بدأت الأمم المتحدة بوضع الترتيبات الخاصة بوقف إطلاق النار في اليمن بعد أن تلقت موافقة الأطراف المعنية بالحرب على مطالبة الأمين العام للمنظمة الدولية بالتفرغ لمواجهة فيروس «كورونا» ووقف القتال فوراً.
وإذ اعلن التحالف العربي لدعم الشرعية مساندته لموقف الحكومة بقبول مقترح وقف القتال وتوحيد الجهود لمواجهة جائحة «كورونا» فإن الآمال تتطلع لأن تصبح الهدنة المقترحة والتي لم يحدد لها إطار زمني، بداية لطريق السلام بعد سنوات من تعنت ميليشيا الحوثي ووضعها عراقيل متتالية أمام عودة السلام والاستقرار لليمن، خاصة وأن الجهود تتركز الآن على كيفية مواجهة خطر ظهور فيروس «كورونا» في بلد أكثر من نصف مستشفياته ومرافقه الصحية مدمرة ومن ثلثي سكانه يعيشون على المساعدات.
ورغم الذعر الذي يعيشه اليمنيون خشية من الفيروس فإن عدم تسجيل أي إصابة به حتى هذا الوقت ما زال يشكل بارقة أمل لأكثر من 29 مليون نسمة يقاسون ويلات الحرب التي سببها انقلاب ميليشيا الحوثي، خاصة عند مقارنة إمكانات بلدهم بإمكانات الدول المتقدمة، والتي أضحت شبه عاجزة أمام الجائحة التي امتدت من الصين في شرق الكرة الأرضية حتى وصلت غربها في القارة الأمريكية.
إلا أن آمال اليمنيين مقيدة بكم هائل من المراوغة والتلاعب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي أمام كل استحقاق للسلام ابتداء من محادثات الكويت التي وضعت كل تفاصيل الحل السياسي للصراع ورفضتها الميليشيا في اللحظات الأخيرة، وصولا إلى اتفاق أستوكهولم بشأن الحديدة، والذي لا يزال معلقا حتى اليوم بعد مرور ستة عشر شهرا على توقيعه.
وإذا كان العالم عاجزاً عن تحديد مدة زمنية للقضاء على هذه الجائحة فإن دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في اليمن خلال الأيام المقبلة كما هو منتظر، يشكل ضوءاً في نهاية نفق الأزمة التي سببتها المؤامرة الانقلابية على الشرعية في سبتمبر 2014، لأنه كلما طالت الهدنة زاد معها رصيد دعوات السلام وفرص استئناف المسار السياسي الذي انقضت عليه الميليشيا الشهر الماضي من خلال استهداف المصلين في أحد المساجد في مدينة مأرب، وثم التصعيد الكبير في نهم والجوف.
وترى أوساط سياسية أن الخطوة التي أقدمت عليها الميليشيا بالإفراج عن المعتقلين من أتباع الديانة البهائية وإسقاط حكم الإعدام الذي صدر بحق زعيمهم، وكذا تشكيل لجنة للإفراج عن المعتقلين من أصحاب الرأي، تمثل مؤشراً أولياً يستلزم خطوات أخرى، في طريق بناء الثقة، وأن المضي في تنفيذ اتفاق تبادل الإفراج عن السجناء سيشكل رافعة هامة لجهود استئناف المحادثات وبناء الثقة باعتبار ذلك الطريق الوحيد لعودة الاستقرار وإنهاء معاناة الملايين.