مثل غيره من أبناء قريته ممن اضطرتهم ظروف العمل إلى الابتعاد عن مسقط رأسه، يحرص ربيع أحمد مصطفى على الاحتفال بفرحة العيد بين أهله وعشيرته في قريته النائية بشرق السودان. ما إن يهل صباح العيد حتى يوقن أهالي القرية أنّ ربيع بينهم بعد سماعهم صوته العذب يصدح بالتهليل والتكبير، حاضاً الناس على صلاة العيد، إلّا أنّ صوته غاب هذه المرة بسبب فيروس كورونا.

يشير المحامي ربيع أحمد مصطفى، في حديثه لـ«البيان»، إلى حرصه الدائم على حضور العيد وسط أهله وبين أبناء قريته، إلّا أنّه لم يستطع فعل ذلك هذه المرة. وأضاف: «العيد في زمن كورونا بلا طعم ولا رائحة، لكننا سنفرح وننتصر فكل بلاء له رافع».

ويلفت إلى أنّ العيد افتقد الطقوس التي تسبقه من التسوق وزيارة الأهل والأقارب. ويقول: «أنا حزين بافتقاد صلاة العيد هذا العام، وافتقدنا كذلك المصافحة والعناق، وحُرمنا من التجمع، فقد حنّت المنابر إلى خطبة العيد، لكنه أمر الله».

وعي

وبرغم بعد قرية العمارة الواقعة في ولاية القضارف بشرق السودان وخلوها من المصابين بالفيروس، فإنّ ذلك لم يعزلها عما يواجهه العالم ككل في حربه الضروس على الوباء القاتل، إذ نبه إمام وخطيب مسجد القرية، إبراهيم أيوب، عشية العيد، على أن يدعو الأهالي إلى أداء صلاة العيد في البيوت، والتبتل إلى الله بأن يرفع البلاء والوباء.

لم يخلُ مسجد القرية منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي من مرتاديه، إذ ظل عامراً بحلقات الذكر وتلاوة القرآن، إلى أن أجبر فيروس كورونا طلاب خلوة تحفيظ القرآن على تعليق الدراسة، فيما خلت ساحة المسجد الرحيبة هذا العام من المصلين نساء ورجال، واختفت ابتهالات المنشدين وهم يمدحون النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ظلّت شوارع القرية الصغيرة خالية هي الأخرى من وفود المعيدين الذين عزل كل منهم نفسه في منزله، عدا بعض الصبية الذين يجوبون الشوارع المقفرة وأيديهم خالية من الألعاب التي اعتادوا على شرائها كل عام، إذ لم يعد بالإمكان شراؤها في ظل الإغلاق المفروض على الأسواق، كما حرمتهم الجائحة شراء ملابس العيد، إلّا أنّهم يلعبون بما أتيح لهم من ألعاب.