بالتزامن مع عودة المبعوث الدولي الخاص باليمن إلى الرياض واستئناف اتصالاته لاستكمال تنفيذ اتفاق إعادة الانتشار في الحديدة، ذهبت ميليشيا الحوثي نحو التصعيد الميداني واستهداف المدنيين ومواقع القوات المشتركة في وسط المدينة وجنوبها.
والتقى المبعوث الدولي مارتن غريفيث في العاصمة السعودية الرياض بالأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع، وناقش معه التطورات على الساحة اليمنية بعد أسابيع من الغياب عن المنطقة وفِي مؤشر على استئناف جهود الأمم المتحدة مع الشرعية والتحالف وميليشيا الحوثي لاستكمال الاتفاق على القضايا الخلافية في اتفاق استوكهولم بشأن الحديدة والتي تخص السلطة المحلية وقوات الأمن وتوجيه عائدات الموانئ لصرف رواتب الموظفين.
إحاطة
وأكد المبعوث الأممي، إن اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة أصبح هشاً في ظل غياب الإرادة السياسية، في إشارة منه إلى فشل الجهود التي بذلها طيلة الأشهر الماضية مع الميليشيا الحوثية لتنفيذ الاتفاق. وأشار في إحاطة قدمها لمجلس الأمن، أمس، إلى أنه بعد 8 أشهر من اتفاق ستوكهولم، انخفض مستوى العنف حول الحديدة وهذا إنجاز في صالح المدنيين.
مشدداً على ضرورة تنفيذ الأجزاء الأخرى من اتفاق الحديدة وتحسين آليات وقف إطلاق النار. وأعلن «غريفيث» أنه يتوقع الحصول على إجابة من الطرفين بشأن الموقف في الحديدة في 25 أغسطس، على أن يتبع ذلك إرسال بعثة تقييم دولية إلى اليمن يوم 27 أغسطس، مبيناً أن اتفاق الحديدة إنساني وليس سياسي، وهو اتفاق مؤقت لمعالجة الأوضاع الإنسانية. وكشف عن مفاوضات تدور في اليمن حول تبادل الأسرى، ووصفها بالبطيئة.
وندد «غريفيث»، بالهجمات المتواصلة للميليشيا الحوثية على المنشآت المدنية في السعودية. ودعا إلى ضرورة إشراك جميع الأطراف اليمنية في العملة السياسية، واستئناف عملية الانتقال في البلاد.
وإذ تأمل المنظمة الدولية التوافق على القضايا الخلافية والذهاب نحو تطبيق شامل للاتفاق استناداً إلى خطة إعادة الانتشار التي قدمتها الأمم المتحدة وصادق عليها ممثلو الشرعية وميليشيا الحوثي، فإن هذه الميليشيا لجأت إلى التصعيد ميدانياً بهدف تحقيق أي اختراق قد يحسن من موقفها التفاوضي، لكن القوات المشتركة تصدت لكل هذه المحاولات، وحالت دون تحقيق أي تقدم للميليشيا، غير أن تصاعد الخروقات وصمت المراقبين الدوليين يهدد بنسف اتفاق استوكهولم.
هجوم
وتصدّت القوات المشتركة، أمس، لهجوم واسع شنته ميليشيا الحوثي على المواقع العسكرية التي تتمركز فيها القوات المشتركة في منطقة كيلو 16، المدخل الرئيسي لمدينة الحديدة، مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، إلا أن القوات المشتركة تمكنت من التصدي لعناصر الميليشيا وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ميليشيا الحوثي استغلت صمت الأمم المتحدة والمماطلة في حسم بقية النقاط الخلافية، وتسعى للتقدم في جنوب محافظة الحديدة، إما من خلال مهاجمة خطوط إمدادات القوات المشتركة في أطراف مديريتي التحيتا والدريهمي، كما واصلت استهداف الأحياء السكنية في مديرية حيس بالأسلحة المتوسطة والقناصة.
ووفق مصادر طبية، فقد أصيب ثلاثة مدنيين، بينهم طفل، بجروح بالغة إثر القصف الحوثي، وتم نقلهم إلى المستشفى الميداني في المديرية لتلقي العلاج. وتواصل الميليشيا منذ أسابيع استهداف الأحياء السكنية في وسط مدينة الحديدة وفِي مديريات حيس والتحيتا والدريهمي، في ظل تجاهل أممي لتلك الانتهاكات والجرائم الإنسانية.
دكت مقاتلات التحالف العربي مواقع عسكرية لميليشيا الحوثي، جنوبي العاصمة صنعاء. الناطق باسم قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن، العقيد تركي المالكي، أكد «أن عملية الاستهداف امتداد للعمليات العسكرية النوعية السابقة لتدمير القدرات الحوثية والتي تنفذها قيادة القوات المشتركة للتحالف لتدمير هذه القدرات وتحييد خطرها على الأمن الإقليمي والدولي».
وشدد على أن العملية تتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وأن قيادة القوات المشتركة للتحالف اتخذت كافة الإجراءات الوقائية والتدابير اللازمة لحماية المدنيين من أي أضرار جانبية، مع استمرارها في تنفيذ الإجراءات الصارمة لتدمير هذه القدرات وتحييد خطرها.
غارات
صرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، في بيان أمس، بأن إطلاق ميليشيا الحوثي للصواريخ باتجاه الأراضي السعودية «يقضي على فرص الحل السلمي للأزمة، ويُمثل انتهاكاً خطيراً للأمن والسلم الدوليين واستفزازاً مقصوداً للمملكة بغرض إشعال الموقف وإطالة معاناة الشعب اليمني».
وأشار المصدر أيضاً إلى أحكام الإعدام التي أصدرتها الميليشيا الموالية لإيران بحق 30 معتقلاً الشهر الماضي، من بينهم أساتذة جامعات وناشطون يشملهم اتفاق تبادل الأسرى ضمن تفاهمات استوكهولم، ووصف هذا السلوك بـ«الانتهاك الصارخ للقانون الدولي الإنساني الذي يكشف عن الطبيعة الحقيقية لممارسات جماعة الحوثي».