لم تستسلم الفتاة الفلسطينية إيمان أبو صبحة لإعاقتها الحركية التي تعاني منها منذ الولادة، وأصرت على أخذ دورها في المجتمع الفلسطيني، مؤمنة بأن نجاح الانسان في جهده فكان لها من اسمها نصيب من خلال حفظ القرآن الكريم والتعامل في حياتها بشكل طبيعي مع محيطها.
فرغم إعاقتها استطاعت إيمان (33 عاماً) تخطي عقباتها التي تمثلت في عدم التحاقها بالمرحلة الإعدادية، نتيجة صعوبة حركتها وتنقلها للمدرسة، و عزوف المدارس آنذاك عن قبول ذوي الاحتياجات الخاصة، تخطت كل هذه العقبات وتمكنت من حفظ القرآن الكريم كاملاً.
ففي صباح كل يوم تخرج إيمان من منزلها القريب من مسجد خالد بن الوليد غرب خان يونس، متخطية الرمال التي تقف عقبة في وجهها وصولاً للمسجد بمساعدة طفلة من الحي لتبدأ رحلة تحفيظ القرآن الكريم مع ما يقارب 50 طفلة من سكان الحي نفسه.
حفظ القرآن
تقول إيمان لـ«البيان:«كانت إعاقتي منذ الولادة، وبدأت مسيرتي ملتحقةً بالمسجد لحفظ كتاب الله، بعدما فقدت مسيرتي التعليمية لعدم اندماج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس، فكان المسجد بيتي الثاني، وكانت بدايتي صعبة، وبدأت بحفظ القرآن يومياً صفحة فصفحتين مع المعاناة وصولاً لحفظ القرآن الكريم كاملاً».
وتطوعت إيمان في المسجد الذي حفظت فيه القرآن، والتحقت بمسابقة للقرآن الكريم في مستوى قطاع غزة، وحصلت على المركز الأول، وبعدها تم تعيينها على بند «البطالة» في المسجد، وهي تسعى لإكمال دراستها وصولاً للثانوية العامة.
إعاقة إيمان كانت منذ الولادة لأن والدتها كانت حاملاً في الشهر التاسع، وزارت الطبيب نتيجة أوجاعها، وصرف لها دواء تسبب فيما بعد بضمور في جسد إيمان، ونقص للكالسيوم، ولين في العظام، وحينها بدأت إيمان معاناتها، فعندما يلمسها أي شخص تتكسر عظامها نتيجة ليونتها، ولم تفلح رحلة علاجها في مصر.
معاناة
وعانت إيمان كثيراً خلال حفظ القرآن الكريم جراء توجهها ومغادرتها للمسجد بسبب الطرق الوعرة الموصلة للمسجد، فاضطرت للاستعانة بفتيات الحارة، وواصلت طريقها وصولاً للنجاح.
وتمارس إيمان حياتها بشكل طبيعي، ففي ساعات النهار تتواجد داخل المسجد، ثم تغادر إلى السوق، وتمكنت من تخريج مجموعة من الطالبات حافظات لكتاب الله كاملاً. وأطلقت إيمان قناتها على موقع يوتيوب العالمي، من أجل إيصال رسالتها للعالم والمجتمع المحيط بها، بأن الأشخاص ذوي الإعاقة فقدوا جزءاً من أعضائهم لكنهم لم يفقدوا الأمل بالحياة، ومسيرة التعليم يجب أن تستمر.