في مستشفى بمدينة تعز اليمنية، تحشد الطواقم الطبية، التي تحمل ندوب حرب مستمرة منذ خمس سنوات، الموارد الشحيحة لمواجهة عدو جديد.
ولم يغز وباء «كورونا» اليمن بشكل واضح بعد، إذ لم تكشف الفحوص القليلة التي أجريت إلا عن حالة إصابة مؤكدة واحدة، لكن منظمات الإغاثة تخشى أن تكون هذه الحالة نذيراً بتفش كارثي بين السكان الذين يعانون من سوء التغذية الحاد.
وقال عبد العزيز قاسم، العضو في فريق مكافحة فيروس «كورونا» بالمستشفى الجمهوري بالمدينة «الآن في معانا حالات قبل وجود وباء كورونا... تعجز أن تجد لهم أجهزة تنفس صناعي»، وأضاف أن الأطباء لا يملكون أي ملابس واقية وسيكونون خط الدفاع الأول في مواجهة الفيروس.
وتملك تعز، ثالث كبرى مدن اليمن، أربعة أجهزة تنفس صناعي فقط. وقال خليل السعيد نائب مدير المستشفى الجمهوري إن الجناح المؤقت المخصص لعلاج المصابين بالفيروس خال من الأسرّة ولا توجد به دورات مياه. والمستشفى واحد من 37 مستشفى يمنياً تسارع منظمة الصحة العالمية والسلطات المحلية لتطوير إمكانياتها في خضم حرب دمرت أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي وجعلت الملايين فريسة للخوف والمرض.
التنفّس الصناعي
وقال خبير الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية مايك رايان الاثنين «سنواجه جميعاً صعوبات في تقديم مستويات ملائمة من العناية الداعمة للناس إذا بدأ المرض في التفشي»، وأضاف «التنفس الصناعي سيكون تحدياً جسيماً، ولا يقتصر الأمر على أجهزة التنفس الصناعي وإنما يتعلق أكثر بالفنيين الذين يشغلونها». وفي مستشفى الكويت بصنعاء، الذي يدرب ممرضين وممرضات قادمين من محافظات أخرى للعمل بوحدات العناية المركزة في مجال طب الجهاز التنفسي، وضع عمال الإسمنت على جدران جناح مرضى «كورونا»، واصطفت عشرات من أسطوانات الأكسجين التي يكسوها الصدأ استعداداً لتوصيلها بشبكة هواء.
وقالت رئيسة التمريض بقسم أمراض الجهاز التنفسي إن سبعة من بين 20 جهاز تنفس صناعي لديهم تحتاج لصيانة بسيطة وثمانية أجهزة تحتاج للإصلاح.
وأضافت «إذا اتصلحوا أكيد حيكون عندنا الأساس والركاز الأساسي للمستشفى».
مشردون ومعزولون
ويحتاج نحو 80 بالمئة من سكان اليمن، أي 24 مليون شخص، إلى مساعدات إنسانية. وتثير المناطق النائية القلق على وجه الخصوص بسبب انتشار سوء التغذية الحاد. وقالت منظمة أطباء بلا حدود «ستكون الاستجابة صعبة إذا وصل التفشي إلى المناطق الريفية، حيث المرافق الصحية موجودة بالكاد وإمكانية الفحص ضئيلة أو منعدمة».
وقالت المنظمة الطبية الخيرية إن قلة الفحوص قد تكون السبب في أن اليمن كان من بين آخر الدول التي سجلت إصابات بالفيروس. ووصلت في الآونة الأخيرة أدوات طبية، ما يعني إمكانية إجراء فحوص لبضعة آلاف من سكان ثلاث مدن، وتُفعّل منظمة الصحة العالمية شبكات رصد، استُخدمت سابقاً في تتبع انتشار الكوليرا وشلل الأطفال، للتحقيق في شائعات عن وجود إصابات بفيروس «كورونا».