في زمن الحرب التي تشنها ميليشيا الحوثي الإيرانية، تُنتهك البراءة وتُغتصب الطفولة ويطغى الوجع، وتغيب الابتسامة ويحل مكانها البؤس والتشرد والضياع، أطفال فقدوا عالمهم ويجهلون أي ذنب اقترفوه ليلقوا هذا المصير، هكذا هي الطفولة وسط القذائف والرصاص.
تعيش أسرة جميل جسار في الجرف بمنطقة الضباب، وهي منطقة تبعد أكثر من عشرة كيلومترات من مواقع المواجهات وتعتبر منطقة آمنة نسبياً. يعمل الوالد وابنه الأكبر، جمال، في مزرعتهم وهي مصدر دخلهم وسندهم في مواجهة متطلبات الحياة يعولان أسرة مكونة من 5 أشخاص.
جاءت الحرب الحوثية وتوقفت الأعمال وضعف مصدر دخلهم وتضاعفت معاناتهم معها ولكنهم صمدوا أمام هذه التحديات واستمروا بالعمل من اجل توفير أدنى متطلبات الحياة.
فقدان وألم
في يوم مشؤوم في تاريخ هذه الأسرة في الخامس عشر من أغسطس الماضي، خرج الأب جميل مع ابنيه، جمال (17 عاما) وماجد (23 عاماً) إلى احد الأسواق القريبة للتبضع وشراء احتياجاتهم. وبينما هم في طريق العودة، استهدفتهم قذيفة أطلقتها ميليشيا الحوثي المتمركزة في جبل المنعم، أدت إلى مقتل الأخ الأكبر «ماجد» وبتر قدمي الفتى «جمال» وإصابة إحدى يديه. فقدت الأسرة أحد أعمدتها وفقد الطفل ماجد طفولته وأصبح محطماً وعاجزاً عن ممارسة أدنى متطلبات الحياة.
يقول جميل جسار لـ«البيان»: وصلني خبر مقتل ولدي ماجد وإصابة ولدي الآخر جمال وأنا خارج المنزل، وصل لي الحدث كالصاعقة، دخلت في دوامة من الحزن والصدمة، فقدت ولدي وسندي ومن يعينني في الحياة والعمل، وأصغر أولادي مبتور القدمين.
صدمة
لم تستطع الأم زيارة ولدها ماجد في المستشفى من هول الصدمة، فقدت ابنها الأكبر وابنها الأصغر في حالة يرثى لها. ويقول الأب إن زوجته حاولت زيارة ولدها في المستشفى، وعندما وصلت إلى بوابة الغرفة أغمي عليها قبل أن ترى ولدها، وتم إعادتها إلى المنزل دون لقاء.
وقالت الناشطة الحقوقية حياة الذبحاني لـ«البيان» ما حدث للطفل جمال جميل لا تستطيع الكلمات أن تصف حجم المعاناة والألم، كان يعيش طفولته الكاملة واليوم حولته ميليشيا الحوثي الإجرامية إلى معاق، وهذا جزء بسيط من الجرائم التي تقوم بها بحق المدنيين في تعز. هذه الميليشيا مستمرة في إجرامها وارتكاب القبح الأسود بحق الأطفال والمدنيين العزل، ولن يكون «جمال» الطفل الأخير، سيكون هناك ضحايا قادمون فهذه ميليشيا لا تعرف الإنسانية.