تعود بدايات الإضراب عن الطعام كإحدى وسائل الاحتجاج أو لتحقيق مطالب، إلى إيرلندا قبل ظهور المسيحية. وجرت العادة في ذلك الوقت أن يكون الإضراب عن الطعام أمام منزل شخص مطالب بشيء ما ويرجع ذلك إلى الأهمية العالية في حسن الضيافة آنذاك، حيث يعتبر السماح للشخص المضرب عن الطعام بالموت أمام المنزل عار كبير لصاحب هذا المنزل، وكان الهدف من هذا الإضراب هو استرداد الديون أو الحصول على العدالة. وورد في نصوص الملحمة الشعرية الهندية «رامايانا» المكتوبة قبل الميلاد، بعض القصص التي تظهر أن الهند عرفت أيضاً هذه الوسيلة الاحتجاجية منذ عهد بعيد.
الإضراب الإيرلندي
في العصر الحديث ظهرت العديد من التجارب على هذا الصعيد. ففي العام 1980، نفّذ سبعة سجناء من الجيش الجمهوري الإيرلندي إضراباً عن الطعام في سجن ميز، احتجاجاً على نقض الحكومة البريطانية اعتبارهم أسرى كالسجناء شبه العسكريين في إيرلندا الشمالية. وانتهى الإضراب الذي قاده بريندان هيوز انتهى قبل حدوث أي حالة وفاة عندما وافقت بريطانيا على تقديم تنازلات أمام مطالبهم.
وفيما بعد اتهم السجناء بريطانيا بالإخلال بتلك الاتفاقية، لذلك أعلنوا في السنة التالية إضراباً آخر عن الطعام. وكان بوبي ساند الأول من بين عشرة سجناء من الجيش الجمهوري الإيرلندي الذي توفي مضرباً عن الطعام في عام 1981. بقي تسعة سجناء على قيد الحياة من دون طعام لمدة تتراوح ما بين 46 إلى 73 يوماً باعتمادهم فقط على الماء والملح قبل أن يفارقوا الحياة. بعد ذلك وافقت الحكومة البريطانية على تنازلات جزئية للسجناء وانتهى الإضراب.
غاندي وسنغ
شارك الزعيم الهندي التاريخي المهاتما غاندي في العديد من الإضرابات عن الطعام احتجاجاً على الحكم البريطاني في الهند، حيث إن الامتناع عن الطعام وسيلة غير عنيفة وفعّالة لإيصال الرسالة.
واستخدَم هنود آخرون أسلوب الإضراب عن الطعام خلال مرحلة استقلال الهند، منهم جاتين داس الذي أضرب حتى الموت، وبهجت سنغ ودوت.
وكان سريرامولو تابعاً مخلصاً للمهاتما غاندي، وعمل معظم حياته لدعم وتأييد مبادئ الحقيقة ونبذ العنف، كما أيد حركات مثل «هاريجان» التي كانت تسعى لإنهاء العزلة الاجتماعية ومنح الإجرام والمعاملة الإنسانية لمن أطلق عليهم لقب «المنبوذين» في المجتمع الهندي، توفي بوتي سريرامولو الهندي الثائر أثناء إضرابه عن الطعام لمدة 58 يوماً في 1952 بعد استقلال الهند في محاولة منه لتشكيل ولاية منفصلة، تسمى «أندرا».
خاضت المُطالِبات بحق اقتراع المرأة في مطلع القرن العشرين إضراباً عن الطعام في السجون البريطانية. وكانت ماريون دونلوب أول من بدأ الإضراب عن الطعام في العام 1909 وأُطلق سراحها حيث إن السلطات لم ترغب في إظهارها بمظهر «الشهيدة».
بعد ذلك، حذت حذوها باقي المُطالبات بحق اقتراع المرأة في السجن وبدأن الإضراب عن الطعام، مما دفع سلطات السجن إلى إخضاعهن للإطعام بالقوة، الأمر الذي صنفته المُطالِبات كنوع من أنواع التعذيب. وقد توفيت كل من ماري كلارك وجين هيوارت وكاثرين فراي وغيرهن نتيجة لما تعرضن له من إطعام قسري بالقوة.
تركيا
خلال 1980 وبعد سلسلة انقلابات عسكرية، تصاعدت عمليات قمع الحركات الاشتراكية، وسُجن العديد من النشطاء السياسيين واليساريين في ظروف قاسية. ورداً على ذلك، سجل في العام 1984 أول إضراب عن الطعام في تاريخ تركيا، احتجاجاً على أساليب التعذيب والمعاملة القاسية التي كان يتلقاها السجناء السياسيون. وأودى ذلك الإضراب بحياة أربعة من اليساريين الثوريين وهم عبد الله ميرال، وحيدر بسباق، وفاتح أوكتولموس، وحسن تيلسي.