حقق الضغط العسكري لقوات التحالف وقوات الجيش اليمني على الحوثيين في الحديدة، انتصاراً سياسياً بانتهاء محادثات السويد أمس باتفاق نص على انسحاب ميليشيا الحوثي من المدينة وموانئها وفتح ممرات إنسانية إلى تعز، وتبادل أسرى.

وفيما كشفت الأمم المتحدة عن جولة أخرى من المفاوضات أواخر يناير المقبل معتبرة أن الاتفاق يعني الكثير لليمنيين والعالم بأسره، من المنتظر تقديم نتائج المحادثات لمجلس الأمن الدولي اليوم.

وأعلن أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، أمس، التوصل إلى اتفاقات عدة خلال مشاورات السويد بشأن اليمن.

وقال غوتيريس إنّ الطرفين توصّلا إلى اتفاق بشأن الحديدة ومينائها، يقضي بإخراج الميليشيا من الميناء، ووقف إطلاق النار. وأضاف: «كما توصلنا إلى تفاهم مشترك فيما يخص تعز، وهذا سيؤدي إلى فتح ممرات إنسانية وإدخال مساعدات»، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ستلعب دوراً في هذا الشأن.

وأردف غوتيريس: «هناك وقف لإطلاق النار أعلن عنه في محافظة الحديدة بأكملها في الاتفاق، وسيكون هناك انسحاب للميليشا من المدينة والميناء»، مؤكّداً أنّ المنظّمة الدولية ستتولى دور مراقبة رئيسي للغاية في الميناء.

ووفق تصريحات المسؤول الأممي، فستكون هناك مرحلتان للانسحاب من قبل الطرفين وبجدول زمني محدد، موضحاً أنّهم ركزوا على ملف الحديدة لأهمية هذه المحافظة استراتيجياً من جميع الجوانب.

وقال إنّ الحديدة هي محور المشكلات، والاتفاق حولها يثبت أننا ما زلنا على استعداد لملء الكوب بالماء، حتى يكون هناك سلام شامل وحل سياسي في اليمن، مبيناً أنهم لم يصلوا بعد إلى ملء الكوب، إلا أنّهم مصرون على مواصلة جهودهم نحو ذلك، والجميع يعرف أن نقطة البداية هي الحديدة.

وأردف: «لا أستطيع أن أعرف ما سيقرره مجلس الأمن، وأتمنى أن يكون هناك قرار قوي وفقاً للاتفاق الذي توصلنا إليه لعمل آلية مناسبة». وأكد غوتيريس أنّ الطرفين اتفقا على فتح الممرات في محافظة تعز وتخفيف حدة التوتر فيها، لإيصال المساعدات إليها.

مشيراً إلى أنّه تم الاتفاق على وضع إطار عام لتنفيذ كل ما تم التوصل إليه خلال هذه المشاورات. وقال: «هناك إشارات واضحة أن الاتفاقية سوف تنفذ على أرض الواقع ونحن نتحدث عن أمور ملموسة، وهناك مرفق للاتفاقية سيطرح على مجلس الأمن».

أهمية انسحاب

ومنذ انطلاق العمليات في محافظة الحديدة، دأب التحالف العربي والحكومة اليمنية على التأكيد على أهمية انسحاب ميليشيا الحوثي من المدينة، ومن الميناء الذي حوله الحوثيون المرتبطون بإيران إلى منصة لتهديد الملاحة في البحر الأحمر واستلام الأسلحة الإيرانية.

وإصرار التحالف على تحرير الميناء وهو شريان الحياة بالنسبة للملايين، يأتي أيضا في إطار حرصه على إيصال المساعدات إلى اليمنيين بعد أن كانت الميليشيا تعمد إلى نهبها والتحكم بها، الأمر الذي تسبب في أزمة إنسانية حادة.

جولة أخرى

وأعرب غوتيريس خلال الجلسة الختامية للمباحثات في السويد، عن سعادته بالتقدم الذي حققته المشاورات اليمنية، قائلاً: «مستقبل اليمن في أيديكم، لدينا فرص يجب اغتنامها، كانت محادثات صعبة لكننا حققنا نتائج إيجابية»، لافتاً إلى أنّ العام المقبل سيشهد تبادلاً للأسرى، ما سيسمح لآلاف اليمنيين بالعودة إلى أسرهم.

وكشف غوتيريس عن أنّه سيتم عقد جولة أخرى من المفاوضات بين الحكومة اليمنية والحوثيين أواخر يناير المقبل، كي تكون الأطراف جاهزة للتقدم في الملفات التي لا تزال موضع خلاف «ملف مطار صنعاء، والملف الاقتصادي».

مضيفاً: «نحن على استعداد لترتيب جدول الأعمال، وهذا ضروري لحل الأزمة». ولفت إلى أنّ ما توصلت إليه مشاورات السويد يعني الكثير للشعب اليمني، وسيحسن مستوى معيشتهم، فضلاً عن أنّه خطوة كبيرة نحو السلام وحل الصراع. واعتبر غوتيريس أنّ الاتفاق بين الوفدين اليوم يعني الكثير لليمنيين وللعالم بأسره.

إنجاز

في السياق، شدّد وزير الخارجية اليمني، ورئيس الوفد الحكومي لمشاورات السلام بالسويد، خالد اليماني، على أنّ اتفاق الحديدة إنجاز كبير، باعتبار عودة الحديدة للسلطات الشرعية عبر مؤسسات الدولة. وقال اليماني في مؤتمر صحافي: «حققنا أول خطوات باتجاه السلام في بلادنا، لأول مرة في تاريخ الانقلاب تقبل ميليشيا الحوثي الانسحاب من موانئ الحديدة».

مشيراً إلى أنّه لم يتم التوصّل إلى اتفاق بشأن الملف الاقتصادي بسبب تعنّت ميليشيا الحوثي. وأوضح اليماني أنّ الحكومة الشرعية ستعمل على تقديم الخدمات لكل أبناء الشعب اليمني.ووفق مصادر حكومية يمنية، فإنّ اتفاق الحديدة يقضي بانسحاب ميليشيا الحوثي من المدينة والميناء خلال 14 يوماً، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها.

وأكدت المصادر أنّ الاتفاق ينص أيضاً على انسحاب الميليشيا من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء، في مرحلة أولى خلال أسبوعين.

تقديم نتائج

بدورها، قالت وزيرة الخارجية السويدية، مارجوت فالستروم، إنّه سيتم تقديم نتائج هذه المشاورات اليوم الجمعة لمجلس الأمن الدولي، لافتة إلى أنّه من المهم أن يضع المجتمع الدولي قضية اليمن في مقدمة أجندته.

وأكدت فالستروم أنّ هناك اتفاقاً على الخطوة المقبلة من المشاورات، معبرة عن سعادتها بالعمل مع الأمين العام للأمم المتحدة في هذه القضية. وأبدت وزيرة خارجية السويد استعداد بلادها لاستضافة المشاورات مرة أخرى في السويد.

في الأثناء، كشف السفير السعودي لدى اليمن، أنّ إجراءات تنفيذ اتفاق الحديدة ستبدأ اليوم الجمعة.

إشادة

إلى ذلك، اعتبر سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، لدى اليمن، المشاورات بين ممثلي الحكومة الشرعية والمليشيا الحوثية، خطوة أولى حاسمة نحو إنهاء الصراع في اليمن، ومعالجة حالة الطوارئ الإنسانية والتصدي للتدهور الحاد في الاقتصاد الوطني.

وفي بيان صدر عن السفراء الخمسة لدول روسيا، فرنسا، بريطانيا، الصين والولايات المتحدة، أثنى السفراء على الانخراط والتعاون مع المبعوث الخاص لتحقيق تقدم في عدد من المجالات المهمة التي سيكون لها تأثير إيجابي فوري على حياة الشعب اليمني، التي ستعمل كذلك على بناء الثقة بين الأطراف من أجل تسوية سياسية شاملة دائمة.

وأشار بيان السفراء إلى أنّ التطورات تشمل الاتفاق على خطط لتهدئة التصعيد في الحديدة وتعز والإفراج عن السجناء وإشراك الطرفين في المناقشات بإطار محدد ليكون بمثابة خارطة طريق للتشاور والتفاوض في المستقبل.

وأضاف البيان: «كما لاحظنا كذلك الخطوات الإيجابية التي اتخذتها الأطراف للتوصل إلى حلول لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اليمني وإعادة فتح مطار صنعاء، مشيداً بإصرار ومثابرة المبعوث الخاص في توجيه المحادثات بنجاح ومساعدة الوفدين على إيجاد أرضية مشتركة».

أبرز بنود الاتفاق

* وقف فوري لإطلاق النار في محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

* إعادة انتشار مشترك للقوات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى والحديدة إلى مواقع خارج المدينة والموانئ.

* الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية إلى محافظة ومدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

* إنشاء لجنة تنسيق إعادة انتشار مشتركة ومتفق عليها برئاسة الأمم المتحدة تضم أعضاء من الطرفين لمراقبة وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار.

* يقدم رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار تقارير أسبوعية لمجلس الأمن حول امتثال الأطراف لالتزاماتها في الاتفاق.

* إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار على عمليات إعادة الانتشار والمراقبة وعملية إزالة الألغام.

* تعزيز وجود الأمم المتحدة في مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

* دور قيادي للأمم المتحدة في دعم الإدارة وعمليات التفتيش للمؤسسة العامة لموانئ البحر الأحمر اليمنية في موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى.

* إيداع كل إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في البنك المركزي اليمني من خلال فرعه الموجود في الحديدة.

كما يقضي الاتفاق بأن يتم انسحاب الميليشيات من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء خلال 14 يوماً من موعده، مع إعادة انتشار القوات الحكومية جنوب الخط، إضافة إلى الانسحاب الكامل للحوثيين من مدينة الحديدة في المرحلة الثانية إلى مواقع خارج حدودها الشمالية خلال 21 يوماً من موعده.

كذلك أشار الاتفاق إلى أن مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تقع على عاتق قوات الأمن وفقاً للقانون اليمني ويجب احترام المسارات القانونية للسلطة وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها بما فيها المشرفون الحوثيون.

ترحيب مصري

رحبت مصر بالاتفاقات والتفاهمات التي تم الإعلان عنها اليوم بين الأطراف اليمنية، في ختام مشاورات السويد، اتصالاً بكل من مدينة وميناء الحديدة والصليف ورأس عيسى.

وتبادل الأسرى، ومدينة تعز. وأشاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، أمس، بما توصلت إليه الأطراف اليمنية، معتبراً ما تحقق خطوة هامة ورئيسية في إطار التوصل لحل سياسي شامل، وفقاً للقرار الأممي 2216 وسائر المرجعيات ذات الصِّلة بالحل المنشود في اليمن.

واختتم البيان، بتثمين الجهود الدولية والإقليمية والأممية التي بُذلت في سبيل تحقيق اتفاقات وتفاهمات مشاورات السويد، مع التشديد على أهمية استمرار الروح الإيجابية السائدة حالياً على المشهد اليمني، والتزام الأطراف اليمنية بتنفيذ ما تم التوصل إليه، وذلك لرفع المعاناة عن الشعب اليمني.

اجتماع

عقد وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، أمس، اجتماعاً مع وفد ميليشيا الحوثي، على هامش محادثات السلام في السويد، في أول لقاء لوزير بريطاني مع الحوثيين منذ بداية الحرب في 2014.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية على حسابها على «تويتر»: «اجتمع هانت في السويد بالحكومة اليمنية ووفد الحوثيين، لتأكيد ضرورة مواصلة جميع الأطراف الجهود للوصول إلى حل سياسي». ووفق وزارة الخارجية، فإن هذه أول مرة يجتمع فيها وزير بريطاني بمسؤولين من الميليشيا منذ اندلاع الصراع في اليمن.

مصافحة

صافح وزير الخارجية اليمني، الذي يترأس وفد حكومته في محادثات السلام اليمنية في السويد، رئيس وفد المتمردين الحوثيين في ختام محادثات السلام اليمنية، أمس.

وصافح الوزير خالد اليماني، رئيس وفد ميليشيا الحوثي، محمد عبد السلام، وسط تصفيق حاد في ختام محادثات السلام التي عقدت في السويد بوساطة الأمم المتحدة، أمام الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والمبعوث الأممي مارتن غريفيث.

إعادة إعمار

شارك وفد وزارة الأشغال والطرق اليمني، أمس، في أعمال الدورة 35 لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب المنعقدة في مملكة البحرين. وأكد مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب، على دعم مجهودات إعادة إعمار الجمهورية اليمنية في مختلف المجالات.