«البيان» في زيارة وزير التنمية السياسية الأردني

المعايطة: الحكومات البرلمانية آتية والتغيير يحتاج الكثير

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

وزير التنمية السياسية في الأردن موسى المعايطة اشتغل سنوات طويلة في عالم السياسة من منصة المعارضة قبل أن يقوده اعتداله إلى كرسي وزارة التنمية السياسية أكثر من مرة، وبينهما مجلس الملك في البرلمان الأردني، حيث غرفة مجلس الأعيان. المعايطة الذي زارته «البيان» في بيته الثاني «الوزارة»، يجهد كثيراً وهو يحاول أن يسير على سكة السياسة من دون أن يستسلم ومن بين ما يعدّه اليوم هو محاولة زرع نبتة الحكومات البرلمانية.

يقول المعايطة: غيّرنا قانون الانتخاب عدة مرات حتى وصلنا إلى القائمة النسبية، التي يصفها بأنها الأفضل اليوم لتطوير العمل الحزبي في البلاد.

من الشمولية إلى الديمقراطية

وأضاف «هو نظام جرى تطبيقه في كل دول العالم، خاصة في دول شرق أوروبا عندما انتقلت من الحكم الشمولي إلى الديمقراطية فاستطاعت من خلاله تطوير الحياة السياسية وتحقيق نهضة بها. أنا أؤيد قانون القائمة النسبية لما له أثر في إنجاح الحياة الحزبية بالأردن».

لكن من هو المسؤول عن عدم نضوج حزبي في الأردن يدفع باتجاه بناء منظومة سياسية قادرة للوصول إلى «الحكومات البرلمانية» النقطة التي يعتبرها الأردنيون الحلم المنشود.

إذا كان لا بد من اتهام احد فإن المعايطة يذهب نحو المجتمع الحزبي نفسه. يقول: «إن للمجتمع دوراً مهماً في إنجاح العملية الحزبية كما أن للأحزاب السياسية في الأردن دورها أيضا في الانتقال من الأشكال التقليدية إلى الأشكال المدنية - وهو الحزب السياسي».

من حيث تنبؤات وزير التنمية السياسية الأردنية فإن أمامنا طريق طويلة تحتاج سنوات وسنوات لتغيير القناعات وتغيير الثقافات، مشيرا إلى أن الأشكال التقليدية لا يمكن أن تنتهي بقرار إداري، خاصة أنها تتعلق بقناعات المجتمع.

وأوضح المعايطة أن هذا ملموس في الحياة البرلمانية حيث لا تعمل ضمن برنامج واضح ومحدد، وهو ما يؤدي في النهاية إلى الانتقاد للبرلمان، مشيراً إلى أن ما يجري هو الانتخاب لأسباب تقليدية مثل القرابة والصداقة والمنطقة وغيرها وليس على أساس برامجي محدد.

أوراق نقاشية

لكن ماذا عن دور الدولة الأردنية في تطوير الحياة الحزبية؟ هنا يشير المعايطة إلى الأوراق النقاشية للملك عبد الله الثاني التي أشارت بوضوح إلى أهمية دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ووضعت أدواراً للأحزاب والحكومة وتطوير حياة ديمقراطية وصولاً للحياة البرلمانية.

وتابع قائلاً: يعود إنجاح الحياة الحزبية المنظمة للمجتمع، فالحكومة البرلمانية لا يمكن أن تحقق إلا بوجود أحزاب والحكومة البرلمانية تعني وجود أغلبية سياسية داخل البرلمان تشكل حكومة، ولكن نحن لا زلنا بعيدين عن ذلك.

وتابع ما جاء بالأوراق النقاشية الست للملك يجب أن تكون برنامج عملي للحكومة وللجهات المعنية في تطوير العمل السياسي والديمقراطي، لكن هذا يحتاج إلى وقت، كما يحتاج من الجميع أن يكون جاداً.

الحكومات البرلمانية: لاحقاً لكن ليس قريباً

ويعقّب على ذلك بأن يتعهد بالنظر في قانون الأحزاب والتمويل المالي وصولاً لحكومات برلمانية.

ويقول: الوزارة لها وجه نظر في نظام تمويل الأحزاب، مشيراً إلى أن القانون الأحزاب السياسية الحالي يبدو انه لم يخدم الحياة الحزبية. وأضاف، كشفت الانتخابات الأخيرة ضعف القانون وعموما لابد من إعادة النظر فيه خاصة إذا لم يحقق الهدف منه وهو تطوير الحياة الحزبية بالأردن، مشيرا إلى ضرورة البحث عن نظام أحزاب يساهم في تمثيل الناس في الحياة البرلمانية.

تطوير الحياة الحزبية

وكان وزير التنمية السياسية دبلوماسياً وهو يرفض وصف أداء الأحزاب بأنه إخفاق واكتفى بالقول: انه لم يحقق الهدف في الحياة الحزبية خاصة أن هدف قانون الأحزاب الأساسي تطوير الحياة الحزبية وتشكيل أحزاب وطنية واسعة وتكون موجودة بالبرلمان. وقال: قد نصل لاحقاً لكن ليس قريباً إلى تشكيل حكومات برلمانية.

المشاريع التنموية

على طاولة مجالس المحافظات سيوضع على الدوام سؤال مركزي وهو ما هي المشاريع التنموية التي تهمنا؟ يقول المعايطة: سيأخذون هم القرار الخاص بتنمية المحافظة، ويجري إصدار قرار تنموي في هذه المجالس بهدف الحصول على تمويل من الموازنة.

وفي المقابل سيجري تخصيص أموال في الموازنة لكل محافظة تعتمد حصة كل منها ليست فقط على السكان، بل على الحاجات التنموية والمحافظات الأكثر فقراً.

ونوه إلى أن تنفيذ المشاريع سيكون بالاشتراك مع عدد من المؤسسات والوزارات المعنية بالمشروع التنموي، مشيرا إلى أن العادة جرت في أن مثل هذه المشاريع كانت تقرر في المركز، وهو ما دأب الناس على الشكوى منه.

وأوضح أن الجديد في هذا القانون أن المشاريع الخدماتية ستقرها مجالس المحافظات نفسها، باعتبارها المشاريع الأكثر أولوية، خاصة أن من مهمة مسؤولي مجالس المحافظات الالتقاء بالناس والاستماع إلى مشاكلهم وماذا يريدون.

وأشار إلى أن هذا يعني المساهمة تدريجيا في تفريغ مجلس النواب لدوره بحيث يصبح مسؤولاً عن القضايا الرقابية والتشريعية.

هذا من حيث ما تريد الحكومة فعله باللامركزية، فهل وضعت الوزارة الأحزاب في صورة أهدافها وما تريد أن تقوم به؟ يجيب «بالضبط كان لدينا لقاءات مع مؤسسات المجتمع المدني بهذا الخصوص».

أقاليم؟

لكن ماذا عن المركزية المالية؟ هو سؤال يبدو ترفاً اكثر منه واقعاً. لكنه على اية حال هو مطروح في مناخات اللامركزية خاصة ان المأمول أن تكون المركزية باباً من أبواب الأقاليم.

وبدا أن اعتراض المواطنين على الأقاليم اعتراض سياسي يتعلق بهوية الأردن، وذلك بعد أن رأوا أن «مشروع الأقاليم» مشروع سياسي يهدد هوية الأردن بتقسيم المملكة إلى ثلاثة اقاليم. في حينه طرحت القوى السياسية على الحكومة سؤالاً ممزوجاً بالتشكيك يقول: (لماذا؟).

لم يرغب المعايطة الدخول في الجدل السابق اليوم، لكنه يقول: «اعتقد أن المواطنين انفسهم بعد أن يلاحظوا عمل مجالس المحافظات سيطالبون هم انفسهم بالأقاليم»، المشروع الذي ووجه بموجات اعتراض كبيرة عندما طرحته الحكومات السابقة.

على أية حال يختصر المعايطة كل الجدل السابق بالقول: «دعونا نرى ما المخرجات التي ستنتج عن مجالس المحافظات ولكل حادث حديث، خاصة أننا لا يمكن أن نطبّق تجارب الاخرين على بلدنا لأن كل بلد لها خبرتها العملية الخاصة بها».

مجلس المحافظات

وعلى حد تعبير وزير التنمية السياسية المهم أن نبدأ حتى لو كانت مجالس المحافظات فكرة بدائية عما نطمح أن نصل إليه من تطور وعمل لكننا على اية حال يجب أن نخطو الخطوة الأولى ودعونا نرى إلى أين نتجه.

يبدو أن الفتى موسى المعايطة ما زال ثائراً في نفس الرجل من هنا يعرف بنفسه الطويل في العمل والإصرار عليه، رغم ما يبديه من هدوء. هدوء تلحظه في «الرياضي» الذي فيه، وكأنه يرفض أن يترك فتى عرفه منذ اكثر من خمسين عاماً.

وحول تطبيق مشروع اللامركزية فقال هو الأكثر حساسية في عمل الوزارة اليوم. ويقول: نريد أن ينجح المشروع، لكن لإنجاحه علينا كخطوة أولى اجراء انتخابات مجالس المحافظات والبدء في تطبيق قانون اللامركزية وتطبيق سياقات المشروع على الأرض بحيث يكون في عام 2018 له الدور في تقرير أولويات مجالس المحافظات من النواحي التنموية.

الحائز على شهادة الماجستير في هندسة الاتصالات، والمنتمي للحزب الشيوعي قبل أن يجرى فصله، والناشط في العمل النقابي قبل ذلك، الذي فك ارتباطه بالأفكار القديمة بعد أن اعتنق الديمقراطية، من بوابة النظام النيابي الملكي، مستمر حتى اللحظة في حلمه.. حلم قضى فيه عمره كله.

حلم

حملات توعوية للانتخابات اللامركزية في الأردن

يدرك وزير التنمية السياسية في الأردن موسى المعايطة أن الطريق ليس سالكاً بسهولة في ملف انتخابات اللامركزية وذلك لعدم وضوح الأمر بالنسبة إلى الشارع وقواه، من حيث تراه يقول: بدأنا العمل في ملف اللامركزية بصورة تدريجية، فالأمر الأساسي في مجالس المحافظات هو في أن تقرر هذه المجالس أولويات المحافظات والمشاريع التي يرون أنها أولويات تنموية لهم، والمشاريع التي يرونها أنها مناسبة لمحافظاتهم، وذلك ضمن حدود سقف الموازنة التي سيجري نقاشها مع مجالس البلديات ضمن قانون الموازنة التي سوف تناقشه مع مجلس النواب والأعيان.

من حيث دور الدولة فإن للحكومات البرلمانية أذرع عديدة لتطبيقها. منها اللامركزية. وعن ذلك يقول المعايطة: «من أولويات مشاريع وزارة التنمية السياسية اليوم هو انتخابات اللامركزية التي ستكون 15 من أغسطس».

ليس من السهل الطموح بإيصال المجتمع الأردني إلى «نضج الحكومات البرلمانية»، فالمسألة في غاية التعقيد فهل سيستسلم المعايطة؟ ما يؤكده مقربون منه أنه لن يستسلم للواقع. كيف لا وهو الثائر منذ كان على مقاعد الدراسة، الرافض للاستسلام للواقع المفروض عليه، لهذا عندما فتح عينيه، فإذا هو طالب في جامعة حلب قال: لأرى ما تفعل حلب. ولم يطل المقام طويلاً فيها، فما يريده أكثر ثورية، لهذا كان اختياره للدراسة في أوروبا بعد أن حظي ببعثة من وزارة التربية والتعليم للدراسة في رومانيا.

يقول الوزير المعايطة، «بدأنا حملاتنا التوعوية لشرح القانون بهدف توعية الناس ومهام أعضاء المجالس المنتخبين الجديدة، وكيفية عمل القانون، وما هو الدور الذي ستلعبه مجالس المحافظات، خاصة وأنها جديدة، وما زالت غير واضحة للناس حول ماهية عملها، ومعنا لنقوم بذلك أقل من ستة أشهر قبل الانتخابات لنوضح للناس هذه القضية خاصة وأن هذه الانتخابات سوف تتزامن مع انتخابات مجالس البلديات».

يشار إلى أن رئيس مجلس مفوضي الهئية المستقلة للانتخاب د. خالد الكلالدة قال إن الهئية بكوادرها البشرية باتت جاهزة وعلى أتم الاستعداد لإجراء الانتخابات اللامركزية للمجالس المحلية المقبلة.

وأكد على أهمية التطوير في اجراءات العملية الانتخابية للانتخابات البلدية واللامركزية، موضحاً الاطار الزمني للانتخابات البلدية واللامركزية بما في ذلك تدريب اللجان بإجراءات موحدة ضمن الممارسات الفضلى في العملية الانتخابية، بهدف تعزيز قدرات الكوادر البشرية لأداء المهام الموكولة اليهم بكفاءة وفاعلية، وموعد اصدار التعليمات التنفيذية، جدول الناخبين، تحديد مراكز الاقتراع والفرز، وفتح باب الترشح.

Email