تشهد المستشفيات المصرية، بصفة متواصلة حالات وفاة للعديد من المرضى، نتيجة الإهمال الطبي الذي يلقونه، ووفقاً للجمعية المصرية للدفاع عن ضحايا الإهمال الطبي فإن هناك نحو 900 قضية أمام المحاكم ضد أطباء، كما أن هناك نحو 1200 شكوى تقدم لوزارة الصحة بشكل سنوي ضد الأخطاء المتكررة بحق المرضى.
ووسط استمرار تلك الظاهرة، تزدحم صفحات الحوادث بالصحف بقصص ضحايا عانوا إهمالاً، ليس على مستوى البسطاء فقط أو المستشفيات الحكومية، بل تعدتها إلى المشاهير والمستشفيات الخاصة، ولعل أحدثها ما تعرضت له المؤلفة وكاتبة السيناريو الشابة، نادين شمس، التي توفت نتيجة خطأ طبي، تسبب في إصابتها بثقب في القولون أدى إلى تلوث دمها، توفيت على أثره، بعد أن دخلت مستشفى خاصاً لإجراء جراحة بسيطة بالرحم، وفق تأكيدات زوجها نبيل القط، الذي اتهم في أقواله للنيابة المستشفى بالإهمال في حالة زوجته، ما تسبب في وفاتها.
وربما كانت أكثر ضحايا ذلك الإهمال، وأثارت ضجة إعلامية ولا تزال التحقيقات مستمرة بشأنها إلى الآن، الفتاة هبة العيوطي«26 عاماً»، التي تعرضت للموت بعد حقنها بمادة كاوية بدلاً من الصبغة، وكانت قد توجهت للمستشفى الخاص بناء على نصيحة من طبيبها بإجراء أشعة بالصبغة، وبعد حقنها تدهورت حالتها الصحية، وفي اليوم التالي دخلت العناية المركزة بمستشفى آخر، وتم اكتشاف حدوث غرغرينا بالمعدة، لتوافيها المنية قبل أيام.
واستمرارًا للمسلسل، لقيت سيدة تدعى نيرمين مرسي، حتفها بعد أن ذهبت للمستشفى برفقة زوجها لإجراء عملية شفط دهون، ووفق ما يؤكده الزوج رامي منصور في تحقيقات النيابة، فإن تأخر زوجته بغرفة العمليات جعله يشعر بالخوف، خاصة بعد إصرار الطبيبة على إبعاده عن غرفة العمليات. وبعد مشادة بينه وبين الطبيبة استطاع اقتحام غرفة العمليات ليجد زوجته جثة هامدة، والغريب أنه حتى الآن لم تحرك وزارة الصحة أو نقابة الأطباء ساكناً بإجراء تحقيقات للوقوف على ملابسات الحادث. وطالب الزوج كما جاء في تحقيقات النيابة بشطب اسم الطبيبة من نقابة الأطباء، حتى لا تتكرر مأساة زوجته مع مرضى آخرين.
بكاء على الابنة
واقعة أخرى ترويها نوال السيد، موضحة أن ابنتها تعرضت لحادث سيارة أدى إلى حروق في أجزاء متفرقة من جسدها، ودخلت المستشفى على أثر ذلك، ونتيجة للإهمال تحولت الحروق في النهاية إلى «غرغرينا» أدت في النهاية لوفاتها. وتتابع الأم قائلة: «حدث ذلك أمام عيني، حيث كنت أرى ابنتي تتألم ولم أعرف ماذا أفعل، والمستشفى لم تقدم أي مساعدة، بل أهملتها حتى ماتت».
فساد وتنصل
ولم ينف الدكتور طارق المحلاوي، رئيس الإدارة المركزية للطب العلاجي، وهي الجهة المسؤولة عن مراقبة أداء المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وجود حالات إهمال وأخطاء طبية بالمستشفيات، ومنها التابعة للحكومة، مرجعاً السبب في ذلك إلى عدم خبرة الأطباء خاصة بمجال الامتياز أو حديثي التخرج. وأكد أن الوزارة لا ولن تتهاون مع أخطاء أي طبيب يثبت إهماله مع المرضى، وعليه فإن التحقيق وبدقه في الأخطاء الطبية للحالات التي ترد للوزارة لن يتوقف.
إلا أن أمين عام النقابة العامة للأطباء الدكتورة منى مينا، رأت أن السبب الرئيس وراء أزمة الطب في مصر هو الفساد داخل المنظومة الصحية، وتفشي المشكلات داخل المستشفيات الحكومية؛ رافضة استخدام أخطاء الأطباء كبش فداء لغض الطرف عن فساد الوزارة والمنظومة الصحية في مصر، على حد تعبيرها.