كدأبها، تمضي سلطات الاحتلال في نهجها الاستيطاني، في القدس المحتلة ومحيطها، فلا يتوقف البناء والتوسع بل إن مدناً استيطانية، بدأت تتشكّل على مشارف المدينة، كحال بسجات زئيف الجاثمة على أراضي بلدة بيت حنينا، وجفعات هموثوس التي تقصم ظهر بيت صفافا.
وقررت ما تسمّى وزارة الإسكان في حكومة الاحتلال، إقامة حي استيطاني جديد، في محيط مطار قلنديا شمال غربي القدس. ووفق المخطط الاستيطاني الجديد، فإنّ ما يزيد عن 20 منزلاً في قرية قلنديا، ستكون عرضة للهدم، كما أن مساحات واسعة من أراضيها ستكون في مهبّ المصادرة، فيما ستحوي المدينة الاستيطانية تسعة آلاف وحدة.
ويمكن للعابرين من محيط معبر قلنديا، رؤية التحضيرات على الأرض، إذ بدأت جرافات الاحتلال، إزالة الكتل الصخرية والترابية من المكان، فضلاً عن تحديد الشوارع، ووضع العلامات، ما يعني أن أعمال البناء ستبدأ في فترة ليست بعيدة.
ويهدف المخطط الاستيطاني إلى إكمال وإحكام حصار القدس، في وقت يشكّل فيه ضربة قاضية لكل جهود ومساعي السلام، لاسيّما وأنّ دولة الاحتلال تدرك جيداً استحالة تعايش الفلسطينيين مع مستوطنيها.
ولعل اللافت، أن الاحتلال يجد في البنود الملحقة بالخطة الأمريكية المسمّاة «صفقة القرن»، مدخلاً فعّالاً لتوسعه الاستيطاني، وترجمة مخططاتها التهويدية، فضلاً عن أنّ الاستيطان تسارع بوتيرة عالية منذ قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولم تمض سوى بضعة أيام، من الإعلان عن المخطّط، حتى أعلن رئيس وزراء الاحتلال المنتهية ولايته، بنيامين نتانياهو، اعتزام حكومته إقامة مستوطنة جديدة على طريق القدس بيت لحم، بمحاذاة مستوطنة هارحوماه المقامة على جبل أبو غنيم، وتحتوي على ثلاثة آلاف وحدة استيطانية، ما يعني فرض وقائع جديدة في محيط القدس، بتشجيع ومباركة ودعم الإدارة الأمريكية وضمن خطتها.
ويرى الباحث هايل صندوقة، أن مستوطنة قلنديا الجاري العمل عليها بوتيرة عالية، تهدف لعزل القدس، وقطع الطرق عليها، من خلال حزام استيطاني مع رام الله، وآخر على طريق بيت لحم، ما يعني أن المدينة المقدسة ستكون في كانتون وأشبه بجيب استيطاني.
وذكر صندوقة لـ«البيان»، أن دولة الاحتلال بدأت بالفعل بتنفيذ ما تُسمّى «صفقة القرن»، وليس أدل على ذلك من هذه المشاريع الاستيطانية، التي تسد كل الطرق أمام أية محاولة لتحقيق السلام، وستدفع إلى مزيد من التوتر والتصعيد، الذي بدوره سيقود إلى انفجار وشيك.