احتفلت مدينة هيروشيما اليابانية الذكرى السنوية الـ 74 لإلقاء أول قنبلة ذرية في العالم على أراضيها.
وبهذه المناسبة، التي تحييها اليابان بالكثير من الألم، وعد رئيس الحكومة شينزو آبي، الذي شارك في إحياء الذكرى، بالتعاون مع الدول النووية وغير النووية لتخليص العالم من هذه الأسلحة الفتاكة.
وقال آبي: "بمساعدة من الجانبين، سأشجعهم بصبر على الدخول في حوار وإنني عازم على قيادة الجهود الدولية لتحقيق ذلك".
وأقيمت المراسم في حديقة السلام التذكارية في هيروشيما حيث وقف المشاركون، ومن بينهم ناجون من الهجوم وأحفادهم وشخصيات أجنبية، دقيقة صمت، في نفس اللحظة التي أسقطت فيها قاذفة أمريكية قنبلة ذرية على المدينة قبل 74 سنة في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، بحسب "يورونيوز".
وبهذه المناسبة دعا رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي بلاده إلى التوقيع على اتفاقية دولية تاريخية لحظر الأسلحة النووية، وهي الاتفاقية التي وافقت عليها أكثر من 120 دولة، لكن رفضتها بعض الدول النووية على غرار الولايات المتحدة الأمريكية. وقال ماتسوي: "أدعو حكومة الدولة الوحيدة التي خبرت سلاحاً نوويا في حرب للموافقة على طلب ضحايا القنبلة الذرية، بأن يتم التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية والمصادقة عليها".
وأضاف ماتسوي: "أدعو قادة اليابان على إظهار سلمية الدستور الياباني بإظهار قيادة في اتخاذ الخطوة التالية نحو عالم خال من الأسلحة النووية". ودعا رئيس بلدية هيروشيما قادة العالم إلى زيارة المدينة لمشاهدة النصب التذكاري الذي شيّد تكريما لضحايا الهجوم الذري.
وظهر التهديد، الذي تمثله الأسلحة النووية في المنطقة، مع قيام كوريا الشمالية المسلحة نوويا، بإطلاق "مقذوفتين غير محددتين" قبالة ساحلها الشرقي، في آخر حلقة من تجارب الإطلاق.
من جهة أخرى، امتنعت الولايات المتحدة وروسيا الأسبوع الماضي، عن تجديد معاهدة لحظر السلاح النووي تعود إلى فترة الحرب الباردة ما أثار مخاوف من سباق تسلح.
واليابان هي الدولة الوحيدة التي تعرضت لهجوم ذري، في هيروشيما وناغازاكي، قبل أيام قليلة على استسلامها في 15 أغسطس 1945 لإنهاء الحرب العالمية الثانية. وقد أسفر الهجوم النووي غير المسبوق عن مقتل عشرات الآلاف من السكان في ثوان، وبحلول نهاية العام 1945، لقي حوالي 140 ألف شخص حتفهم بسبب تداعيات القصف.
ففي السادس من أغسطس العام 1945 ومع نهاية الحرب العالمية الثانية أمرت حكومة الرئيس الأمريكي آنذاك هاري ترومان بإلقاء القنبلة النووية التي أطلق عليها اسم "الولد الصغير" وتزن أكثر من 4.5 طن فوق هيروشيما عند الساعة الثامنة والربع صباحا لدى توجه السكان إلى أعمالهم، حيث تحولت من مدينة تضج بحركة الناس إلى مدينة أشباح يشتعل فيها اللهب.
ارتفاع سحب الدخان الناتج عن الانفجار وصل إلى ألف متر فوق سطح المدينة، وبعد مرور نحو ساعتين على الانفجار سقطت أمطار سوداء شحمية في أماكن متفرقة من المدينة كانت بفعل اختلاط أبخرة الماء مع المواد المشعة، لكن آثار القنبلة وأضرارها لم تقتصر على توقيت القائها، بل امتدت إلى سنين طويلة على مدى أجيال بسبب استمرار التأثيرات الضارة الناجمة عن التلوث الإشعاعي، فمن لم يقتل ساعة الانفجار مات بعد ذلك بسبب الإشعاعات التي تؤكد دراسات أن تأثيرها ما زال مستمرا حتى اليوم من خلال الإصابة بأمراض السرطان المختلفة والمواليد بعيوب خلقية.
وبعد أن رفضت الحكومة اليابانية آنذاك، بقيادة الإمبراطور هيرو هيتو الاستجابة للإنذار الذي وجهه لها ترومان بالاستسلام، أعطى الأخير أوامره بإلقاء قنبلة أخرى على مدينة ناغازاكي، وذلك بعد يومين من القنبلة الأولى ما أدى إلى مقتل نحو 80 ألف ياباني واستسلام طوكيو في نهاية المطاف.
إحدى الجامعات اليابانية أجرت دراسة حول آثار الإشعاع الناجم عن القنبلتين فتبين للباحثين أنه بين كل 4 مواليد من أبناء الجيل الأول لضحايا الكارثة يصاب واحد منهم بعيوب خلقية ولا يستطيع أحد في الوقت الحالي أن يقرر إلى أي حد من الأجيال سيستمر توارث هذه الآثار.
الأضرار التدميرية لقنبلتي هيروشيما وناغازاكي تعددت وتنوعت بحسب الخبراء، حيث أدى الانفجار الناجم عن القائهما إلى دمار شامل للمنازل واندلاع نيران كبيرة نتيجة انبعاث أضواء مبهرة مع موجات حرارية تفوق درجتها 4 آلاف درجة سيلسيوس أسفرت عن إذابة الزجاج والرمال وحرق البشر وجثثهم وخلفت الكارثة عاصفة نارية أكلت كل ما في طريقها إلى جانب أضرار بيئية تمنع نمو النباتات والأشجار إلى الآن.