بقلم: حسن علي الحمادي (المهارات الحياتية) قضية جوهرية في حياة الانسان, ومن هنا كان التركيز عليها من جانب المربين والمسئولين التربويين في دولة الامارات, وكان الانشغال بها بالتالي كمادة دراسية لطلبة المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية, حيث تساهم في زيادة الخبرات ورفع مستوى التحصيل. وقد تناولت الحلقة الاولى من هذه الدراسة عرضا لطبيعة مادة (المهارات الحياتية) وضرورتها وتطور الاهتمام بها, وتحاول الحلقة الثانية الاخيرة اليوم رصد اثارها لدى الطلبة من خلال عينة تم توجيه الاسئلة التالية اليها: اسئلة وخلاصات * ما اثر تزويد طلبة المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية بمادة المهارات الحياتية واهدافها السلوكية في تحصيلهم الدراسي في مقرر مادتي الاجتماعيات والتاريخ في كل من مستويات التذكر والفهم والاستنتاج؟ * ما اثر تزويد طلبة المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية بمادة المهارات الحياتية واهدافها السلوكية في قدرتها على الاحتفاظ بمادتي الاجتماعيات والتاريخ في كل من مستويي التذكر والفهم؟. * هل يختلف تأثير استخدام مادة المهارات الحياتية واهدافها السلوكية في التحصيل الدراسي في مادتي الاجتماعيات والتاريخ لدى عينة من طلبة المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية باختلاف مستوى ذكائهم؟ اما اهمية الدراسة فيتوقع ان تفيد في: 1 ـ توجيه انظار المعلمين والقائمين على المناهج, وخاصة معلمي مادة المهارات الحياتية للمرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية, نحو تركيز اهتمامهم في تخطيطهم للدرس على الاهداف السلوكية لمادة المهارات الحياتية, واطلاع المتعلمين عليها, قبل البدء في الدرس, لتركيز جهودهم ونشاطهم نحو تحقيقها في اقصر وقت واقل جهد. 2 ـ توجيه انظار القائمين على تخطيط وتصميم المناهج والكتب المدرسية عامة, وكتب المهارات الحياتية بخاصة الى الاهتمام بكتابة الاهداف السلوكية في بداية كل وحدة دراسية ليطلع عليها المعلمون, لكي تسهل عليهم عملية تخطيط خبرات وانشطة التعليم, واعداد ادوات التقويم. 3 ـ توجيه انظار التربويين والمسئولين عن برامج اعداد المعلمين وتأهيلهم قبل الخدمة بكلية التربية الى الاهتام في برامجهم التدريبية بموضوع المهارات الحياتية واهدافها من حيث صياغتها وتصنيفها وتطبيقها, اي لابد من تخريج طلبة من الجامعة والكليات الاخرى متخصصين في مادة المهارات الحياتية حتى تكون عملية تدريسها منظمة ومقننة ولا تناط الى معلمين غير متخصصين فيها كما هو حاصل في وقتنا الحالي. فعلى سبيل المثال في الفصل الدراسي الاول تم تدريسها بواسطة الاخصائيين الاجتماعيين, وفي الفصل الدراسي الثاني يتم تدريسها بواسطة معلمي المواد مثل التربية الاسلامية والتاريخ والجغرافية.. الخ. 4 ـ هذه الدراسة قد تفتح المجال لدراسات وبحوث اكثر تعمقا في الجوانب الاخرى للمادة مثل دراسة موضوعاتها وربطها مع الواقع. اما حدود الدراسة فتقتصر حاليا على: *صفوف المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية بدولة الامارات, وذلك لأن الطالب في هذه المراحل الدراسية قد وصل نوعا ما الى مستوى من النضج والادراك يمكنه من فهم واستيعاب منهجية مادة المهارات الحياتية واهدافها السلوكية والعمل على تحقيقها من خلال عملية التعلم الصفي. * موضوعات مادتي الاجتماعيات والتاريخ المقررة دراستها في المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية. * قائمة الاهداف السلوكية الخاصة بمادة المهارات الحياتية على جميع المهارات, مثل التذكر والفهم والاستنتاجات. العينة والنتائج تكونت عينة الدراسة من ستة فصول ابتدائية عليا واعدادية, تم اختيارها بطريقة عشوائية, من احد مدارس الدولة, وقد بلغ العدد الكلي للعينة 90 طالبا, وبعد توزيع الاستمارات وتطبيق التجربة, توصلنا الى مجموعة من النتائج اوجزها بالنقاط التالية: 1 ـ وجود فروق دالة بين طلاب المرحلة الابتدائية العليا والمرحلة الاعدادية حول الاهداف السلوكية المتعلقة بمادة المهارات الحياتية, فقد عزا طلاب المرحلة الاعدادية سبب استفادتهم من هذه المادة الى استراتيجية استخدام الاهداف السلوكية الممزوجة مع منهج المادة, في الوقت الذي ارتفع فيه مستوى تحصيلهم في موضوعات التاريخ وتطبيقاته, وقد يرجع ذلك الى ان تحديد الاهداف السلوكية الخاصة بهذه المادة في بداية كل درس يثير المتعلم ويحدد له مايجب عليه تعلمه, مما يدفعه الى بذل الجهد وتوجيه انتباهه ونشاطه نحو تحقيق هذه الاهداف. ويبعده عن التخبط والعشوائية وضياع الوقت, فعلى سبيل المثال استطاع احد طلاب العينة تحويل معلومة من مادة المهارات الحياتية الى مادة التاريخ, اذ انه قرأ فقرة تخص احداث غزوة بدر الكبرى من مادة المهارات الحياتية وحولها الى معلومة على شكل خارطة في مادة التاريخ وربطها مع الزمن (2هـ ) وهكذا بالعكس يمكن تحويل الخارطة الى معلومة. كما ان تحديد اهداف مادة المهارات الحياتية في المرحلة الابتدائية وربطها مع مادة الاجتماعيات التي هي قريبة منها نوعا ما يوفر للطلاب نوعا من التغذية الراجعة للمادة نفسها والمواد الاخرى فكلما حقق الطالب هدفا فإن هذا يشجعه ويساعده على التقدم نحو تحقيق الاهداف تجاه المواد الاخرى وهذا يتمشى مع المبادىء الاساسية في علم النفس التي تؤكد على ان اشراك المتعلم ايجابيا فيما يتعلمه يحسن تعلمه, وبالتالي يحسن مستوى تحصيله فيما يدرسه من مواد وفي هذا اجابة عن السؤال الاول الذي طرح في الدراسة. 2 ـ ان استخدام المعلمين للاهداف السلوكية في تحضيرهم لمادة المهارات الحياتية يؤدي الى زيادة اهتمام المتعلم بالمادة ويزيد من رغبته في تعلمها والحرص على تحقيقها بنفسه والتأكيد عليها, مما يساعده على استبقاء المادة العلمية المتعلمة الاخرى, على سبيل المثال, ما تم استنتاجه في مادتي التاريخ والاجتماعيات, حسب ما جاء في تحليل البيانات والاحتفاظ بهما لفترة طويلة, ويقلل من فرض نسبيتهما كما وجد ان تأثير استخدام مادة المهارات الحياتية في المستويات العليا كالفهم اكبر من تأثيرها في المستويات الدنيا كالتذكر وهذا ما اثبتته نتائج الدراسة الحالية وفي هذا اجابة عن السؤال الثاني الذي طرح في بداية الدراسة. 3 ـ ان مجموعة الذكاء الأدنى لطلاب المرحلة الابتدائية في مادة الاجتماعيات وطلاب المرحلة الاعدادية في مادة التاريخ ذوي الذكاء الأدنى قد افادوا كثيرا من استراتيجية تلقي الاهداف السلوكية لمادة المهارات الحياتية, وذلك فيما يتصل بعامل الفهم, فتحديد المطلوب منهم في بداية كل درس في مادتي الاجتماعيات والتاريخ ادى الى ارتفاع مستوى ادائهم في الفهم. فمثلا استطاع طلاب المرحلة الابتدائية العليا الذين درسوا قضية الجزر العربية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى) المحتلة من قبل ايران في عام 1971م, ان يعرفوا أسباب الاحتلال, حيث لم تظهر فروق بينهم وبين مجموعتي الذكاء المتوسط في فصول المرحلة الاعدادية وخاصة الثالث الاعدادي الذين يدرسون نفس القضية. كما قد تشير هذه النتيجة الى ان افراد مجموعة الذكاء العالي ليسوا بحاجة الى تحديد المطلوب منهم في بداية الدرس لأنهم قادرون على استنتاج ذلك, كما ان باستطاعتهم استنتاج الغرض من الدرس, وذلك من خلال الاستفادة من ارشادات المعلمين حول المصادر والمراجع المتصلة بهذه القضية أو غيرها والبحث عنها في المكتبات العامة او الخاصة او المدرسية. كما ان وجود فروق دالة احصائيا بين مجموعتي الذكاء الادنى والعالي في مستوى التذكر يشير الى ان تأثير الاهداف السلوكية لمادة المهارات الحياتية في الفهم كان اكبر من تأثيرها في عامل التذكر بالنسبة للطلاب في المرحلة الابتدائية العليا والاعدادية من ذوي مستوى الذكاء الادنى, وفي هذا اجابة عن السؤال الثالث الذي طرح في الدراسة. مكانة هامة لذا فإن مادة المهارات الحياتية تحتل مكانة هامة في حياتنا من جميع النواحي وهي ضرورة على المدى البعيد, فمن خلالها يستطيع الطالب ان يتعامل مع الاخرين ببعد نظر, كما انها وسيلة فعالة في توجيه الطلاب بما ستئول اليه اوضاعهم في المستقبل اثناء تعاملهم مع كافة المؤسسات سواء الاجتماعية او الاقتصادية او الثقافية او السياسية وتنفيذ مضمونها بشكل سليم, كما انها ستساعد اولياء الامور في تعاملهم مع ابنائهم اذا ادركوا هذه المادة واهدافها وكانوا على وعي مع ما تضمنته هذه المادة من منهجية. اما بخصوص المسئولين والمعلمين فاعتقد انه لابد ان يتفق المسئولون على ما لهذه المادة من اهمية في كافة القطاعات الجامعية, فمثلا الذي يزور احد الجامعات والكليات والمعاهد الحكومية والخاصة في دولتنا سيلاحظ ان هذه المادة تدرس كجزء من متطلبات التخرج الجامعي او الاكاديمي, اما بخصوص المعلمين الحاليين الذين يقومون بتدريسها, فعليهم اتقانها, من حيث معرفتهم بمستوياتها وصياغتها, وتصنيفها وتقويمها وتحديدها بصورة سليمة, حتى يستطعيوا تحقيق ما نسعى اليه من اهداف تربوية منشودة, ولا يتوقف الامر عند ذلك بل ينبغي اطلاع المتعلمين على هذه الاهداف التعليمية الخاصة بهذه المادة في كل حصة دراسية ترتبط ارتباطا مباشرا بهذه المادة من حيث مضمونها وتوعيتهم بأهمية ما تسعى اليه حتى نضمن ايجابياتهم ونشاطهم ومشاركتهم البناءة في تحقيق تلك الاهداف واكتسابها. وفي الحقيقة فإنه من خلال استمرارية تعلم الطلاب مادة المهارات الحياتية يستطيعون القضاء على العديد من الظواهر والمشاكل السلبية المنتشرة في دولتنا, مثل القروض من البنوك, التدخين في المدارس, المخدرات, رعاية المسنين, بر الوالدين, البحث عن المصادر والمراجع, تصنيف الكتب, اتخاذ القرار, تحليل المعلومات.. الخ. ولتفعيل هذه المادة وغرسها في نفوس الطلاب على المدى البيعد, هناك شرطان اساسيان يكفلان نجاحها بعد ربطها بفاعلية اطلاع المتعلمين على الاهداف التعليمية التي تتعلق بمادة المهارات الحياتية, وهما: تنظيم المادة الدراسية عند عرضها, وانتباه المتعلمين لهذه الاهداف ووعيهم بها. التوصيات والمقترحات في ضوء ما تقدم, يمكن توضيح بعض المعلومات والمقترحات التي قد تساعد في تحسين المستوى التحصيلي للمتعلمين من جهة, وفي رفع مستوى تدريس مادة المهارات الحياتية واهدافها وربطها مع المواد الاخرى من جهة اخرى. 1 ـ الاهتمام بتحديد اهداف مادة المهارات الحياتية في كل درس بوضوح ودقة نتيجة اختلاف الموضوعات, وصياغتها في عبارات تتناسب في وصف التغير السلوكي المتوقع حدوثه في جانب من جوانب شخصية المتعلم بعد انتهائه من عملية التعليم. 2 ـ تدريب المعلمين الذين يدرسون مادة المهارات واهدافها, على العديد من المهارات وخاصة مهارات تحديد الاهداف, وصياغتها بطريقة اجرائية, سواء كان ذلك قبل او اثناء الخدمة, حيث ان هذه المادة تعد من اهم الكفايات التي ينبغي على وزارة التربية اتقانها ووضعها في اعتبارها على المدى البعيد, لما لها من اهمية في عملية مستقبل الطلاب الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي من ناحية, ولما لها من اهمية في عملية التعلم الصفي وفعالياته من ناحية اخرى. 3 ـ اطلاع المتعلمين على موضوعات مادة المهارات الحياتية التي ستدرس قبل بداية كل حصة كنوع من التحضير المسبق, وتوضيحها لهم, لخلق الدافعية لديهم والاقبال على التعلم, وتوجيه انتباههم وتكريس جهودهم لتحقيق هذه الموضوعات واهدافها. 4 ـ ضرورة الاهتمام عند اعادة تأليف الكتب المدرسية بكافة موادها باضافة مهارة من مهارات مادة المهارات الحياتية خاصة بكل وحدة دراسية ومتعلقة بها لمساعدة المعلم والمتعلم في عملية التخطيط وتشرب المهارة بسرعة فائقة. 5 ـ عدم تقييد المعلمين بمادة المهارات الحياتية حرفيا حتى لا يصبح المقرر شيئا جامدا, يؤدي بالمعلم الى تجاهل اي تطورات جديدة متعلقة بمادة المهارات الحياتية. 6 ـ اتاحة الفرصة للمعلمين لتجريب طرائق جديدة في مادة المهارات الحياتية, وعدم تقيدهم بالفصل الدراسي (غرفة الفصل) والطرائق التقليدية, وتوفير الامكانات والوسائل التي تتيح لهم الابتكار والتجريب في ظروف الفصل الداخلية والخارجية دون ان يتعرضوا لضغوط من الموجهين او الادارة المدرسية. 7 ـ القيام بدراسة مماثلة للدراسة الحالية في تحليل معلومات مقرر مادة المهارات الحياتية بشكل اوسع, لتحديد اثر هذه المادة على مستقبل الاجيال. 8 ـ اجراء دراسات مماثلة للدراسة الحالية على متغيرات اخرى غير التحصيل الدراسي. 9 ـ قيام الجهات المسئولة في كافة قطاعات الدولة الحكومية وغير الحكومية بمد يد العون من اجل تطبيق هذه المادة عمليا, كل في حقل اختصاصه. 10 ـ قيام وزارة التربية والتعليم مستقبلا بتغيير منهج الصف الثاني الاعدادي او الثالث الاعدادي لمادة المهارات الحياتية لتشابه المنهجية في الفصلين, وذلك بطرح منهجية اخرى.