وصف سياسيون وعسكريون فرنسيون، قرار دولة الإمارات، إعادة انتشار قواتها في محافظتي الحديدة ومأرب، بالتكتيك الاستراتيجي والعسكري الداعم لعملية السلام واستقرار الأوضاع في اليمن، التي رسمها «اتفاق استوكهولم»، بهدف الوصول إلى حل سلمي، مؤكدين أنّ التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، حقق إنجازات كبيرة في اليمن خلال السنوات الأربع الماضية، على رأسها تحجيم مليشيا الحوثي، ودفعها للتفاوض، وسلك المسار السياسي للوصول إلى حل سلمي، بدءاً بالموافقة على وقف إطلاق النار في مأرب والحديدة وسحب القوات، وإزالة جميع المظاهر العسكرية في هذه المناطق.
وشدّد السياسيون والعسكريون الفرنسيون لـ «البيان»، على أنّ إعلان دولة الإمارات مؤخراً، عن إعادة نشر قواتها في اليمن، خلف زمام المدن الواردة في الاتفاق، عرّت الحوثيين وداعميهم أمام المجتمع الدولي، ولجنة الأمم المتحدة الموجودة في الحديدة حالياً، لحضور الاجتماعات الثنائية بينهم والحكومة الشرعية، لاستئناف المسار السياسي للسلام، وإيجاد آلية فعالة لوقف إطلاق النار، مشيرين إلى أنّ هذه الخطوة تؤكد حسن نية قوات التحالف والحكومة الشرعية في اليمن، وكشفت الغطاء عن المليشيا بالتراجع خطوة للخلف، والانتشار على جبهات أخرى لكشف نوايا العدو من خلال تحركاته.
تكتيك ذكي
وأكّد أستاذ السياسة بجامعة سوربون بباريس، روجيه موران، لـ «البيان»، أن اتفاق استوكهولم، يعد إنجازاً كبيراً، استغرقت الأمم المتحدة سنوات طويلة للوصول إليه، عبر اتفاق ممثلي الحكومة الشرعية ومليشيا الحوثي خلال اجتماعات استوكهولم، على وقف إطلاق النار في الحديدة والصليف ورأس عيسى، وسحب قواتهما منها، والتعهد بإزالة جميع المظاهر العسكرية المسلحة منها.
وأشار موران إلى أنّ الحوثيين ماطلوا وراوغوا منذ توقيع الاتفاقية للتهرب من تنفيذها، رغم ترحيب الحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي والتزامهم ببنودها، لافتاً إلى أنّ قرار دولة الإمارات بإعادة انتشار قواتها في مأرب والحديدة ورأس عيسى والصليف، يعد تكتيكاً ذكياً من شأنه إنقاذ «اتفاق استوكهولم»، وقطع الطريق أمام تمادي مليشيا الحوثي في المراوغة والمماطلة خلال اجتماعات ممثلي الحكومة اليمنية والمليشيا في الحديدة حالياً، تحت رعاية الأمم المتحدة.
وأوضح موران أنّ قرار دولة الإمارات، عرّى ممثلي مليشيا الحوثي أمام لجنة الأمم المتحدة، ولم يترك لهم ثغرة لاستغلالها من أجل التهرب من الالتزام بوقف إطلاق النار، بما لم يُبقِ أمامهم سوى سبيل وحيد، يتمثّل في سحب عناصرهم من المدن التي شملها الاتفاق والالتزام الفوري بوقف إطلاق النار.
مأزق
بدوره، قال فرنسوا سنايدر، الباحث بمركز «لي سكريت» للدراسات الأمنية والعسكرية بباريس، والضابط السابق في الجيش الفرنسي، إنّ قرار دولة الإمارات إعادة نشر قواتها في اليمن، تكتيك عسكري، يتمثّل في التراجع خطوة للخلف وراء زمام المدن الواردة في «اتفاق استوكهولم»، لكشف الغطاء السياسي، وفضح نوايا مليشيا الحوثي من خلال التحرك العسكري، لا سيّما أنّ المليشيا أصبحت الآن أمام أحد خيارين، إما الانسحاب واحترام الاتفاق وجهود الأمم المتحدة، أو التمادي بما يفرز رداً قاسياً، مضيفاً: «لا أعتقد أن الحوثيين بالغباء الذي يجعلهم يجنحون للخيار الثاني، وبالتالي، فإن انسحابهم أمر لا مفر منه، وفي الوقت نفسه، تضع دولة الإمارات والحكومة الشرعية في اليمن والقوات المشاركة في التحالف العربي قواتها في تمركزات موازية، أي مراكز بديلة للتي انسحبت منها قوات التحالف العربي، تضمن نفس التأثير من حيث السيطرة العسكرية والتأمين، وتحقيق الأهداف المُعلنة من جانب التحالف منذ بداية الحرب، وهو أمر طبيعي وضروري، مع طول أمد الحرب، وفي الوقت نفسه، يتم إعادة صياغة الخطة العسكرية لمرحلة جديدة، وهي ما بعد انتهاك الحوثيين للاتفاق، وكشفهم أمام المجتمع الدولي، وهي مرحلة مختلفة تماماً، من حيث تكتيك الانتشار والتحرك، وحتى نوعية السلاح، وستكون بالتأكيد تحركات أكثر كثافة وقوة، ودعماً من المجتمع الدولي للقضاء على ما تبقى من المليشيا».