وصف خبراء فرنسيون تقرير فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين في اليمن، الذي أعلن عنه الثلاثاء الماضي، بالتقرير الناقص المفتقر لآليات البحث والتدقيق، مؤكدين لـ«البيان» أن التفاصيل المعلنة عن تقرير الخبراء الدوليين المرتكز في أغلب بنوده على عبارة «يعتقد، وقد يكون» هو تقرير مشكوك في مصادره.
كما أن منهج البحث والتحقيق في مثل هذه الأمور في حالة مثل اليمن لا يمكن أن يتم بحيادية مباشرة مثل «تحكيم مباراة كرة قدم»، الأمر مختلف من حيث طريقة العمل ومنهجه وأدوات البحث، حيث يجب الوضع في الاعتبار عدم صدق الشهود، مشددين إلى أن التقرير بشكله الحالي يشوبه العوار القانوني.
الموضوعية
وقال أستاذ القانون الدولي بجامعة «سوربون» ريتشارد جيروم، لـ«البيان»، إن التقرير جاء خالياً من الموضوعية، حيث لم يثبت جريمة واحدة بالتوثيق المباشر ولم يقدم تأصيلاً للوقائع أو الحوادث، واعتمد أغلب التقرير على كلمات من نوعية «يعتقد، ربما، قد يكون» وهو ما ينسف أي «دليل قانوني» أمام المحاكم الدولية.
لذلك تم تمديد عمل البعثة لمدة عام آخر، ليأتي تقرير العام الجاري المعلن عنه في سبتمبر الجاري كما السابق يعتمد على السرد الخالي من التفاصيل والأدلة والدوافع، لهذا فإن هذا التقرير الذي صدر تحت عنوان «فشل جماعي ومسؤولية جماعية» لا يعتبر تقريراً نزيها، لا سيما أنه كما التقرير السابق يعتمد على أخبار وتقارير إعلامية وشهادات مبهمة غير منسوبة لأشخاص معلومين.
كما أوضح الخبراء صراحة في نهاية التقريرين أن الحركة كانت صعبة في اليمن، وهذا يعني أنهم لم يدققوا بما يكفي، ولم يحددوا مسؤولية العصابات والجماعات الإرهابية عن قطع الطرق ومنع الإمدادات، كما لم يحددوا ظروف وملابسات وأسباب قطع الإمدادات عن الأطفال المترتب عليه سوء التغذية وانتشار الأمراض.
وهذه نقطة مهمة لأنها تنسف كل شيء وتؤكد أننا أمام عصابات خطيرة منتشرة في اليمن تستخدم المدنيين دروعاً بشرية وتكر وتفر وفق تكتيكات حرب العصابات، وتستهدف منشآت البنية التحتية ومن ثم هذه العصابات مسؤولة بشكل مباشر عن غياب الخدمات الصحية وضروريات الحياة التي في المقابل لم يذكر التقرير أن السعودية والإمارات أنفقت مليارات الدولارات لتوفيرها وإنقاذ المدنيين من الضياع الحقيقي.
منهج البحث
بدورها، قالت مارغريت فيون، الخبيرة من رابطة التحكيم الفرنسية (AFA)، أن منهج البحث الذي اعتمد عليه فريق الخبراء الدوليين في اليمن خلال إعداد التقريرين «2018 ـ 2019» لم يتبع أساليب البحث العلمية، وقام على منهج الحياد المُخل بالبحث كأنه تحكيم «مباراة كرة قدم» وهذا لا ينطبق على ميدان قتال يسود فيه حرب العصابات، وجمع شهادات الشهود حول وقائع الانتهاك الجنسي والبدني والتصفية الجسدية جاءت ناقصة من حيث شهادات الشهود الداعمة لقصص الضحايا، وهنا يجب أن يكونوا شهوداً موثوقاً فيهم أو جهات رسمية.
والأمر الثاني ظروف وملابسات كل واقعة من حيث الدوافع وطريقة التنفيذ وما قبلها وما بعدها، هذا لم يحدث في تقرير 2018. وبحسب مارغريت فيون، لهذا تم تمديد عمل البعثة عاماً آخر فجاء التقرير الجديد كما القديم.
كما لم يقدم التقرير نطاقاً جغرافياً محدداً لبحثه، ولا شرحاً لنقاط الحوادث من حيث ظروف سيطرة الميليشيات أو القوات الحكومية أو التحالف، إنما تم الأمر بشكل ارتجالي مُخل بمنهج البحث، ولم يقدم التقرير أيضاً شهادات حول جهود إجلاء المواطنين ودعمهم بالماء والغذاء والمخيمات من جانب أي طرف، حتى جهود الأمم المتحدة غير مذكورة، والنتيجة النهائية بعد مطالعة التقريرين «2018 و2019» فإن التقريرين مجرد سرد حكايات لا يصلح مسوغاً أو دليلاً أو وثيقة يمكن الارتكان عليها لإثبات أي شيء من المزاعم الواردة من الناحية الفنية والقانونية.