تعيش تونس أزمة في السلطة التنفيذية ناجمة عن تصادم بين الرئيس الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد، لكنّ الخطورة في الانعكاسات. فالخلاف الشخصي تحوّل إلى صراع بين مؤسستي رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية، ما أدخل تونس في أزمة سياسية.
ويبقى الصراع في الأساس صراعاً داخلياً بين يوسف ونجل السبسي، حافظ، حول التمكن من الحزب في مرحلة أولى، لكن الصراع توسع ليشمل مؤسس الحزب الذي وقف إلى جانب ابنه فكانت النتيجة انقسام من تبقى في حزب النداء بين تابع للسبسي وموالٍ للشاهد.
واعترف الشاهد بوجود خلافات بينه وبين السبسي، وقال في حوار تلفزيوني إن العلاقة بينهما تغيرت بعد كلمته الذي تطرق فيها إلى تجاوزات المدير الفني لحزب نداء تونس، حافظ السبسي، لكنه يتعامل مع مؤسسة الرئاسة وفق القانون والدستور، لافتاً إلى «أن نجل السبسي دمّر حزب نداء تونس، ويريد العبث بالدولة، لكنه لن يسمح له بهذا العبث» على حد تعبيره.
وتابع الشاهد، إنه يرفض ما وصفه بـ«العبث الذي يقوم به حافظ السبسي» في إشارة إلى عمق الخلاف بينه وبين القيادة الحالية لحزب حركة نداء تونس، والتي أثرت على العلاقة بين القصرين: قصر الرئاسة في قرطاج، وقصر الحكومة في القصبة، ووصلت بها إلى حد اللاعودة وفق المراقبين الذين يستدلون على ذلك، بامتناع الرئيس السبسي عن توجيه دعوة إلى الشاهد لحضور مأدبة العشاء التي أقامها الأسبوع الماضي على شرف الرئيس السنغالي ماكي سال خلال زيارته الرسمية للبلاد.
رد غاضب
وقد توجه الأمين العام لحركة نداء تونس سليم الرياحي المقيم حالياً خارج البلاد، برسالة عبر موقع التواصل الاجتماعي إلى يوسف الشاهد بعد بث حواره التلفزيوني، مساء أول أمس، دعاه من خلالها إلى الاستقالة والاعتذار، وجاء في هذه الرسالة أنه «وسط كل هذه الرداءة التي أصبحنا عليها، والحصيلة الكارثية على كل المستويات اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وأجواء الانقلاب على الشرعية والمؤسسات، وحالة اليأس التي بُثّت في قلوب التونسيين، وكل الأرقام المخيفة لاقتصادنا وماليتنا، يكون القرار الأنسب ليوسف الشاهد هو الاعتذار والاستقالة».
تحالف مقابل قطيعة
وبحسب أغلب المهتمين بالشأن التونسي، فإن الشاهد الذي يتحالف حالياً مع حركة النهضة الإخوانية، ويستعد للإعلان عن تشكيل حزب سياسي جديد يتكون بالأساس من المنشقين عن نداء تونس، وبقاعدة برلمانية تتمثل في كتلة الائتلاف الوطني التي تم إحداثها مؤخراً، دخل في مواجهة حادة مع الرئيس السبسي، الذي كان وراء ترشيحه لرئاسة الحكومة بعد الإطاحة بحكومة الحبيب الصيد في صيف 2016.
وأن هذه المواجهة ستزيد من حالة الانقسام في صفوف التيار المدني الديمقراطي الذي تشكل في العام 2012 لإحداث التوازن مع قوى الإسلام السياسي بعد هيمنتها على المشهد العام في البلاد بعد انتخابات المجلس التأسيسي في أواخر العام 2011. وقد أدى وقوف النهضة إلى جانب الشاهد، ورفضها دفعه إلى الاستقالة أو سحب الثقة منه تحت قبة البرلمان، إلى قرار السبسي بإعلان القطيعة معها.
وفي هذا السياق، دافع الشاهد عن تحالفه مع حركة النهضة، قال إنه وجدها في الحكم قبل وصوله إلى رئاسة الحكومة، وأن على من يريد استبعادها من السلطة، أن ينتصر عليها في الانتخابات، وفق تعبيره.