أنعشت التحركات الدولية آمال السلام في اليمن، رغم تصعيد ميليشيا الحوثي للقتال في محافظات مأرب والجوف والحديدة، فيما أجبرت الهزائم المتوالية التي مُنيت بها الميليشيا في مختلف الجبهات على الرضوخ لخيار السلام بعد تعنتها ورفضها ومنذ شهور مناقشة خطة وقف إطلاق النار التي اقترحها المبعوث الأممي مارتن غريفيث.
كان رهان الميليشيا على تحقيق أي تقدّم ميداني، لاسيّما في مأرب، يمكنها من تضمين اشتراطاتها في مشروع إعلان وقف إطلاق النار والجوانب الإنسانية والاقتصادية، إلا أنها اضطرت في ظل فشلها الذريع في تحقيق ما تصبو إليه، إلى الانخراط في مناقشة تفاصيل المقترح الأممي، والتخلي عن تعنتها في تحقيق عدد من الاشتراطات وعلى رأسها رفع الرقابة على تهريب الأسلحة إلى موانئ الحديدة، والتزام الحكومة اليمنية بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الميليشيا وقضايا أخرى تريد الميليشيا من خلالها استباق محادثات الحل النهائي المقترحة في مسودة اتفاق وقف إطلاق النار.
ومع رفض المبعوث الأممي التعاطي مع مناقشة الاشتراطات التي تقدمت بها الميليشيا مع الحكومة اليمنية، باعتبارها غير قابلة للنقاش، فقد أدخل غريفيث تعديلات أساسية على خطة الإعلان المشترك بشأن الوقف الشامل لإطلاق النار، تتضمن إجراءات اقتصادية وإنسانية تضمن حل مشكلة رواتب القطاع المدني في مناطق سيطرة الميليشيا، وإعادة تشغيل مطار صنعاء، ونقل إجراءات تفتيش السفن إلى داخل ميناء الحديدة لتسهيل إجراءات دخولها وتفريغها. وتظل مماطلة الميليشيا في السماح للفرق الفنية التابعة للأمم المتحدة بالوصول إلى خزان النفط العائم صافر من أكبر الأمر العالقة، باعتبار أنّ الخزان والذي يحوي أكثر من مليون برميل من النفط الخام، يشكّل خطراً كبيراً ويمكن أن يتسبّب في كارثة بيئية غير مسبوقة ستخلّف بلا شك أضراراً بالغة على البيئة في اليمن بل والمنطقة برمتها.
لا يثق اليمنيون بالاتفاقات مع ميليشيا الحوثي استناداً إلى التجارب المؤلمة السابقة، ولا يبنون آمالاً على الاتصالات في تحقيق تقدم فعلي في ملف السلام، في ظل عدم الجدية التي تظهرها الميليشيا في محادثات السلام والالتزام بمقرراتها، إذ أثبتت الدلائل ومنذ توقيع اتفاق استوكهولم قبل عامين زيف وكذب دعاوى قادة الميليشيا في الحديث عن السلام والسعي لتحقيقه.