«استدعاني المشرف الحوثي في المنطقة للحديث معه حول موضوع ما فذهبت إليه ولم أرجع إلا بعد 40 شهراً»، هكذا بدأ الصحافي علي مساوى (30 عاماً) سرد قصته بعد أن احتار من أين يبدأ، فكل لحظة قضاها في سجون الميليشيا، منذ اختطافه في الرابع من ديسمبر 2016 حتى خروجه، كانت مأساة بحد ذاتها. يروي مساوى لـ«البيان» أنه رفض الكتابة لوسائل إعلام الميليشيا أو مشاركتهم فعالياتهم الطائفية فاختطفه الحوثيون إلى مضمار الفروسية والهجن بمنطقة الحسينية الذي أصبح سجناً في عهد الميليشيا، وهناك مكث ستة أيام مع التعذيب الوحشي. نقل بعد ذلك إلى مدينة زبيد التاريخية وإلى أحد مساجدها تحديداً الذي حولته الميليشيا هو الآخر إلى سجن سري.
ويضيف: «كانوا يضعون مع المختطف الجديد الذي يصل المسجد أول مرة معتقلاً آخر بجسد شبه مشلول وغارق بالدم، بعد أن عذبوه لساعات طويلة، ثم يقولون له تأمله جيداً وأعلم أننا سنعذبك أكثر منه في الغد».
وكانوا يأتون بمعتقليْن، أب وولده، ثم يبدأون بتعذيب الولد أمام والده بقسوة لا مثيل لها، ما يجعل الأب يبكي متألماً ويتوسلهم أن يعذبوه هو بدلاً عن فلذة كبده، أو يبعدوه عن المشهد لكنهم لا يفعلون سوى الاستمتاع بمواصلة التعذيب. نقل بعدها إلى سجن القلعة بمدينة الحديدة وكان على موعد مع فصل آخر من فصول التعذيب الوحشي، حيث قضى خمسة أشهر يرزح في سلاسل وقيود غليظة حتى تفطرت ساقاه وتقيحت.
وفي 5 يوليو 2018 أخذونا إلى السجن المركزي بالعاصمة صنعاء، وهناك كنت شاهداً على وفاة ثلاثة مختطفين وإصابة 11 آخرين بالجنون والحالات النفسية بفعل جرائم التعذيب التي مارستها الميليشيا ضدهم.
وبعد مرور عامين من الإخفاء القسري استطعت أخيراً أن أقابل زوجتي وطفلاي، ولكن من وراء القضبان وتحت حراسة مشددة. وفي 26 نوفمبر الماضي أفرج عني بعد مبادلتي بأسير حوثي مقاتل ليجتمع شملي بعائلتي في مدينة الخوخة».