رغم تحقيق المرشح الأوفر حظاً في انتخابات الرئاسة الأفغانية عبدالله عبدالله نسبة 45 في المئة من الأصوات في الجولة الأولى التي جرت في أبريل الماضي، لكن لا يبدو عبدالله الأقرب للرئاسة من منافسه أشرف غني، الذي نال 31 في المئة، وهذا يوضح مدى سير كلا المرشحين على حبال الانقسامات العرقية، على الرغم من أن عبدالله، نظراً إلى تاريخه، هو الأكثر قدرة على أن يكون المرشح العابر للقوميات والطوائف.
يواجه الطبيب عبدالله تحدي الانقسام القبلي القومي بين المكونات الأفغانية، وهي مسألة أساسية في الانتخابات، فأنصار أشرف غني (البشتوني) يشنون حملة على عبدالله المنحدر أيضاً من إحدى قبائل البشتون، بأن والدته من قومية الطاجيك، وينالون من ماضيه الذي كان فيه الذراع اليمنى لأحمد شاه مسعود. إلا أن هذا بالضبط ما يميز عبدالله.
في العام 1992 انهارت حكومة نجيب الله الشيوعية وشكل «المجاهدون» ما عرف بـ«الدولة الإسلامية» في أفغانستان، لتنقسم أفغانستان مجدداً إلى طرف مقابل عدة أطراف: الحكومة التي يتحكم بها عملياً أحمد شاه مسعود، والأطراف الأخرى التي كانت موزعة على فصائل عديدة تعارض النظام الجديد، ومن أبرزهم قلب الدين حكمتيار الذي قاد محاولتين دمويتين لاقتحام كابول، إلا أنه هزم أمام شاه مسعود. في ذلك الوقت كان عبدالله عبدالله من أبرز المؤثرين في الزعيم الطاجيكي شاه مسعود، باعتباره مستشاره الذي قلّما يخطئ.
وسط هذه الحرب الأهلية، خبر الطبيب، الذي قضى حياته بين العيادة والسياسة، أعقد الأزمات السياسية والمعارك العسكرية التي شهدتها أفغانستان، وكان شاهداً على تبدل الولاءات في صفوف القادة وتأثير الانفعال القبلي على الاستقرار، وهو ما كان يؤخذ عليه أيضاً بعدم فعله شيئاً ضد التمييز المنهجي الذي كان يلاقيه أبناء أقلية الهزارا.
بقي ملتزماً مع شاه مسعود حتى بعد مجيء طالبان إلى الحكم عام 1996، وانتقل معه إلى وادي بانشير، حيث شكلا «الجبهة الإسلامية الموحدة» أو ما عرف لاحقاً بـ«تحالف الشمال» المكون من الطاجيك والأوزبك، وعيّن عبدالله وزيراً للخارجية في الحكومة التي شكلها مسعود، وبقي حتى سقوط طالبان عام 2001 رئيس الدبلوماسية الأفغانية في المحافل الرسمية.
يأخذ عليه القوميون البشتون بأنه إنحاز لأقاربه من جهة أمه الطاجيكية، إلا أن التحالفات التي نسجها عبدالله قللت من حجم هذه الدعاية المؤذية، فهو يحظى بدعم كل الأقليات الأفغانية، إضافة إلى جزء مهم من أصوات الأغلبية البشتونية.