لا يمكن لأحد قرر زيارة دمشق أن يفوت تجربة الذهاب إلى أحيائها القديمة، وبيوتها العريقة، التي تغنت بها الدراما الدمشقية لسنوات، ونشرت قصصها بطول الوطن العربي وعرضه، وخاصة قصر العظم الشهير.

هذه الزيارة قد تكون محبطة بكل ما تعنيه الكلمة، فرغم أن القصر مازال يحافظ على ملامحه الأساسية التي تعكس ما كان يملكه في يوم من الأيام من مكانة وعز لصاحبه، لكنه في الوقت عينه يعاني من الإهمال وتراجع في مستوى الاهتمام والنظافة، ما يشعرك بأن الحرب مرّت بالفعل من هنا وإن لم تدخل بابه بشكل صريح.

فسحات ضخمة

القصر المؤلف من عدة فسحات ضخمة تعرف باللغة الدمشقية الدارجة بمصطلح «أرض الديار»، تقسمت بواسطة حواجز خشبية، لا يعرف أحد سببها، وحولت الدخول إلى المكان لما يشبه المتاهة، قد تدخل أحد طرقها فتجد نفسك أمام حائط مسدود ما يضطرك للالتفاف والعودة ثانية كي تصل لغايتك، وفي الغرف العديدة المكونة للقصر، والتي تضم كل منها اختصاصاً من المفترض أنه يروي تاريخ سوريا أو دمشق بشكل خاص، سيلفتك تراجع الاهتمام بشكل واضح بكل المكونات هناك، فالخزان أو النوافذ التي تضم الآثار بات التعب واضحاً عليها وتحتاج لصيانة وترميم، وإعادة طلاء، بالإضافة للغرف المغلقة التي زاد عددها، وأصبحت موصدة في وجه الزوار بحجة الصيانة، كما أن البحيرة الشهيرة التي كانت معروفة في هذا القصر خسرت مياها، ولم يبق لها من زرقة الماء سوى دهان بشع طليت بها حوافها.

نموذج للفن

وشُيد قصر العظم هذا في القرن الـ18 الميلادي، وهو يقع في النهاية الشمالية لسوق البزورية بالعاصمة القديمة، وعلى شماله يقع الجامع الأموي الكبير، وتبلغ مساحته الإجمالية 6400 متر مربع، وهو من بناء والي دمشق الوزير أسعد العظم عام 1749، ويعد نموذجاً للفن المعماري العربي الإسلامي المتطور، فتخطيطه ونمط بنائه وزخرفته في الحجر والرخام والخشب والمعدن تمثل صورة عن مباني دمشق في العهد العثماني.

قسمان

ويتألف القصر من قسمين: الأول يشغله متحف دمشق التاريخي، والثاني قسم الوثائق التاريخية، وتم استملاكه عام 1969 وافتتح عام 1980، وهو يتألف المنزل من فسحة سماوية بمساحة 570 متراً مربعاً، تتضمن بحيرتي ماء، وإيواناً مفتوحاً لجهة الشمال، ويتضمن ست قاعات موزّعة حول الفسحة السماوية، إضافة إلى المطبخ والحمام ويقع الباب الرئيسي في الجهة الشمالية، أما القسم العلوي فموجود في الزاوية الجنوبية الشرقية ومخصص لإدارة المتحف.