يعد جامع البصرة القديم، الذي ما زالت معالمه قائمة، أقدم مسجد في العراق، وأول مسجد في العالم يبنى خارج مكة والمدينة المنورة، حيث شيد في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، من قبل عتبة بن غزوان والي البصرة.

وكان في بداياته مبنياً من جذوع النخيل والقصب، لكنه تدمر بالحريق الكبير، وأعيد بناؤه من اللبن والطين، ومن ثم تمت إعادة بنائه في خلافة عمر بن عبد العزيز، ثم تدمر في عهد الدولة العباسية جراء الفيضان الكبير الذي أصاب مدينة البصرة، وتقلصت أهميته بعد انتقال معظم أهل البصرة من موقعهم القديم إلى الجديد، ولقد شهد هذا المسجد مراحل مهمة من تأريخ الإسلام والمسلمين.

ومنها زيارة الخليفة علي بن أبي طالب، والسيدة عائشة، لهُ بعد موقعة الجمل، وخطبة زياد بن أبيه التي سميت بالبتراء، كما يعتبر أول مدرسة للفقه، والحديث النبوي الشريف، ثم علم الأصول والفلسفة، ودرس فيه حبر الأمة عبد الله بن عباس، والزاهد الحسن البصري، وواصل بن عطاء، وفيه ظهرت أول دعوة لـ«اعتماد العقل كطريق لاستنباط الأحكام الشرعية».

ويعد المسجد الوحدة العمرانية الأولى في المدينة الإسلامية، فبعد هجرة الرسول إلى يثرب كان أول ما اتخذه هو بناء المسجد الذي عرف بالمسجد النبوي، فغدا بناء المسجد الإنجاز الأول عند تمصير أي مدينة إسلامية، وكان المسجد الثاني الذي بني في الإسلام بعد المسجد النبوي هو مسجد البصرة.

حيث تم بناؤه سنة 14هـ بعد فتح المدينة على يد القائد عتبة بن غزوان والذي بناه بالقصب وجذوع النخل، وبعد بنائه تحولت حوله المساكن والخطط.

وبعد سنة 17هـ احترقت البصرة، وربما شمل الحريق المسجد أيضاً، فأعاد بناءه الوالي أبو موسى الأشعري باللبن والطين، وسقفه بالعشب وزاد في مساحته، ولما تولى زياد بن أبيه ولاية البصرة لمعاوية بن أبي سفيان اتخذ عدة إجراءات في إعمار المسجد، حيث وسع مساحته وأعاد بناءه بالآجر والجص أما سقفه فمن خشب الساج، واتخذ له أعمدة من حجر نحتها من جبال الأحواز.

وجعل زياد صفة الجامع المقدمة خمس سواري، وبنى منارته بالحجارة وهو أول من عمل المقصورة، ونقل الأمارة إلى قبلة المسجد.

وكان أكبر توسيع للمسجد في ولاية محمد بن سليمان بن علي العباسي سنة 160هـ أيام الخليفة العباسي المهدي، حيث بلغ عدد المصلين عشرين ألفاً فأمر المهدي بتوسيع المسجد، وذلك بشراء بعض الدور المحيطة به.