الحروب التي خاضها العراق لسنوات طويلة ساهمت في القضاء على العدد الأكبر من أشجار النخيل في بلد كان يسمى يوماً من الأيام بلد الـ 30 المليون نخلة، وكان ينتج ويصدر أجود أنواع التمور، واليوم يستوردها.
هذا الواقع المرير دفع بوزارة الزراعة في الحكومة الاتحادية لإطلاق برنامج يهدف لإنعاش زراعة أشجار النخيل التي شهدت تدهوراً في السنوات الماضية بعد أن كانت تشكل قطاعاً إنتاجياً مزدهراً، والحد من عملية تجريف الأراضي المغروسة بأشجار النخيل. لكن يبدو أن المزارعين يشكّكون بالمبادرات الزراعية التي تطلقها الوزارة، لتجاربهم السابقة معها، فغالباً ما تبقى هذه المبادرات طي الأدراج ولا يرى المزارعون على أرض الواقع شيئاً يُخفّف من معاناتهم والأضرار التي تلحق بهم وببساتينهم جراء إهمال الوزارة لهذا القطاع الزراعي، وعدم التعامل معه بشكل علمي.
ويطالب مزارعو النخيل بتقديم الدعم وحماية المنتجات المحلية وبناء المصانع الخاصة بتعليب التمور. ويقول المزارع جاسم ناظم الدليمي، من بابل، إن أغلب المزارعين في منطقة الفرات الأوسط يعانون من شح المياه، وترك التمور للموسم المقبل، وعدم اهتمام الحكومة والوزارة بسحب هذه التمور لقلة معامل التعليب، وشبه انعدام الأدوية الخاصة بالأمراض التي تصيب أشجار النخيل، فضلا عن ارتفاع نسبة هجرة المزارعين من البساتين وتجريفها، لعدم الاستفادة منها.
ويدعو المزارع جواد حسين علي، من محافظة البصرة، وزارة الزراعة إلى تقليل الشروط والضوابط الخاصة بالقروض التي تمنحها الوزارة للمزارعين، ويقول إن زراعة النخيل في البصرة مهددة بالانقراض بعد أن ارتفعت نسبة الملوحة في اغلب المزارع بسبب غياب الدعم الحكومي.
إصلاحات شاملة
ويرى الخبير الزراعي عقيل المعموري إن إعادة العراق إلى دوره الرائد في مجال زراعة النخيل وتصديره يحتاج إلى تخطيط واسع وإصلاحات شاملة في القوانين وتفعيلها من اجل النهوض بهذا القطاع المهم، مضيفا أن أغلب الأسواق المحلية في المحافظات الوسطى والجنوبية تستورد التمور من السعودية والكويت وإيران، وتهمل التمور العراقية لأسباب كثيرة، أهمها فارق السعر بين المنتج المحلي والمستورد. ويشير إلى أن وزارة الزراعة تمتلك كافة الإمكانيات لتطوير واستثمار القطاع الزراعي، لكن المشكلة التي تقف أمام التطوير عدم تشريع قوانين تنظم عمل الوزارة ومهامها، فبقيت وزارة هامشية.
دعم المزارعين
من جانبه، يقول وكيل وزارة الزراعة د. مهدي القيسي إن وزارة الزراعة تواصل عملها في تطوير القطاع الزراعي، وخصوصاً دعم مزارعي النخيل، حيث وضعت الوزارة هذا العام خطة متكاملة لإنجاح عملية مكافحة آفات النخيل الربيعية، مبيّناً أن الحملة التي نفذت هذا العام في عموم منطقة الفرات الأوسط والمحافظات الجنوبية كانت واسعة وتم شراء سبع طائرات حديثة لهذا الغرض.
ويضيف القيسي أن عدداً من الباحثين في الوزارة استطاعوا أن يستخلصوا من النباتات (مبيدات صديقة للبيئة) لمكافحة أمراض النخيل ذات الجيلين، وستقوم الوزارة بالعمل به في الموسم المقبل، موضحاً أن أعداد أشجار النخيل في العراق تجاوزت في خمسينات القرن الماضي الـ 32 مليون نخلة، لكن التدهور الذي حصل كان بسبب الحروب التي خاضها العراق إضافة إلى تجريف الكثير منها، وانعدام الرعاية المطلوبة.
16
بينما تشير الإحصائيات التخمينية التي أجريت في العام 2011 إلى أن العراق يمتلك 16 مليون نخلة، وهذا الرقم غير دقيق.. يشير القيسي إلى أن الوزارة بصدد تنفيذ اكبر مشروع وطني في البلد سيطلق هذا العام لترقيم وتحديد أعداد النخيل وإعطاء الرقم الحقيقي.