في أحد شوارع العاصمة اليمنية صنعاء وعلى سيارة متهالكة يقف جميل الضابط في قوات الجيش جوار أحد المستشفيات بحثاً عن زبائن، ليغطي احتياجات أسرته إذ إنه ومنذ عام طردته ميليشيا الحوثي من عمله وصادرت راتبه، بعد أن رفض الذهاب إلى جبهات القتال.
ولأن الميليشيا التي تواجه حالياً أزمة في المقاتلين مع الخسائر الكبيرة، التي تتعرض لها في الجبهات فإنها عادت لملاحقة المسرحين من الخدمة وإغرائهم بالمال في ظل حالة الفقر، التي اجتاحت ملايين اليمنيين، بسبب الحرب التي فجرتها هذه المليشيات إلا أن ذلك لم يكن حافزاً للكثيرين للعودة إلى وحداتهم رغب بؤس الحال وتردي الأوضاع المعيشية.
مواجهة الميليشيا
جميل أحمد علي الذي تجاوز الأربعين من العمر بقليل كان واحداً من زملائه، الذين رفضوا القتال في صفوف الميليشيا عقب الانقلاب وغادر وحدته العسكرية وبمساعدة من أقربائه وزوجته، التي تبرعت بمجوهراتها، اشترى سيارة قديمة للأجرة، ليستطيع توفير متطلبات أبنائه الأربعة، وطوال ثلاث سنوات اعتمد عليها في تغطية نفقات معيشته وأسرته.
ولكن بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار الوقود في زمن الميليشيا والتي زادت بنسبة فاقت المائة والخمسين في المائة وزاد من تراجع مدخوله حالة الفقر التي سببتها الميليشيا، وعدم قدرة الزبائن على استخدام سيارات الأجرة، حاولت إيمان زوجة جميل مساعدته والتحقت بدورات لتعلم تصفيف الشعر «الكوافير»، وبدأت باستقبال النساء في بيتها بأدواتها البسيطة المتواضعة، التي جمعتها من أقربائها وتبرع بعض صديقاتها.
معاناة
عانى الرجل الذي كان يحمل رتبة مقدم وزوجته من بؤس الحياة وصعوبة العيش، وواجها انتقادات أسرية، لرفضه العودة إلى وحدته العسكرية، التي بدأت الميليشيا صرف رواتبها للفترة السابقة في مقابل التحاق منتسبيها بالقتال في جبهة الساحل الغربي، كما طال الانتقاد زوجته التي حولت منزلها إلى صالون للحلاقة والتجميل لكنهما تحديا هذه الضغوط.
حتى اليوم حافظ جميل على صلابته يستيقظ باكراً للبحث عن زبائن، فيما تتولى إيمان مهمة تجهيز احتياجات بيتها قبل أن يحين موعد حضور زبائنها، وفيما يعود جميل من عمله مع بداية المساء بعائد مالي متواضع، تبذل زوجته جهداً مضاعفاً مع زبائنها لتغطية بقية احتياجات الأبناء الأربعة ومتطلبات البقاء على قيد الحياة.