أعرب خبراء أوروبيون عن ما أسموه «خيبة الأمل» عقب الجولة الثالثة وربما قبل الأخيرة، من المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي ولندن بشأن العلاقات لمرحلة ما بعد الإنفصال «بريكست»، مؤكدين لـ«البيان»، أن لا شيء يذكر قد تحقق في ملفات تنظيم العلاقات بعد «بريكست» المعلقة التي ينبغي الاتفاق حولها قبل نهاية ديسمبر المقبل، وهو ما يعني أن السيناريو الأقرب هو «الخروج دون اتفاق» ما يعني خسائر باهظة للطرفين في المستقبل، وأن بريطانيا ستكون الطرف الخاسر بشكل أكبر، مهما بلغت الوعود الأمريكية بالتعويض، فلا بديل أمام بريطانيا إلا الاتفاق الواضح الضامن لمصالح البريطانيين في التبادل التجاري مع أوروبا، وخاصة قطاعات الفلاحة والثروة الحيوانية، إضافة إلى الأمن.

صعوبة المفاوضات وضغوطات فيروس «كورونا» دعت قادة عدد من الأحزاب البريطانية إلى توجيه رسالة إلى الحكومة البريطانية برئاسة بوريس جونسون و كبير المفاوضين الأوروبيين للدعوة إلى تمديد المرحلة الانتقالية لعامين آخرين يجعل المملكة المتحدة تغادر التكتل الأوروبي في ديسمبر 2022.

قادة أحزاب الوطني الأسكتلندي، و الديمقراطيون الأحرار، والاشتراكي الديمقراطي الإيرلندي، والخضر، والديمقراطي الاجتماعي الويلزي، ونوابهم في البرلمان البريطاني قالوا إن رسالتهم الموجه إلى الطرفين البريطاني والأوروبي تهدف إلى التعبير عن القلق العميق من عدم التقدم في المفاوضات حتى الآن، واصفين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق بـ«الكارثة» نظراً للتحديات الاقتصادية والصحية الحالية التي تواجه العالم.وأضافوا أن التمديد سوف يخدم المصالح المشتركة للاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.

أما مستشار صحيفة «إندبندنت» أحمد أبو دوح فقال لـ«البيان» إنه لا يوجد اتفاق أو معاهدة تجيز خروج بريطانيا في نهاية العام متوقعاً أن يلجأ القادة الأوروبيون إلى تعديل موعد انتهاء المفاوضات التجارية والمرحلة الانتقالية كما أن الضغوطات الكبيرة التي تعرض لها رئيس الوزراء البريطاني بسبب طريقة إدارة حكومته لأزمة فيروس كورونا قد تفرض عليه تمديد المفاوضات تجنباً للخروج نهاية العام الجاري بدون اتفاق وهو الأمر الذي ستكون لها أضرار اقتصادية كبيرة تضاف إلى الأضرار التي تسبب بها فيروس كورونا.

بدوره، قال، فريدريس فون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالحزب الإشتراكي الألماني، والدبلوماسي الأسبق، لـ«البيان»، إن فشل المرحلة الثالثة من المباحثات بين الأوروبيين ولندن، بشأن العلاقات لمرحلة ما بعد الانفصال، تعني أن هناك فرصة ضئيلة للغاية قبل يوليو المقبل للوصول إلى اتفاق مرضٍ لجميع الأطراف بخصوص العلاقات وخاصة الاقتصادية والأمنية بين الطرفين.

من جهته، أشار، داريو دانونزيو، أستاذ السياسة والعلاقات الدولية بجامعة «تورينو» الإيطالية، إلى أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل برؤية جونسون، تجاه الاتحاد الأوروبي بعد الانفصال التام نهاية العام الجاري، الرامية للوصول إلى السوق الأوروبية المشتركة بكل حرية، دون الالتزام بمعايير الأغذية والقوانين المنظمة للتعاون المالي والمنافسة الاقتصادية ودون تنظيم العلاقات المشتركة مثل الصيد البحري وتنظيم الحدود خاصة بالنسبة للنقاط الجغرافية داخل الاتحاد الأوروبي، والأهم مسألة اختصاص محكمة العدل للاتحاد الأوروبي كجهة اختصاص للفصل في النزاعات بين الطرفين، منطقياً هذا أمر غير مقبول لأوروبا مهما كانت النتائج، وبالتأكيد الاتحاد الأوروبي يتجنب الخروج دون اتفاق، ولو تم تمديد المفاوضات لما بعد 31 ديسمبر المقبل، ولا نعتقد أن الحكومة البريطانية قادرة على التضحية بحجم التبادل التجاري المهول بين الطرفين، وتعريض نصيب الفرد البريطاني من الناتج الداخلي للتراجع بنسبة قدرها الخبراء بحوالي 8 في المئة خلال العشر سنوات القادمة في وقت يئن فيه الجميع من الانكماش نتيجة جائحة كورونا، لذلك نرى أن أمام الطرفين فرصة مهمة ستبدأ الشهر القادم وتنتهي بحلول يوليو المقبل، يجب عدم تفويتها للوصول إلى اتفاق تجاري يجنب الجميع هزات اقتصادية وسياسية نحن في غنى عنها، لأن المرحلة الرابعة من المفاوضات قد تكون الأخيرة، ويجب أن تكون حاسمة.