الخميس 25 شعبان 1423 هـ الموافق 31 أكتوبر 2002 حكي عن عبدالملك بن عمير انه قال: لما بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان اضطراب أهل العراق جمع أهل بيته وأولي النجدة من جُنده، وقال: أيها الناس، إن العراق كدر ماؤها، وكثر غوغاؤها، واملوْلَح عذبها، وعظُم خطبها، وظهر ضرامها، وعسر اخماد نيرانها، فهل من ممهد لهم بسيف قاطع، وذهن جامع، وقلب ذكي، وأنف حمي، فيخمدُ نيرانها، ويردع غيلانها، وينصف مظلومها، ويداوي الجرح حتى يندمل، فتصفو البلاد، وتأمن العباد؟ فسكت القوم، ولم يتكلم أحد، فقام الحجاج وقال: يا أمير المؤمنين، أنا للعراق، قال: ومن أنت لله أبوك؟ قال: أنا الليث الضمضام (الغضبان) والهزبر الهشام، أنا الحجاج بن يوسف، قال: وممن؟ قال: من ثقيف، كهوف الحتوف، ومستعملي السيوف، قال: اجلس لا أم لك، فلست هناك، ثم قال: ما لي أرى الرؤوس مطرقة والالسن معتقلة؟ فلم يجب أحد، فقام إليه الحجاج، وقال: أنا مجندل الفساق، ومطفئ نار النفاق، قال: ومن أنت؟ قال: أنا قاصم الظلمة، ومعدن الحكمة، الحجاج ابن يوسف، معدن العفو والعقوبة، وآفة الكفر والريبة، قال: إليك عني، [ما أنت] وذاك؟ فلست هناك، ثم قال: من للعراق، فسكت القوم، وقام الحجاج، وقال: أنا للعراق، فقال: إذن أظنك صاحبها والظافر بغنائمها، وإن لكل شيء ـ يا ابن يوسف ـ آية وعلامة، فما آيتك وما علامتك؟ قال: العقوبة والعفو والاقتدار والبسط، والازورار والادناء، والابعاد والجفاء، والبر والتأهب، والحزم وخوض غمرات الحروب بجنان غير هيوب، فمن جادلني قطعته، ومن نازعني قصمته، ومن خالفني نزعته، ومن دنا مني أكرمته، ومن طلب الأمان أعطيته، ومن سارع إلى الطاعة بجلته، فهذه آيتي وعلامتي، وما عليك ـ يا أمير المؤمنين ـ أن تبلوني، فإن كنت للأعناق قطاعاً وللأموال جماعاً وللأرواح نزاعاً ولك في الاشياء نفاعاً، وإلا فليستبدل بي أمير المؤمنين، فإن الناس كثير، ولكن من يقوم بهذا الأمر قليل، قال عبدالملك: انت لها، فما الذي تحتاج إليه؟ قال: قليل من الجند والمال، فدعا عبدالملك صاحب جنده فقال: هيئ له من الجند شهوته، والزمهم طاعته، وحذرهم مخالفته، ثم دعا الخازن فأمره مثل ذلك، فخرج الحجاج قاصداً نحو العراق. أبو صخر