مع اقتراب انتخابات رئاسة وزراء الهند لعام 2019 المقررة بعد غدٍ الإثنين، بدا واضحاً مدى الاهتمام بالأخبار السياسية والمرشحين في أوساط الرأي العام ليس فقط داخل الهند ولكن في الخارج أيضاً. ورغم الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها رئيس وزراء الهند الحالي ناريندرا مودي والمرشح لفترة ثانية، إلا أن المنافسة لن تكون بالسهولة المتوقعة خاصة في ظل شراسة منافسه راهول غاندي رئيس الكونغرس، فما هي نقاط قوة وضعف المرشحين، وما هي التوقعات المبدئية؟.
حزب بهاراتيا جانا سانغ تشكل عام 1951 على يد سياما براساد موخيرجي بعد حالة الطوارئ. وفي 1977 اندمج جانا سانغ مع أطراف أخرى لتشكيل حزب جاناتا، وكان أول إنجاز للحزب بعدما هزم حزب المؤتمر الحالي «الكونغرس» في الانتخابات العامة عام 1977.
بعد ثلاث سنوات في السلطة تم حل حزب جاناتا في 1980 لتشكيل حزب بهاراتيا جاناتا. وعلى الرغم من عدم نجاحه في البداية وفوزه بمقعدين فقط في الانتخابات العامة لعام 1984، إلا أنه أصبح أكثر قوة على خلفية حركة رام جانبهومي بعد الانتصارات التي تحققت في العديد من انتخابات الولايات والأداء الأفضل في الانتخابات الوطنية أصبح حزب بهاراتيا جاناتا أكبر حزب في البرلمان في 1996 ومع ذلك، كان يفتقر إلى الأغلبية في مجلس النواب بالبرلمان ولم تدم حكومته سوى 13 يوماً.
بعد انتخابات 1998 شكل الائتلاف بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا المعروف باسم التحالف الوطني الديمقراطي (NDA) بقيادة رئيس الوزراء أتال بيهاري فاجبايي، حكومة استمرت عاماً واحداً، وبعد انتخابات جديدة استمرت حكومة فاجبايي ولاية كاملة، وكانت أول حكومة غير تابعة للكونغرس تقوم بذلك.
في انتخابات 2004 عانى الحزب من هزيمة غير متوقعة، وعلى مدى السنوات العشر التالية، كان حزب بهاراتيا جاناتا المعارض الرئيسي. قاد رئيس وزراء ولاية غوجارات في ذلك الوقت ناريندرا مودي حزبه إلى فوز ساحق في الانتخابات العامة عام 2014 ومنذ تلك الانتخابات، وقاد مودي حكومة بهاراتيا جاناتا كرئيس للوزراء.
الأيديولوجية الرسمية لحزب بهاراتيا جاناتا هي «النزعة الإنسانية المتكاملة»، حيث يدعم المحافظة الاجتماعية والسياسة الخارجية التي تركز على المبادئ القومية، وقد شملت قضاياها الرئيسية إلغاء الوضع الخاص لجامو وكشمير، وبناء معبد رام في أيوديا واعتماد قانون مدني موحد والتركيز على سياسة اقتصادية ليبرالية إلى حد كبير تعطي الأولوية للعولمة والنمو الاقتصادي على الرعاية الاجتماعية.
مرشح «الكونغرس»
حزب المؤتمر الوطني أوما يعرف باسم الكونغرس هو حزب سياسي واسع القاعدة في الهند. تأسس عام 1885 ويعتبر أول حركة قومية حديثة ظهرت في الإمبراطورية البريطانية في آسيا وإفريقيا. منذ أواخر القرن الـ19، وبخاصة بعد عام 1920، تحت قيادة المهاتما غاندي، أصبح الكونغرس زعيم حركة الاستقلال الهندية في ذلك الوقت ومن ثم قاد الهند إلى الاستقلال عن بريطانيا العظمى عام 1947بعدما أثر بقوة على الحركات القومية المناهضة للاستعمار في الإمبراطورية البريطانية.
منذ 2004 إلى 2014، شكل التحالف التقدمي المتحد- وهو تحالف للكونغرس يضم أحزاباً إقليمية عدة - الحكومة الهندية بقيادة مانموهان سينغ، رئيس الوزراء كرئيس للحكومة الائتلافية وزعيم الحزب خلال هذه الفترة وتعتبر سونيا غاندي صاحبة أطول فترة رئاسة للكونغرس.
الكونغرس هو حزب علماني يعتبر نظامه الاجتماعي الديمقراطي عموماً من يسار الوسط في السياسة الهندية وتعتمد سياسته الاجتماعية على مبدأ الزعيم الراحل المهاتما غاندي المتمثل في رفع جميع فئات المجتمع التي تنطوي على تحسين حياة الأشخاص المحرومين اقتصادياً والمهمشين اجتماعياً، الحزب في المقام الأول يؤيد الديمقراطية الاجتماعية ويسعى لتحقيق التوازن بين الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية والرفاهية والعلمانية، ويؤكد الحق في التحرر من الحكم والتعاليم الدينية.
إنجازات
بعد استقلال الهند عام 1947 شكل الكونغرس الحكومة المركزية للهند والعديد من حكومات الولايات الإقليمية وأصبح الحزب السياسي المهيمن اعتباراً من 2015 وشارك في 15 عملية انتخابات عامة منذ الاستقلال، فاز بأغلبية ساحقة في ست مناسبات وقاد التحالف الحاكم أربع مرات أخرى كما كان على رأس الحكومة المركزية 49 عاماً.
كان هناك سبعة رؤساء وزراء في الكونغرس، أولهم جواهر لال نهرو (1947-1964)، وآخرهم مانموهان سينغ (2004-2014). وعلى الرغم من أن الكونغرس لم يحقق نتائج جيدة في الانتخابات الأخيرة عام 2014، إلا أنه لا يزال واحداً من حزبين سياسيين رئيسيين، إلى جانب اليمين الهندوسي القومي وحزب بهاراتيا جاناتا. في الانتخابات العامة لعام 2014، كان أداء الكونغرس الأكثر فقراً بعد الانتخابات العامة، حيث فاز بـ 44 مقعداً فقط من 541 عضواً.
الفن والإعلام
ويعتبر مودي الفن من أقوى أسلحته في الحملة الإعلامية الحالية، فقد تم طرح فيلم بوليوودي يحمل اسمه ويروي جوانبه الإنسانية بشكل عاطفي. وعلى الرغم من محاولات المعارضة لوقف الفيلم إلا أن المحكمة الهندية قضت بعدم وجود مانع لطرح الفيلم في دور العرض وكان أول موعد لعرضه 11 من الشهر الجاري، هذا بالإضافة إلى لقائه التلفزيوني الذي أحدث ضجة كبيرة مع نجم بوليوود أكشاي كومار، وكانت الحلقة بعنوان «هل رأيت مودي يضحك هكذا من قبل؟». واعتمد النجم أكشاي كومار على خفة ظله لإظهار جانب آخر من شخصية مودي وهي حبه للفكاهة ومتابعته الجيدة للفن. وتعتبر اجتماعات مودي مع نجوم بوليوود وتغريداته الدائمة لهم على موقع «تويتر» ظاهرة يومية، ما جعل العديد من النجوم يعلنون موقفهم الداعم له، وأبرزهم شاروخان، أميتاب باتشان، أكشاي كومار، كارينا كابور، رانفيير سينغ وغيرهم، يينما يتفوق راهول في الإعلام الإخباري، وهذا ظهر بشدة بعدما قامت قناة TV5 News أنه حتى الأشخاص الذين ليسوا من أنصار الكونغرس على مستوى الولاية اختاروا غاندي لاختيارهم لرئيس الوزراء وقد قامت نفس القناة باستطلاع رأي حصل فيه غاندي على 42 بالمئة من نسبة التصويت بينما حصل مودي على 30 بالمئة.
وعلى الرغم من أن ناريندرا مودي يتفوق بشكل ملحوظ على موقع «تويتر» سواء في لغة خطابه أو تكريس حضوره في الكثير من القضايا والأحداث التي تخص الهند أو العالم، ولكن راهول غاندي يتفوق بشكل عام على مودي في الترويج عبر مواقع التواصل الأخرى مثل فيسبوك وانستغرام، حيث إن راهول يتعمد الرد بنفسه على استفسارات ورسائل الناخبين ويهتم كثيراً بفكرة البث المباشر لخطاباته وندواته وحتى البث الحر للتواصل مع أكبر عدد من شريحة رواد الإنترنت.
العلاقات الخارجية
يعتبر مودي الأول بلا منازع على جبهة العلاقات الخارجية، فتلك هي أكثر نقاط ضعف غاندي مقابل مودي على الرغم من كونه رئيساً للكونغرس إلا أن زياراته للخارج يمكن عدها على أصابع اليد الواحدة واهتماماته بالشأن الخارجي ضعيف للغاية، بينما مودي قام خلال 6 أشهر فقط قام مودي بزيارة أكثر من 18 دولة حول العالم وعقد العديد من الاتفاقيات التعاونية المشتركة.
السياسة الاقتصادية
في السياسة الاقتصادية يعتمد ناريندرا مودي على العلاقات الخارجية وفتح أسواق جديدة في الخارج، بالإضافة إلى تصدير العمالة والاهتمام بالسياحة والدخل الخاص بالنقل والمواصلات وتطوير الزراعة والصناعة والتكنولوجيا ورغم رفع الدعم وغلاء المعيشة، إلا أن مودي طبقاً للإحصائيات نجح خلال خمس سنوات في رفع الاقتصاد الهندي وإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني والميزانية العامة، أما راهول غاندي فيرى أن ما يقوم به مودي اقتصادياً مبالغة.
ناريندرا مودي
في عائلة شعارها الكفاح من أجل تلبية احتياجات الناس، ولد ناريندرا مودي عام 1950 في مدينة مهسانا مقاطعة جوجارات، حيث كان والده يعمل بائعاً للشاي في محطة القطار المحلي تلك المهنة التي ورثها رئيس وزراء الهند الحالي لتكون أول وظيفة في حياته وهو في سن الثامنة. وعلى الرغم من انشغاله بتوفير المال ومساعدة والده إلا أن هذا لم يقف بينه وبين حلمه ليكون قائداً سياسياً.
كان مودي لم يكمل عامه التاسع عندما بدأ أولى خطواته السياسية، حيث إنه قدم إلى راشتريا سواياميسفاك سانج (آر إس إس) والتقى لاكشمانراو إنامدار الرجل المعروف بكونه معلمه السياسي.
ومن خلال متابعة تقاليد العائلة، قام والداه بإشراكه مع جاشودابن شيمانال عندما كان في الثالثة عشرة من عمره. لكن ناريندرا، الذي كان معروفًا بكونه طالباً صغيراً في خدمة RSS فقد أعطى قلبه للسياسة لذلك حتى بعد أن تزوج من جاسودابن قبل أن يبلغ الثامنة عشرة من العمر، لم يستطع ناريندرا متابعة حياته الزوجية وترك البيت لمطاردة أحلامه.
كان حلم ناريندرا الأبدي هو الانضمام إلى الجيش الهندي، لكن المعارضة القوية من عائلته لم تسمح له أبداً بتحقيق حلمه. مودي كان حالماً، وكان دائماً يسترشد بمبدأ التفاني في خدمة الوطن. حصل على فرصته الذهبية أو كما يطلق عليها الهدية الكبرى من الحياة عندما تنحى كيشوباي باتل عن منصبه كرئيس وزراء في ولاية جوجارات في أعقاب زلزال يناير 2001 في مدينة كوتشي، الذي أودى بحياة الآلاف، ومن ثم تم اختيار مودي بعد أن أصبح بديل باتل رئيس وزراء ولاية جوجارات.
وفور توليه المنصب، ومنذ ذلك الحين أظهرت جوجارات نمواً شاملاً يشمل الزراعة والتصنيع والخدمات في ظل هذا الرجل للتنمية. ولكن، في فبراير 2002، اندلعت أعمال شغب بعد مقتل 59 راكباً، معظمهم من الحجاج الهندوس، في حريق قطار في جودهرا في ولاية جوجارات. قتل ما لا يقل عن 1000 شخص. واتهم منتقدون رئيس الوزراء مودي بعدم القيام بما يكفي لوقف أعمال الشغب وحتى تشجيعهم بهدوء، وهي مزاعم نفاها بشدة ولم يتم إثباتها قط.
حملة الحزب
عام 2013، تم اختيار مودي لرئاسة حملة حزب بهاراتيا جاناتا الحزب الوطني الحاكم في الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في عام 2014، ما يجعله مرشح حزب رئيس الوزراء. ولكن في البداية، كانت هناك شكوك حول قدرة مودي على مساواة سحر أتال بيهاري فاجبايي الذي يعتبر معتدلاً حتى من قبل منافسيه، في جذب الحلفاء. لكن حزب بهاراتيا جاناتا وضع كل ثماره في سلة مودي وهي مقامرة قلبت اللعبة لصالح مودي واجتذبت المزيد من الحلفاء قبل الاستطلاع، بما في ذلك أولئك الذين غادروا التجمع الوطني الديمقراطي باللوم عليه في أعمال الشغب عام 2002. لكن مودي يعتبره مؤيدوه «زعيماً قوياً لا يهاب المواقف الصعبة».
في عام 2014 نجح مودي في أن يكون رئيس وزراء الهند باكتساح مخلفاً وراءه هزيمة ثقيلة للكونغرس الذي يترأسه حالياً منافسه الوحيد في الانتخابات.
وخلال ما يقرب من 5 سنوات رئيساً للوزراء استطاع مودي أن يحدث نقلة نوعية في الهند سواء اقتصادياً أو فيما يتعلق بالشأن الخارجي وكذلك الثورة والريادة التكنولوجية.
راهول غاندي
وسط عائلة سياسية كبيرة في مدينة نيودلهي، ولد راهول غاندي في 19 يونيو 1970، فكان أول طفل لراجيف غاندي، الذي أصبح فيما بعد رئيس وزراء الهند، وسونيا غاندي المولودة في إيطاليا والتي أصبحت فيما بعد رئيسة للمؤتمر الوطني الهندي. وهو حفيد رئيسة الوزراء السابقة أنديرا غاندي. كان جده من الأب فيروز غاندي من كبار ولاية غوجارات، وهو أيضاً حفيد أول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو. لديه شقيقة واحدة تدعى بريانكا.
التحق راهول بمدرسة سان كولومبا في دلهي قبل أن ينتقل إلى مدرسة دون في دهرادون، أوتارانتشال من 1981 إلى 1983. وفي الوقت نفسه، انضم والده إلى السياسة وأصبح رئيس الوزراء في 31 أكتوبر 1984 عندما تم اغتيال أنديرا غاندي. وبسبب التهديدات الأمنية التي تواجهها عائلة أنديرا غاندي من المتطرفين السيخ تلقى تعليمه في المنزل بسبب مخاوف أمنية.
سانت ستيفن
انضم راهول إلى كلية سانت ستيفن في دلهي في عام 1989 للحصول على تعليمه الجامعي، لكنه انتقل إلى جامعة هارفارد بعد الانتهاء من امتحانات السنة الأولى في عام 1991، بعد اغتيال راجيف غاندي من قبل نمور التاميل أثناء تجمع انتخابي. انتقل إلى كلية رولينز في فلوريدا بالولايات المتحدة الأمريكية. وللمرة الثانية بسبب المخاوف الأمنية، قام راهول بالدراسة تحت اسم مستعار، ولم تُعرف هويته إلا لعدد قليل من الأفراد المختارين، بما في ذلك بعض المسؤولين في الجامعة ووكالات الأمن، وحصل على شهادات في العلاقات الدولية ودراسات التنمية في جامعتي رولينز وكامبريدج عام 1994 و1995.
بعد التخرج عمل راهول في شركة مونيتور غروب، واحدة من أكبر الشركات الاستشارية للإدارة في لندن، وفي 2004 عاد للهند بعدما أصبح أحد مديري شركة Backops Services Private Ltd بمقرها في مدينة مومباي.
مجال السياسة
على الرغم من أن راهول غاندي بقي بعيداً عن المجال العام في طفولته وشبابه إلا أنه قرر أن يدخل مجال السياسة عام 2004 وتنافس بنجاح في الانتخابات العامة التي أجريت في ذلك العام، وشغل المقعد الذي شغله والده. فاز مرة أخرى في دائرته الانتخابية عامي 2009 و2014. وسط دعوات من قدامى المحاربين في حزب المؤتمر لزيادة مشاركته في السياسة الحزبية والحكومة الوطنية، تم انتخاب غاندي نائباً لرئيس المؤتمر في عام 2013، بعد أن شغل منصب الأمين العام سابقاً.
راهول غاندي قاد حملة المؤتمر الوطني في الانتخابات العامة الهندية 2014. عانى الحزب من أسوأ نتيجة انتخابية في تاريخه، حيث فاز بـ44 مقعداً فقط مقابل 206 مقاعد فاز بها سابقاً في الانتخابات العامة لعام 2009.
في 16 مارس عام 2017 حقق انتصاره السياسي الأكبر بحصوله على مقعد رئيس الكونغرس الهندي، ولكن طموحه لم يتوقف عند هذا الحد بل قدم أوراق ترشّحه لمنصب رئيس وزراء الهند، ليكون منافس رئيس الوزراء الهند الحالي نانيدرا مودي.