استعرضت المحامية والناشطة الحقوقية اليمنية هدى الصراري في ندوة عُقدت في الأمم المتحدة بجنيف في إطار أعمال الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان انتهاكات ميليشيا الحوثي في الحديدة.
وأكدت تفاقم الوضع الإنساني في الحديدة عموماً والمدينة وبعض المديريات خلال النصف الأول من العام الجاري 2018، حيث تعمدت ميليشيا الحوثي تخريب البنية التحتية للخدمات فحفرت أكثر من 150 خندقاً في شوارع مدينة الحديدة والخطوط المؤدية الى المدينة بعمق 10 أمتار وبعرض لا يقل عن 5 أمتار على امتداد الشوارع الإسفلتية، وصاحب ذلك تخريب شبكات المياه والصرف الصحي وخطوط الكهرباء في معظم شوارع المدينة واتخذوا عشرات الآلاف من الأسر كدروع بشرية، الأمر الذي تحرّمه المواثيق الدولية والمحلية كافة، ويظهر ذلك من خلال إدخال الأسلحة الثقيلة كمدافع الهاون والكاتيوشا وغيرها من الأسلحة في الأحياء السكنية، واعتلاء المباني الحكومية والعمارات السكنية المرتفعة وتخزين الأسلحة فيها وصعود القناصة على أسطح تلك المباني، ما أثار الهلع في قلوب المواطنين ودفعهم للنزوح الاضطراري وترك منازلهم والبحث عن مأوى أمن في مناطق ومحافظات أخرى.
قصف متعمد
وأوضحت الصراري أنه في مديريات حيس والخوخة والتحيتا والدريهمي يتعرض اليمنيون، نساء وأطفال ومسنون، يومياً لقصف متعمّد بالهاون والكاتيوشا والمدفعية من قبل ميليشيا الحوثي، ما يجعلهم يعيشون حالة من الهلع والخوف الدائم، وطبقاً للأرقام والإحصائيات الأولية التي توصل إليها فريق تحالف رصد بمحافظة الحديدة فإن 226 مدنياً قتلوا خلال النصف الأول من العام الجاري، بينهم 46 طفلاً و49 امرأة، فيما أصيب 164 آخرون، بينهم 39 طفلاً و30 امرأة، بالإضافة إلى تهدم وتدمير عدد 75 منشأة خاصة ما بين منازل وسيارة وغيرها، وتضرر 46 منشأة عامة توزعت بين مرافق صحية وتعليمية ومرافق خدمية ومقرات حكومية وخزانات مياه عامة.
حالات الاختطاف
وتناولت الصراي ما سجله فريق تحالف رصد بمحافظة الحديدة خلال الفترة ذاتها 102 حالة اختطاف واختفاء قسري وتعذيب تعرض لها مدنيون، بالإضافة إلى حالة وفاة تحت التعذيب داخل سجون ميليشيا الحوثي المسلحة.
وبيّنت أن مديرية الدريهمي التي لا تزال تحت قذائف الموت، كان نصيبها أكثر من غيرها، حيث زرعت ميليشيات الحوثي الألغام على محيط مركز المديرية من كل الاتجاهات، كما احتلت أسطح المنازل والمباني العامة ووضعت القناصة عليها، كما حاصرت السكان المدنيين من نساء وأطفال ومنعتهم من النزوح والبحث عن مكان آمن، فكانوا في مواجهة الموت المتعدد، إما بالألغام التي زرعتها الميليشيا حول مركز المدينة أو بالقصف المتعمّد بأسلحة متعددة أو بالقنص، حيث تشير البيانات إلى أن 139 يمني تعرضوا للقتل والإصابة من الألغام التي زرعتها ميليشيا الحوثي، وأن عدد القتلى 62 بينما المصابين بلغوا 77، منهم 69 نساء وأطفال كان آخرها استهداف أطفال ونساء بني دحفش، حيث استهدفت السيارة التي كانت تقل ثلاث أسر مجموع أفرادها 21 شخصاً، منهم 16 طفلاً وثلاث نساء ورجلين، عند محاولتهم النزوح من قرية دحفش بالدريهمي هرباً من الحصار والقصف.
موجة نزوح
قالت الناشطة الصراري أن محافظة الحديدة شهدت أكبر موجة نزوح خاصة خلال الشهرين الماضيين، حيث بلغ عدد النازحين منها إلى محافظات أخرى بينها (تعز، عدن، إب، صنعاء، مأرب) نحو 5000 أسرة، غير أن الموت ظل يطاردهم إلى داخل مخيمات النزوح في تلك المحافظات، ومن لم يمت جوعاً مات بقنبلة يدوية أو عبوة ناسفة على يد مجهولين مثلما حدث في العاصمة المؤقتة عدن، ومن كتب له الحياة من أولئك النازحين الهاربين من الموت والجوع وغلاء المعيشة، وجد نفسه عرضة لابتزاز وجشع سائقي سيارات الأجرة ومكاتب العقارات وأصحاب البيوت وتجار التجزئة على غرار ما حدث مع النازحين إلى محافظتي صنعاء وإب وغيرهما من مناطق سيطرة ميليشيا الانقلاب، ما اضطر معظم تلك الأسر النازحة إما للعودة إلى مدينة الحديدة أو افتراش الأرصفة والشوارع في تلك المحافظات التي نزحت إليها.