طوال أربع سنوات من انقلاب ميليشيا الحوثي على الشرعية واجتياحها للمحافظات اليمنية، ظلت مديرية كُشر، الواقعة غرب محافظة حجة، قلعة حصينة ومنيعة، تفيض قممها الشاهقة حرية وسلاماً على أهلها واللاجئين إليها، بعيداً عن سطوة وسيطرة الجماعة الإيرانية.
في الشهر الماضي، صحا أهل كُشر على أجواء حرب كانوا قد تخلصوا منها منتصف العام 2012 ولم يتوقعوا يوماً أن تعاود زيارتهم من جديد، لولا إصرار ميليشيا الحوثي على تكرار أعمالها العدائية ضد قبائل حجور بعد ثماني سنوات من هزيمتها على أيديهم.
أدركت الميليشيا الخطر الذي تشكله عليها جبال كُشر المحررة والمطلة على مواقعها من جهة الشرق بعد وصول قوات الشرعية إلى مديريات حيران وحرض وأطراف مستبأ، إذ بات عليها مواجهة الجيش الزاحف من الساحل الغربي وترك ظهرها مكشوفها لقبائل حجور.
وهو الأمر الذي بدأ الحوثيون التنبه له مؤخراً واستلزم أن يتولى الرجل العسكري الأول في الجماعة أبو علي الحاكم، الإشراف على هذا الملف وإعداد الخطط للتخلص من خطره المحتمل، حيث كانت اجتماعاته السرية خلال الأشهر الماضية بممثلي الحوثي من كُشر والمديريات المجاورة لها وإغرائهم بالأموال والمناصب هي أول الخطوات على هذا الطريق الدموي الإرهابي والتي نتج عنها حملة عسكرية مدججة بمختلف الأسلحة المنهوبة من معسكرات الدولة لحصار واجتياح المديرية.
فرت ميليشيا الحوثي من قرى وأسواق مديرية كُشر بعد معارك شرسة سقط فيها ما يقرب من 600 عنصر من مسلحيها ونحو 150 من رجال القبائل. وما إن أدركت الميليشيا حقيقة فشلها الذريع في تطويع أهالي كُشر حتى سارعت إلى تلغيم بيوتهم ومزارعهم، ليسقط العشرات من ذويهم وأهلهم الذين جاءوا لانتشال جثثهم بعد انتهاء الحرب.
وذكر الشيخ دغشر يحيى دغشر، أحد وجهاء قبائل حجور، في تصريح لـ«البيان»، أن الحرب التي تزمع ميليشيا الحوثي شنها على أبناء قبيلته ليست جديدة، بل إنها تعد لها منذ وقت طويل، وتهدف لتركيع أهالي مديرية كُشر الذين ظلوا خارج سلطتها، وأضاف دغشر: منذ أواخر حرب صعدة إلى محاولة اقتحام مديرية كُشر في 2011 عجز الحوثيون عن دخولها ومد نفوذهم عليها في الوقت الذي خضعت لهم معضم محافظات الجمهورية والألوية العسكرية بكامل عتادها، لكنهم لم يتمكنوا في كُشر حتى من تأمين مشرف يمارس عمله داخل المديرية وبالذات في الوقت الراهن الذي يقدم فيه أهلنا قوافل من المقاتلين مع قوات الشرعية في حيران ومحور حرض ومختلف الجبهات، وقد حققوا انتصارات فاجأت الميليشيا وأذاقتها مرارة الهزائم، ولذلك يحسب الحوثيون ألف حساب لقبائلنا التي ثارت على حكمهم وبقيت تنعم بالحرية حتى الآن.