عندما نشرت الصحف صورة تلك الفتاة منحنية الرأس وهي تتضور جوعا في جنوب السودان عام 1993، بينما يقف نسر كبير في الخلفية ينتظرها لتلفظ أنفاسها كي يفترسها، كان غضب الجمهور سريعا وصاعدا من الأعماق. وهذه الصورة الحائزة على جائزة بوليتزر، وجهت انتباه العالم إلى المجاعة المدمرة في البلاد.

الآن بعد ثلاث سنوات من استقلالها، من المتوقع أن تعلن جمهورية جنوب السودان، الدولة الأحدث في العالم، عن وقوعها في المجاعة مجدداً.

وكان السبب في هذه الأزمة اندلاع صراع بين القوات الحكومية وجماعات المعارضة المختلفة. ويواجه حاليا أكثر من أربعة ملايين مستويات طارئة من نقص الغذاء، فيما هجر مليون ونصف من منازلهم، وهناك 50 ألف طفل يواجهون خطر الموت نتيجة لسوء التغذية.

وقد تمت تسميتها بالأزمة الإنسانية الأسرع تدهورا، لكن من دون صورة مذهلة بما فيه الكفاية لكي تحتل عناوين الصحف، فقد بقيت هذه الأزمة غير مرئية. وأنظار العالم تحدق الآن في مكان آخر.

وجنوب السودان ليست الدولة الأفريقية الوحيدة التي تمر بأزمة، فهناك أيضا جمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وتتشارك الحالات الثلاث بتشابه كبير، وهو: لا يوجد اهتمام كاف بما يجري فيها.

قد يكون سبب ذلك أن العالم تعب من مآسي إفريقيا. إذا كان يتعين على صورة أن تنتزع اهتمامنا كي نقرأ المقالة، فانه ربما قد شاهدنا بما فيه الكفاية. ومن السهل أن نمزج بلدانا وندمج مناطق ونطمس الفروقات التي تميز جماعة عن أخرى.

وصور العنف تدعونا أن نشهد على الفظائع، وأن نكون شاهدا عليها، فإنها تستجدي منا الرد، وعندما لا يكون هناك من شيء آخر يمكن فعله، من السهل أن نقع فريسة العجز والارتباك. وبالرغم من عدم قدرتنا على تغيير ما يحدث، إلا أنه يمكننا تبديل الرمزية المتعلقة بهذه الصور. والصور يمكن أن تكون أكثر من تذكير بالقساوة وما يعقب الحروب.

 فهناك قصص تتكشف الآن في جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية يمكن إعادة كتابتها، ولدينا القدرة على تجاهل العوامل التي تحجب عنا الصورة المفترض أن نراها، أي ضحية إفريقية أخرى لا غير، والتحديق فيما يفترض أن نراه، وهو كائن بشري.