخيراً ابنتهم.
علق قاسم على حاله بالقول: «حالتي لا تحتمل المزيد من الوجع، أعاني في توفير علاج ابنتي وتوفير العيش لأسرتي من أجل البقاء، وأحاول حمايتهم من الموت المتربص بهم، وما يدفعني للصبر هو الأمل بان القادم قد يحمل لنا الأفضل من واقعنا الحالي»، قال ذلك فيما كان يحدق بأحد أطفاله الذي كان يراقبه بابتسامة.