أظهرت اللقاءات التي أعقبت اتفاقات استوكهولم فاعلية النهج الذي اختطه التحالف لإرغام ميليشيات الحوثي على القدوم إلى طاولة الحوار، لكن محاولة التهرب من تنفيذ هذه الاتفاقيات تظهر الحاجة إلى ضغط دولي حقيقي حتى لا تخرب ميليشيا إيران عملية السلام بأكملها.

وبعد فترة صمت ومهادنة طويلة تجاه ما تمارسه الميليشيا ومنع إحراز أي تقدم في تنفيذ اتفاق استوكهولم وإعاقة عمل المنظمات الإغاثية جاء تصريح وكيل الأمين العام للأمم المتحدة مارك لوكوك ليضع النقاط على الحروف ويكشف حقيقة الجهة التي تعيق التسوية وتتنصل من الاتفاقات بعدما أكد أن الميليشيا رفضت السماح لموظفي الأمم المتحدة بالوصول إلى مطاحن البحر الأحمر لنقل كميات ضخمة من القمح تخص ثلاثة ملايين محتاج.

وإذا كانت الشرعية المسنودة بالتحالف الداعم لها قد أكدت أن تنفيذ اتفاق استوكهولم بشأن الانسحاب من الحديدة سيشكل مدخلاً لمشاورات الحل السياسي الشامل.

فإنها عملت على تنفيذ ما يخصها من التزامات سواء فيما يخص فتح ممر إنساني لعبور القوافل الغذائية من مدينة الحديدة إلى بقية المحافظات أو فيما يخص إعادة انتشار القوات من المدينة إلى ضواحيها والالتزام الصارم باتفاق وقف إطلاق النار، والأمر ذاته فيما يخص عمل فريق الأسرى والمعتقلين.

وخلافاً لما ظهر من جانب الشرعية والتحالف اتخذت الميليشيا موقفاً معادياً من كبير المراقبين الدوليين الجنرال باترك كاميرت ما اضطره إلى الاستقالة، كما ذهبت نحو تقديم تفسيرات مغلوطة للاتفاق سعت من خلاله إلى شرعنة بقائها في موانئ الحديدة والصليف وراس عيسى، وكذا إعادة الانتشار من مدينة الحديدة وما زالت تعرقل أي تقدم في هذا الملف حتى اللحظة.

صبر الشرعية

وبما أن صبر الشرعية والتحالف على الميليشيا قد بلغ مداه فإن المجتمع الدولي أمام تحدٍّ كبير بشأن إرغام الحوثيين على تنفيذ ما قبلت به.

لأن الفشل في ذلك سيقضي على الآمال التي تشكلت حول اتفاقات استوكهولم وخيارات السلام التي باتت تلوح في الأفق، لأنه من جهة سيعزز من قناعة الأطراف اليمنية باستحالة التزام الميليشيات بأي اتفاق، ومن ناحية أخرى سيفرض خيار الحل العسكري وما سيترتب عليه من أزمة إنسانية كبيرة خلقتها الحرب التي أشعلتها الميليشيات.

وإذا كان المجتمع الدولي قد ساند نتائج محادثات استوكهولم بقرار صدر عن مجلس الأمن الدولي بالإجماع فإن المجلس ذاته جدد استعداده لاتخاذ تدابير إضافية في حق معرقلي تنفيذ الاتفاق، وهو أمر يمكن أن يعيد لملايين اليمنيين الأمل بانتهاء محنتهم التي أوجدها انقلاب الميليشيا على الشرعية، خاصة أن المجلس بإمكانه استهداف الشركات التي كونها قادة الميليشيات خلال الحرب من عائدات تجارة المشتقات النفطية التي يتم تهريبها من إيران لهذه الشركات وبأسماء وهمية.

ثراء

واستناداً إلى وقائع الثراء المفاجئ الذي ظهر على قادة الميليشيا نتيجة احتكار تجارة بيع المشتقات النفطية وبأسعار خيالية وتجارة الغاز المنزلي إلى جانب الأموال الضخمة التي تصل لهؤلاء القادة من طهران وقطر فإن إمبراطورية إعلامية أخرى تتشكل في صنعاء لصالح هذه القيادات،.

مضافاً إليها الإتاوات التي تفرضها على الشركات ورجال الأعمال، وكذا مبالغ الضرائب والجمارك التي تحصّلها من الشركات والأفراد وعلى البضائع الواصلة من مناطق سيطرة الشرعية.

ووفق مصادر عاملة في المنظمات الأممية فإن الميليشيا غير جادة بسحب مسلحيها من مدينة الحُديدة وموانئها الثلاثة؛ لأنها تشعر بأن ذلك سيشكّل هزيمة قاسية وقد يسبب انقاسمات جديدة بين أجنحتها، وهو أمر يستدعي أن تظل الأمم المتحدة في حالة تأهب لمواجهة المعرقلين، وأن يفعل المجتمع الدولي ضغوطه على الداعمين للميليشيات وإفهامهم أن لا خيار أمامهم سوى الالتزام بتنفيذ الاتفاق.

ابتزاز

أكدت مصادر يمنية أن شركة الاتصالات الدولية «إم تي إن» تدرس بشكل جدي مغادرة السوق اليمني؛ بسبب الابتزاز المالي المتواصل الذي تتعرض له من قبل ميليشيا الحوثي الإيرانية، وزيادة الضرائب غير القانونية عليها.

وقالت المصادر إن الحوثيين يضغطون لإصدار حُكم جائر على الشركة لمصادرة نحو 200 مليون دولار أمريكي، مستغلين سطوتهم المطلقة على أجهزة الأمن والمخابرات. وأفادت المصادر بأن ميليشيا الحوثي الإيرانية تمارس كل طرق الضغط والترهيب على قضاة المحكمة لإصدار أحكام تقضي بتسديد شركة الاتصالات أموالاً للميليشيا.