في ظروفٍ استثنائية صعبة يعيشها اليمن جاء التحالف العربي لاستعادة الشرعية ليرسمَ ملحمةً تاريخية هدفها إنقاذ البلد من السقوط في شَركِ المخططات الإيرانية ومستنقع التبعية لنظام الملالي الذي سعى عبر الميليشيات الانقلابية كي يجد لنفسه موطئ قدم يُحقق من خلالها طموحاته الإقليمية التوسّعية.. فعلى الصعيد العسكري تمكّن التحالف من كبح جماح الميليشيات الحوثية وتحقيق نجاحات واسعة وحاسمة يُشار إليها بالبنان في تحرير العديد من المناطق والمحافظات، وخنق الحوثيين وسد منافذ الدعم والتمويل التي يعتمدون عليها في مخططاتهم.

وذلك من خلال ما قدّمه من دعمٍ وإسناد لقوات الشرعية اليمنية، حتى وصلت المعارك إلى مشارف صنعاء وفي قلب صعدة التي تعتبر أحد أهم معاقل الانقلابيين، وقد تم فرض واقع ميداني جديد على الأرض، في عام 2018 على نحو خاص، بعد اختراق تحصينات ميليشيا الحوثي في واحدة من أبرز الجبهات التي تعتبر «شريان حياة» للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران وهي «الساحل الغربي».

سياسياً، نجح التحالف العربي في فضح ممارسات ميليشيا الحوثيين وإقناع العالم بقضية اليمنيين العادلة وبشرعية الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي، ومواجهة ما يُمارسه الانقلابيون الحوثيون من تضليل وأكاذيب، ما رجّح كفة الشرعية في المنظمات والمحافل الدوليّة، وما أجبر أيضاً الحوثي -بعدما أيقن هزائمه الميدانية- على الجلوس على طاولة المفاوضات، وذلك بعد خنقه داخلياً (على الأرض) وخارجياً.

ذلك إضافة إلى ما قدّمه التحالف على الصعيد الإنساني والإغاثي، وبصورة خاصة ما قدّمه مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي من دعمٍ سخي لليمنيين، لا سيما منذ تحرير عدن منتصف عام 2015.

جاء تدخل التحالف العربي -بعد انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014 على الحكومة الشرعية- منقذاً لليمن، فقبل مارس 2015 امتدت سيطرة الحوثي إلى صنعاء فعدن مروراً بتعز وقد وسعوا نطاق سيطرتهم إلى مناطق أخرى بما في ذلك المناطق الجنوبية، حتى استعادت قوات الشرعية مدعومة بالتحالف العربي بعد ذلك 85% من الأراضي اليمنية، ولقنت الحوثي دروساً قاسية، وبموازاة ذلك حققت انتصارات قوية على الإرهاب.

نجاحات متواصلة

التحالف الذي بدأ عملياته في 25 مارس 2015 أي قبل نحو 4 سنوات تقريباً، حقق نجاحات متواصلة على مدار تلك الفترة -ابتداءً بعاصفة الحزم وليس انتهاءً بعملية تحرير الحديدة في 2018- تمكّن خلالها من التصدي للميليشيات الحوثية المدعومة إيرانياً.

كما صد خطر تنظيمات إرهابية في مقدمتها تنظيم القاعدة، وليس أدل على ذلك من سيطرة الحكومة الشرعية على 85% من الأراضي اليمنية الآن، في ضوء ما تحقق من انتصارات ميدانية هائلة برسم دعم ومساندة التحالف للقوات الشرعية، ما مكّن من كبح جماح الحوثيين وإحباط المخططات الإيرانية في اليمن، وسد منافذ الدعم والتمويل التي تصل لميليشيا الحوثي من طهران.

ضد الإرهاب

في خطٍّ متوازٍ مع مواجهة الميليشيات الانقلابية، تمكن التحالف عبر عملياته النوعيّة من تحقيق انتصارات على الإرهاب، لا سيما تنظيم القاعدة، وليس أدل على ذلك أيضاً مما حدث في المكلا وساحل حضر موت بعد سيطرة الإرهاب عليهما في الشهر الرابع من عام 2015، ثم نجاح التحالف بعد عام واحد من تحريرهما.

وقد قدمت قوات التحالف سبل الدعم كافة للقوات اليمنية للتصدي للإرهاب في عدن ولحج وشبوة وحضرة موت وأبين خلال تلك الفترة في مهمة جاءت في خطٍّ متوازٍ مع مهمة التصدي للحوثيين من أجل استعادة الشرعية في اليمن، لا سيما أن الإرهاب قد وجد الفرصة سانحة ليتغلغل في الساحة اليمنية.

باب المندب

والشاهد أيضاً على ما تحقق من انتصارات بفضل دعم التحالف العربي على المستويات كافة، أنه قُبيل التدخل كانت الميليشيات الانقلابية المدعومة من إيران تواصل تقدمها -بعد الانقلاب الذي نفذته في 2014- في كثير من مناطق اليمن، بداية من صعدة في الشمال وحتى عدن في أقصى الجنوب، واضعة نصب أعينها في الوقت ذاته على هدف السيطرة على مضيق باب المندب والساحل الغربي لما يشكله ذلك من أهمية استراتيجية قصوى وشريان حياة لها.

تحرير متواصل

وبمقارنة ذلك الوضع بما تحقق الآن فعلياً على الأرض بعد مرور ما يقرب من 4 سنوات تقريباً فإن نسبة 85% من الأراضي اليمنية هي بيد الحكومة الشرعية بعد أن كان الحوثي مسيطراً على عدن والساحل، بعد أن تواصلت عمليات تحرير المدن اليمنية بشكل متواتر ومتتابع جنباً إلى جنب ومواجهة الإرهاب، وكذا إعادة الاستقرار للمدن المُحرّرة وإغاثة أهلها ودعمهم بفضل جهود قوات التحالف العربي، حتى تم تضييق الخناق على ميليشيا الحوثي والوصل إلى معقلها في صعدة وسد منافذ التمويل والدعم الآتية إليها عبر الساحل الغربي وميناء الحُديدة.

نجاحات التحالف لم تتوقف عند ذلك الحد، لكنها امتدت كذلك إلى دعم قوات الشرعية سواء مادياً أو لوجستياً، وكذا من خلال عمليات التدريب ومساندة تأسيس الجيش الوطني ودعمه بالأسلحة الحديثة، ما شكّل نواة جديدة للجيش اليمني وبما يسهم في استعادة وضعه ودوره في مواجهة المخاطر التي تحيط باليمن والتصدي للإرهاب والميليشيات الانقلابية.

وقد مثل ذلك الدعم السخي الذي قدّمه التحالف للقوات اليمنية حلقة مُهمة من حلقات الملحمة التاريخية البطولية التي لا تزال تُكتب حلقاتها تباعاً على الأراضي اليمنية بمداد الدم حيناً، وليس أدل على ذلك من الملاحم الفدائية التي سطّرها شهداء الإمارات على الأراضي اليمنية.

السهم الذهبي

وبداية من عملية أو معركة السهم الذهبي أو معركة تحرير عدن في يوليو 2015 حتى معركة تحرير الساحل الغربي وكذا معركة الحديدة في 2018 مروراً بعددٍ من المعارك الفاصلة، فإن تلك المحطّات الرئيسية إنما هي فصول تاريخية شاهدة على ما قدّمه التحالف من دعم للحكومة اليمنية الشرعية والمساندة التي أسهمت بصورة مباشرة في تحقيق انتصارات ميدانية وضعت الحوثيين في المخنق.

الحزام الأمني

ولا يمكن هنا إغفال دور «الحزام الأمني» الذي تشكّل بعد تحرير عدن، ولعب دوراً بارزاً في مواجهة الإرهاب والتطرف وتأمين المحافظات المحررة، بخاصة مدينة عدن (بما أفسح المجال لعودة الحكومة الشرعية إلى عدن في العام ذاته) وكذا محافظة لحج التي تمت السيطرة عليها في أبريل 2016، إضافة إلى العمليات التي شهدتها حضرموت وعاصمتها المكلا في سبيل طرد تنظيم القاعدة منها، وهو ما تحقق في عام 2016، ويبزغ هنا دعم التحالف لقوات النخبة. وهو ما تكرر في محافظة شبوة، بعد أن أطلقت قوات النخبة هناك بدعم من التحالف في أغسطس 2017، عملية لتأمين الشريط الساحلي، في مواجهة التنظيمات والعناصر الإرهابية.

إنجازات

حققت دول التحالف العربي، منذ انطلاق «عاصفة الحزم»، إنجازات عسكرية على مختلف جبهات القتال، أبرزها استعادة جميع المحافظات الجنوبية، ومنها عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة، إضافة إلى تحرير حضرموت من تنظيم «القاعدة».

وفي المحافظات الشمالية، تمت استعادة مأرب، ومعظم مديريات الجوف والبيضاء وتعز، ومناطق في محافظة حجة، كمدينة ميدي ومينائها، وفتح جبهات قتالية نحو معاقل الانقلابيين في صنعاء وصعدة.

عبدالرقيب فتح: تدخّل التحالف قطع الطريق على المجاعة

«لولا تدخل التحالف العربي لكانت هناك مجاعة في معظم المحافظات اليمنية». هكذا خلص وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب سيف فتح، في تصريحات لـ«البيان»، أشار خلالها إلى أنه قد تزامن مع عاصفة الحزم عاصفة الأمل ذات الأبعاد الإغاثية الإنسانية، ومن خلال منظمات ومراكز العمل الإغاثي كان هناك تدخل عاجل من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي وهيئة الإغاثة الكويتية، بعملية إغاثية متعددة الجوانب والأهداف، مشدداً على أن التحالف أسهم بدعم فاعل من منظمات الأمم المتحدة من خلال دعم خطط الاستجابة التي تعلنها الأمم المتحدة لإغاثة الشعب اليمني وكذا الدعم المباشر لتلك المنظمات.

وعسكرياً، استطاع الجيش الوطني والمقاومة الوطنية وبدعم من التحالف العربي الداعم للشرعية، أن ينجز عسكرياً تحرير أكثر من 80% من الجغرافيا اليمنية، وأصبح على مشارف ميناء الحديدة، كأحد أبرز الشواهد على البصمات الهائلة للتحالف على الصعيد العسكري.

إرهاصات

ويتحدث الوزير اليمني عن الإرهاصات التي مهدت لدور التحالف المُهم في اليمن، ذلك أنه «بعد 11 فبراير 2011 جاءت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لتحديد مسار مصالحة وطنية نتج عنها انتخابات رئاسية شهد العالم بنزاهتها وحصدت مشاركة شعبية واسعة ونتج عنها انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي قاد حواراً وطنياً بمشاركة 656 ممثلاً لمعظم شرائح الشعب اليمني (الشباب والمرأة والمهمشين والأحزاب والتنظيمات السياسية وممثلي الحراك الجنوبي والحوثيين وممثلي المؤتمر الشعبي العام)، واستمر الحوار أكثر من عشرة أشهر نتجت عنه وثيقة توافق وطني وافق عليها كل المشاركين في الحوار، وتحدثت تلك الوثيقة عن تأسيس دولة اتحادية لامركزية من ستة أقاليم».

لجنة الدستور

وتم بموجب ذلك تشكيل لجنة لصياغة الدستور من معظم الاتجاهات، وعرضت تلك الوثيقة على مجلس الأمن وأصدر قراراً بدعمها واعتبرها طريقاً لحل الصراع في اليمن، وعندما أنهت اللجنة أعمالها وتم تسليم مسودة الدستور للرئيس عبدربه منصور هادي، حدث انقلاب عسكري سياسي من قبل الحوثيين وحليفهم علي عبد الله صالح (آنذاك) وتم احتجاز رئيس الوزراء والرئيس المنتخب وعدد من الوزراء وفرض الإقامة الجبرية عليهم، ورفع قادة الانقلاب شعار (أحكمكم أو أقتلكم)، وعندما هرب الرئيس إلى عدن تم قصف مقره بالطيران، لذا قام بطلب تدخل دول التحالف العربي لحماية ما اتفق عليه الشعب اليمني.

محمد عسكر: المبادرة الخليجية احتوت الصراع وهيأت للحوار

يعد اليمن ذا أهمية استراتيجية بحكم موقعه الاستراتيجي لأمن المنطقة والعالم باعتباره إحدى البوابات الرئيسية التي يمر عبرها الكثير من المصالح الدولية (التجارية والعسكرية).

يقول وزير حقوق الإنسان اليمني محمد عسكر في تصريحات خاصة لـ«البيان» إن ما حدث في اليمن في العام 2011 كان أخذ مساراً عنيفاً حتم بدوره على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتدخل لحل الأزمة اليمنية الشائكة والمعقدة، وذلك بإطلاق المبادرة الخليجية المهمة والتي عملت على احتواء الصراع وإعادة الفرقاء السياسيين إلى طاولة الحوار الوطني، وما يحسب هنا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هو أنها دولت الأزمة، بهدف إخراج اليمن من أزمته إلى سلام عادل ومستقر، ناشدة بذلك مصلحة الأمن القومي العربي والعالمي.

الدعم الإيراني

يقول عسكر: «لولا الدعم الإيراني لما تشجعت ميليشيا الحوثي بالخروج على الإجماع الوطني وانقلابها على سلطة وشرعية الرئيس المنتخب من قبل الشعب ومن خلال سيطرتها على العاصمة صنعاء، ومن ثم تمددها إلى كل مدن اليمن وسيطرتها على مقدرات الدولة من مؤسسات مدنية وعسكرية، ما جعلها ميليشيات دولة، بخاصة بعد سيطرتها على السلاح الاستراتيجي والصواريخ بعيدة المدى فأصبح وجود هذه الأسلحة بيد هذه الجماعات يشكل خطراً يهدد الأمن القومي العربي والدولي».

ويردف: «استدعاء التدخل الإقليمي من قبل الرئيس الشرعي لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج لسيطرة الميليشيات الانقلابية على مقدرات الدولة اليمنية، ما جعل المسألة تأخذ بعداً إقليمياً ودولياً، إن تدخل الأشقاء جاء في هذا الإطار، الخطر المهدد للمصالح الإقليمية والدولية، بحكم الجوار والمصالح العربية المشتركة، وهذه الصلة والمصلحة كانت سبباً جوهرياً لتدخل دول التحالف العربي، باعتباره تدخلاً أخوياً صادقاً وحاسماً، وشكل نقطة مضيئة في العمل العربي المشترك الهادف لردع واستئصال شأفة المشاريع الإيرانية في المنطقة العربية».

الحل السياسي

ويختتم الوزير اليمني تصريحاته لـ«البيان» قائلاً: «لعبت وتلعب دول التحالف العربي دوراً كبيراً في إنجاح الحل السياسي؛ كغاية يمكنها أن توقف القتال وتحل السلام، وهذا الأمر لمسناه واقعاً من خلال بعثات دول التحالف الدبلوماسية في المنظمات الدولية، إذ كان لسفراء وممثلي دول التحالف دور كبير في ناحية حقوق الإنسان وكذا في اللجنة الرباعية وموقفها الثابت والداعم للشرعية اليمنية».

ياسر الرعيني: المخططات التدميرية هدفها منع التعافي

«عندما أقدم الانقلابيون في 21 سبتمبر 2014 على السيطرة على الدولة بقوة السلاح وتنفيذ انقلاب دموي، لم تكن أهدافهم تولي مقاليد الحكم في اليمن فحسب، بل كان الانقلاب ضمن مخطط دول إقليمية لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ككل، وهذا الأمر ليس خافياً حتى قبل تنفيذ الانقلاب.

وذلك من خلال مساندتهم الإرهاب والتطرف وافتعال أزمات سياسية واقتصادية، لا سيما مع تطلعات الشعب اليمني لتحقيق التغيير نحو الأفضل، ونجاح الحوار والخروج بوثيقة توافقية تعالج الماضي وترسم معالم المستقبل»، هكذا وصف وزير الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني في الحكومة اليمنية ياسر عبدالله الرعيني، في تصريحات لـ«البيان»، ظروف ومبررات تشكيل تحالف استعادة دعم الشرعية في اليمن.

واستشعرت دول الخليج منذ وقت مبكر مخاطر وصول اليمن إلى حافة الانهيار بفعل السياسات الخاطئة التي أديرت بها الدولة قبل 11 فبراير 2011، وما خلفته من أزمات كادت أن تعصف بالوطن، بحسب الرعيني. وسعياً لحقن الدماء اليمنية وتحقيق التغيير الذي يتطلع إليه الشعب اليمني، قدمت دول الخليج المبادرة الخليجية، التي تضمنت خطواتها انتقالاً سلمياً وسلساً للسلطة.

مخططات

منحى التعافي في اليمن دفع بتعجيل بروز المخططات التدميرية التي تدار بأيادٍ إقليمية من خلال ميليشيات الحوثي لتنفذ انقلابها المشؤوم، ولتنطلق في زعزعة الأمن والاستقرار التي تستهدف دول الجوار في الخطابات العلنية لعصابة الحوثي وإيران ومنها إعلان سقوط صنعاء كعاصمة رابعة في يد إيران، فضلاً عن قيام مسلحي الحوثي في 12 مارس 2015 بإجراء مناورات عسكرية على حدود السعودية، في رسالة تهديد واضحة.

ويتابع الوزير اليمني قائلاً: «ميليشيات الانقلاب لم تكتفِ بالاستيلاء على مؤسسات الدولة، بل أخضعت كل قيادات مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية للإقامة الجبرية، بمن فيهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وأقدمت على نهب المعسكرات والسيطرة على البنوك وإطباق الخناق على القطاع الخاص، وممارسة العنف والاعتقالات والإخفاء القسري والانتهاكات بكل أصنافها، ولفشلهم في منع وصول الرئيس عبدربه منصور هادي، إلى عدن، أرسلت الميليشيات الانقلابية طائرات حربية لاستهداف قصر المعاشيق في عدن الذي كان فيه الرئيس وقيادات الدولة».

طلب العون

ولاستشعار خطورة كل هذه الأحداث على المستوى المحلي والإقليمي والدولي واستجابة لطلب الرئيس هادي، من الأشقاء في الخليج للوقوف إلى جانب الشعب اليمني، جاءت المساندة الفورية للتحالف العربي، فانطلقت عاصفة الحزم في 26 مارس 2015.

رياض ياسين: نجاح كبير واستثنائي بكل المقاييس

يقول السفير اليمني لدى فرنسا الدكتور رياض ياسين: «أعتقد بأن دور التحالف العربي جيد ومهم للغاية؛ لأن ما حدث في اليمن لم يكن مسبوقاً، وهي تجربة صعبة يخوضها اليمنيون في مواجهة مع مجموعة ميليشيا ترتكب أعمالاً إجرامية وإرهابية، واستولت على العاصمة في سابقة في الشرق الأوسط ربما لم تسبقهم إليها إلا طالبان في أفغانستان».

وبالتالي فإن «ما قام به التحالف العربي يعتبر نجاحاً كبيراً واستثنائياً بكل المقاييس، بخاصة أنه يتعامل مع مجموعة لا ترغب في أن تكون شريكة في صنع السلام «الحوثيون».

ويوضح وزير خارجية اليمن السابق، أن الميليشيات الحوثية تعتقد بأن بوسعها فرض الأمر الواقع بقوة السلاح، وهي بذلك لا تختلف عن تنظيم داعش الإرهابي أو بوكو حرام أو أية منظمة إرهابية، ولذلك - وفق ياسين - «ما قمنا به من ناحية دبلوماسية وسياسية ابتداءً من عاصفة الحزم وحتى اليوم هو في تقييمي الشخصي جيد جداً ومهم للغاية»، بخاصة في عملية كيفية جلب تلك الجماعة المتمردة على كل القوانين والقيم الإنسانية إلى مبدأ الحوار وطريق السلام، وهو طريق صعب جداً عليهم أن ينخرطوا فيه.

لذلك نرى أنهم مازلوا يرفضون ويتمعنون في الرفض، بداية من مفاوضات جنيف ومروراً بالكويت وحتى ما نراه اليوم في إطار التعامل مع اتفاق ستوكهولم من جانبهم، إذ لم ينفذوا منه شيئاً، وتتمعن ميليشيا الحوثي في عملية المراوغة والتهرب من التزاماتها.

فضح الميليشيا

نجحت دبلوماسية دول التحالف والدبلوماسية اليمنية في أن تفضح تلك الميليشيا وتواجهها أمام العالم بحقيقتها بأنها لا ترغب أو تريد السلام ولا يمكن أن تستجيب لأية خطة أو تنخرط في عملية سلمية، لكن «لا بد من استمرار المحاولات؛ لأنه لا يمكن أن نسمح باستمرار هذه الحرب ولا بجر اليمن والمنطقة إلى حرب طويلة لن تنتهي».

دور ريادي

ويردف الدبلوماسي اليمني قائلاً: «لعبت دول التحالف دوراً ريادياً على المستويين الإنساني والإغاثي. إن ما قامت به المملكة العربية السعودية من خلال مركز الملك سلمان، وما قامت به الإمارات من خلال الهلال الأحمر الإماراتي، وكذا دولة الكويت، هي أدوار مهمة ومباشرة في مجال الإغاثة الإنسانية، نجحت في تحقيق الكثير من الإنجازات، ولولا تلك المساعدات المباشرة لكان وضع اليمن حقاً سيئاً».

عاصفة الحزم تجسيد للدفاع العربي المشترك

شدد مسؤولون يمنيون، في تصريحات متفرقة لـ«البيان» على أن التحالف العربي قد حقق نجاحاً كبيراً في اليمن.

ويرى وكيل وزارة حقوق الإنسان في اليمن نبيل عبد الحفيظ، أنه «لولا موقف التحالف ودعمه القيادة الشرعية في اليمن لما كان بالإمكان أن نصل إلى تحريك خطوات تحرير اليمن وإنقاذ كل هذه المساحة من أيدي الميليشيات الحوثية».

كما أنه ومن خلال هذه المظلّة، أدرك الحوثيون أن مدينة وميناء الحديدة ليسا تحت سيطرته، وبالتالي ذهبوا إلى ستوكهولم، مشيراً إلى أن نجاحات التحالف العربي أجبرت الميليشيا على القبول بالجلوس على الطاولة.

ويشدد المسؤول اليمني، لـ«البيان» من القاهرة، أن «التحالف العربي جسّد مطلباً طالما حلمت به الأمة العربية، وهو الدفاع المشترك».

التحالف المُنقذ

ويعتقد وكيل وزارة الإعلام اليمنية صالح الحميدي، بأن «التحالف العربي جاء في توقيت مناسب للغاية، في الوقت الذي كانت قوة يمنية تحاول أن تضع اليمن في أحضان إيران، وقد جاء التحالف كمنقذ، مشيراً إلى أن دور السعودية والإمارات كبير على مختلف الأصعدة.

ويوضح الحميدي أن الإمارات والسعودية كانتا سباقتين في تقديم المساعدات الإغاثية لليمنيين بشكل مباشر، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن السعودية والإمارات كان لهما دور كبير في الضغط على المجتمع الدولي للاهتمام بالملف اليمني، وأسهما مع الحكومة اليمنية في إجراء مشاورات جنيف والكويت وأخيراً ستوكهولم.

جهود إنسانية وإغاثية ضمدت الجراح

الجهود السياسية والدبلوماسية والعسكرية في إطار التصدي للميليشيات الحوثية المدعومة من إيران ومكافحة الإرهاب في اليمن، صاحبتها جهود واسعة النطاق على الصعيد الإنساني والإغاثي؛ ذلك أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قد قدمتا حزمة مساعدات متواصلة منذ العام 2015 وحتى الآن، غطت شتى القطاعات من أجل تخفيف المعاناة عن المواطن اليمني في ظل ظروف الحرب الراهنة.

وفي هذا الإطار، بلغ إجمالي قيمة حزمة المساعدات التي قدّمتها دول تحالف دعم الشرعية في اليمن، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، أكثر من 18 مليار دولار.

وبادرت الإمارات والسعودية، في نوفمبر الماضي، بالتعهد بتقديم 500 مليون دولار لدعم الإغاثة في اليمن، في الوقت الذي تقوم ميليشيا الحوثي بعرقلة تلك الجهود.

تخفيف المعاناة

وشملت جهود التحالف الإغاثية والإنسانية مختلف القطاعات المرتبطة بالمواطن اليمني بصورة مباشرة؛ إضافة إلى دعم البرامج العامة وتوليد الطاقة وإمدادها والنقل والتخزين ودعم الموازنة العامة والمجتمع المدني والتطوير القضائي والقانوني، والصحة، والتعليم، والبناء والتنمية المدنية، والخدمات الاجتماعية، والمياه والصحة والعامة، وكذا العمل على إنعاش الاقتصاد والتجارة بالحديدة ودعم المستشفيات الحكومية والخاصة.

مساعدات

وبلغت قيمة المساعدات التي قدّمتها دولة الإمارات وحدها لليمن بداية من الشهر الرابع من 2015 حتى نهاية 2018 نحو 18.06 مليار درهم (4.91 مليارات دولار)، استفاد منها ما يزيد على 17 مليون يمني منهم 11 مليون طفل، و3.2 ملايين من النساء.

واحتلت الإمارات المركز الأول كأكبر مانح للمساعدات الإنسانية المباشرة في حالات الطوارئ على مستوى العالم إلى الشعب اليمني خلال العام 2018، كما احتلت المركز الثاني بعد المملكة العربية السعودية كثاني أكبر مانح للدعم الموجه لخطة الأمم المتحدة الإنسانية في اليمن للعام نفسه.

وفي العام ذاته، بلغت قيمة المساعدات الإماراتية الموجهة لليمن نحو 7.838 مليارات درهم، منها 1.840 مليار درهم تم تخصيصها لدعم خطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2018.

سياسيون لـ«البيان»: دور تاريخي أعاد اليمن إلى سياقه العربي القومي

أكد سياسيون يمنيون أن التحالف العربي قام بدور تاريخي في مرحلة استثنائية من تاريخ اليمن والمنطقة العربية، ونجح في إعادة اليمن إلى سياقه العربي القومي بعدما أوشك على السقوط في مستنقع التبعية لإيران.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي اليمني فؤاد مسعد: جميعنا نتذكر ما قاله أحد مساعدي خامنئي عشية سيطرة الحوثيين على صنعاء، حين تباهى قائلاً: «سقطت رابع عاصمة عربية في أحضان إيران»، مشدداً على أنه «لو لم يتدخل التحالف العربي لتحولت الجمهورية اليمنية إلى قاعدة إيرانية تنطلق منها الأعمال العدائية ضد الأشقاء في الجزيرة والخليج العربي».

عسكرياً، تمكن التحالف العربي من تكسير مخالب القط الإيراني وكبح جماح الميليشيا الحوثية التي هددت يوماً بإغلاق مضيق باب المندب وتعطيل حركة الملاحة الدولية، واستطاع التحالف العربي بدعم الجيش الوطني تحرير عدد من المحافظات من سيطرة الميليشيا الحوثية.

ترسانة ضخمة

ويشدّد مسعد على أن أهم ما تحقق عسكرياً هو تدمير ترسانة ضخمة من الأسلحة كانت مجهزة لقتل اليمنيين واستهداف جيرانهم، وسيذكر التاريخ أن التحالف العربي لم يكتف بتدمير جيش الحوثيين وأسلحتهم، لكنه دعم وساند تأسيس الجيش الوطني ودعمه بالأسلحة الحديثة.. أما على الصعيد الدبلوماسي، فقد استطاع التحالف العربي تقديم الحكومة الشرعية أمام العالم كحكومة معترف بها في مواجهة التضليل الحوثي.

وعلى الجانب الإنساني، فإن ما قدمه التحالف العربي من مساعدات لا يمكن نسيانه أو إغفاله خاصة من مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي.

المد الإيراني

وبدوره، يوضح عضو مجلس الشورى اليمني رئيس المؤتمر الشعبي العام في الحديدة د.عصام شريم، أن التحالف العربي كان له دور بارز في مواجهة المد الإيراني في اليمن.

ويردف شريم في تصريحات لـ«البيان» قائلاً: «لقد حمى التحالف اليمن من أن يذهب فريسة سهلة للإيرانيين، وحافظ على اليمن وعروبته قبل كل شيء، واستطاع على المستوى الدبلوماسي تحقيق انتصارات كبيرة، لا سيما عبر مجلس الأمن، من خلال انتزاع عدد من القرارات الدولية التي حصنت العملية العسكرية، وجعلت لها مشروعية على الأرض، بخاصة القرار رقم 2216 الذي مثل خارطة طريق لانطلاق عمل التحالف والشرعية.

وهو القرار الذي لا زلنا إلى اليوم نناشد المجتمع الدولي والقوى العادلة في العالم بأن تقف جنباً إلى جنب مع التحالف والحكومة لتنفيذه، لا سيما أنه من خلاله فقط يمكن استعادة الدولة اليمنية وبسط سيطرتها على مؤسسات الدولة كافة، ومن ثم استعادة أمن واستقرار اليمن؛ حفاظاً على اليمن وأشقائه وجيرانه».

أما فيما يتعلق بالمأمول والمنتظر من التحالف في العام 2019، يقول شريم: «نعتقد بأنه بالإمكان إذا استمر التحالف بنفس الوتيرة الداعمة على الصعيدين الإنساني والعسكري وعدم الانصياع لأي ضغوطات دولية غير عادلة أن تتحقق إنجازات ونجاحات كبيرة».

الخلاص

وإلى ذلك، يلفت محمد المسوري، رئيس فريق اليمن الدولي للسلام ومحامي الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، في تصريحات لـ«البيان» من القاهرة، إلى أن «اليمن لا خلاص له من هذه العصابة (الميليشيا الحوثية) ومن المخطط الإيراني إلا من خلال الأشقاء في التحالف العربي»، موضحاً أنه في تصوره الشخصي يعتبر أن التحالف بحاجة إلى ضم المزيد من الدول العربية إليه للعمل معاً في اليمن وإعادته إلى الحضن العربي «بعد أن لمسنا مخططات قذرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى».

ويوضح القانوني اليمني أنه «على التحالف أن يستمر مهما حدث من ضغوطات، وأن يواصل دعمه ومساندته لليمن سياسياً وعسكرياً وإغاثياً».