يفتح تنفيذ اتفاق الرياض، آفاقاً جديدة للسلام في اليمن، بتشكيل الحكومة اليمنية، ويشكل بوابة عبور لإنهاء أعوام من المآسي التي سببتها الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي الإيرانية، حيث استقبل الشارع اليمني تشكيل هذه الحكومة بارتياح كبير، وبدأت الاستعدادات لاستقبالها خلال أيام في العاصمة المؤقتة عدن للبدء بصفحة جديدة من العمل.

وإذ تواجه حكومة الكفاءات تحديدات كبيرة في الجوانب الاقتصادية والخدمية وفي الجوانب الأمنية والعسكرية فإنها تحمل على عاتقها مسؤولية قيادة العملية السياسية والوصول إلى حل سياسي شامل مع ميليشيا الحوثي التي تصر على استمرار معاناة ملايين اليمنيين من خلال رفضها كل اقتراحات إنهاء الحرب وإحلال السلام، والتي كان آخرها خطة مبعوث الأمم المتحدة لوقف القتال والإجراءات الإنسانية المصاحبة لذلك، والذهاب إلى محادثات الحل النهائي، وإصرارها على التصعيد العسكري كي تستمر في فرض مشروعها المذهبي، وتمنح قيادتها المزيد من الوقت لاستمرار الاستحواذ على عائدات الدولة، ونهب ممتلكات المعارضين.

تحديات اقتصادية

وإلى جانب المواجهة العسكرية لردع ميليشيا الحوثي وإجبارها على العودة إلى طاولة الحوار، تواجه الحكومة الجديدة تحديات اقتصادية وخدمية كبيرة تبدأ بالتصدي للحرب على العملة الوطنية، وتمتد إلى تحسين الخدمات لسكان المناطق المحررة والتي تعاني تردي منظومة الكهرباء، والنقص الكبير في مياه الشرب، ومعالجة الأضرار الكبيرة التي أصابت شبكة الصرف الصحي وخاصة في العاصمة المؤقتة عدن، وتراجع مستوى الدخل مع الارتفاع الكبير في الأسعار نتيجة ارتفاع سعر الدولار، وتحسين عمل المؤسسات الحكومية، وتعزيز الأمن في المحافظات المحررة.

توحيد القوى

وفي الجانب السياسي ينتظر أن يؤدي توحيد جبهة قوى الشرعية إلى تشكيل فريق موحد من المفاوضين يضم كافة القوى المكونة لها، وأن تعمل هذه القوى مجتمعة في سبيل إنهاء الانقلاب، وخاصة أن مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث قطع شوطاً طويلاً في مناقشته مسودة اتفاق وقف إطلاق النار المعروف باسم الإعلان المشترك وتعهد بأن يستكمل هذه النقاشات في مطلع العام المقبل، وقبل انعقاد مجلس الأمن في فبراير لمراجعة مدى تنفيذ قراره رقم 2216 الخاص باليمن.

ولأن العالم يعيش مقدمات موجة جديدة من جائحة كورونا فإن اليمن يفتقد لأي إجراءات احترازية أو طبية فعلية لمواجهتها، حيث تسببت الحرب التي أشعلتها الميليشيا في تعطيل نصف المنشآت الصحية عن العمل، وأدت العراقيل التي تضعها أمام العمل الإغاثي إلى صعوبة الوصول إلى الفئات المحتاجة والأكثر تضرراً ومن ثم فإن حكومة الكفاءات ستتحمل العبء الأكبر في هذه المواجهة، والاهتمام بمواطنيها إذ إن الميليشيا تنصلت عن فعل أي شيء بل رفضت كل الاقتراحات لتوحيد الجهود لمواجهة هذه الجائحة عند ظهورها مطلع العام الجاري.

رهان كبير

ويرى المراقبون أن الترحيب المحلي والإقليمي والدولي بتشكيل هذه الحكومة، والدعم الذي تحظى به من قيادة التحالف والمؤسسات الدولية، يجعل الرهان كبيراً على أن تتجاوز المماحكات والقضايا الصغيرة وأن تعمل بروح الفريق الواحد، من أجل إخراج هذا البلد من محنته التي سببها الانقلاب، وأن تواجه بمسؤولية الفساد والمحسوبية وتتجاوز السلبيات الكثيرة التي علقت بعمل الحكومات السابقة.