متحف في الهواء الطلق، أو لوحة بألوان زاهية وضعت بترتيب بديع على مدخل مدينة الخوخة، هذا ما يتبادر إلى الذهن لدى مشاهدة متجر التحف والأواني الفخارية، الذي يملكه الشاب خالد محمد حسن، ويتفنن في طريقة عرضه لمنتجاته وتسويقها للمارة.
بدأت قصة خالد مع الفخار، كما يروي لـ«البيان»، منذ نعومة أظفاره، حيث أتقن الحرفة جيداً وامتهن العمل بها مع أحد ملاك مصانع الفخار في مدينة زبيد، وبعد أن ضاق به الحال في مدينته التاريخية التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، وأوشك العمل على التوقف بسبب انعدام القدرة الشرائية للمواطنين هناك، بسبب التضييق الحوثي على أصحاب المهن، قرر خالد النزوح إلى مدينة الخوخة المحررة وظل بها لأشهر يبحث عن عمل حتى خطرت له فكرة إقامة متجر صغير للفخار في أطراف المدينة، وهكذا بدأ من الصفر واستمر بعزيمة ورغبة تدفعه للحفاظ على مهنة صناعة الفخار من الاندثار، وقد ساعده في سرعة تسويق منتجاته وبأسعار جيدة نسبياً تحول الخوخة إلى نقطة تجمع لآلاف الأسر من النازحين من محافظة الحديدة.
فكرة المتجر
يقول خالد: في البداية كنت خائفاً من الفشل، وكان معلمي الأول لحرفة الفخار، يساندني ويرسل لي كميات من منتجاته التي يصنعها في زبيد، لأبيعها في الخوخة، وتوسع متجري حتى أصبح يحوي كل هذه المنتجات المتنوعة لأواني الفخار. أكسب 15 ألف ريال وأحياناً 20 ألفاً في اليوم، لأن الناس هنا يقبلون على الشراء أكثر من أي مكان آخر، بعضهم يشتري للزينة والبعض ما زال يستخدم أواني الفخار في البيت، وهذا ما جعلني أحب عملي أكثر واستمر في مزاولته لأني أحصل منه على دخل يكفي لإعالة أسرتي.
وأشار خالد إلى أنه يحاول أن يضع لمسة جمالية خاصة على فخارياته بطلائها بألوان براقة وتشكيلها بطرق جديدة ولافتة للنظر خصوصاً المباخر و«شرابات» الماء، أي القناني الصغيرة، والمزهريات وتنانير الخبز وهو ما يجعل الكثيرين يقتنونها للزينة إن لم يكن للاستخدام المنزلي. وتشير الدراسات إلى أن بداية صناعة الفخار في اليمن تعود إلى حوالي 2600 قبل الميلاد، حسب اكتشافات البعثة الإيطالية في المرتفعات الوسطى بقيادة دميغريه، وكذا الحفريات التي قام بها رئيس قسم الآثار بجامعة صنعاء عبده عثمان غالب في سنة 1993.
أما في تهامة ومناطق الساحل الغربي لليمن فقد ظل الأمر مجهولاً لعدم وجود أعمال تنقيب أثري منتظم بشكل علمي حتى 1997، حيث قامت البعثة الكندية التابعة لمتحف اونتاريو الملكي بأعمال تنقيبات في سهل تهامة بقيادة (إدوارد كيل) وتحديداً في قرية الميتنة تضمنت تحريات في تل الكتف الأحمر الكبير الذي أرخ إلى الفترة الزيادية (دولة بني زياد).
ولا تزال حرفة صناعة الفخار رائجة في اليمن خصوصاً في مناطق سهل تهامة بالحديدة وحجة وفي المناطق الريفية، حيث لا يستغني السكان عن استخدام الفخاريات في إعداد وطهو الطعام وحفظ الماء بارداً.