من يطالع صحف اليوم ويشاهد ويسمع أخبار العالم وبالذات العربي يدرك أن نسبة كبيرة من الكتاب والبرامج ليس لها شاغل هذه الأيام سوى حكم »الإخوان« واقصد »الإخوان المسلمين« والافتراضات التي تساق بين حين وآخر في حال وصولهم إلى الحكم وجملة وفيضاً من التحليلات والآراء التي تتحدث وكأن وصولهم إلى الحكم بات تحصيل حاصل.

البعض، إن لم يكن أكثر الكتاب والمحللين يتخوف من هذه النتيجة ويعتبرها كارثة على الأمة وينذر بالويل والثبور إذا قدر الله هذا الأمر وكان قدراً مقدوراً وبعض أصحاب منهج الاستئصال ينادي صراحة باستخدام كل وسيلة لإبعادهم كما حدث في الجزائر قبل سنوات عندما وطئت الديمقراطية وسحقت بأقدام العسكر افتراضاً أن جبهة الإنقاذ لن تعمل بالديمقراطية التي أوصلتها للحكم.

المتباكون على نتائج الانتخابات في مصر وفي فلسطين والذين نعوا الديمقراطية سلفاً يتصرفون وكأن الشعبين يرفلان الآن في أثواب النعيم وجنات الحرية والفكر الخلاق وعصور النهضة الاقتصادية والاجتماعية ونسي هؤلاء ماهية وطبيعة الحكم في كثير من دول عالمنا العربي وكيف يتحكم العسكر وأجهزة الأمن في مقاليد البلاد والعباد.

وإذا افترضنا جدلاً وواقعاً وصول بعض الإسلاميين إلى السلطة، فهل تم تجربتهم قبل ذلك حتى نعرف شرهم والبعض يستند إلى التاريخ خصوصاً تاريخ الإخوان مع ثورة يوليو ولن نجادل في هذه الفترة وما جرى فيها ولكننا نقول لماذا يتم التغاضي عن تاريخ كامل من المذابح اليهودية في فلسطين ويتم التفاوض مع دولة عصابات باسم العقلانية والمرونة ولا مكان للمسامحة مع أبناء الأمة؟

البعض لا يمانع مثلاً في إلغاء كل مظهر للحرية والتسامح ويعتبر أن الحرية مطلوبة ليكتب ويتحدث هو فقط وعندما تقول الشعوب كلمتها وتأتي الانتخابات بنتائج مخالفة لآرائهم عندها يثور ذلك التحرري ويصبح مدافعاً عن القمع والتنكيل. لقد عاش عالمنا العربي طويلاً تجارب سياسية واقتصادية وحروباً عسكرية كان نتيجتها الفشل والهزيمة فلماذا لا يتم الاحتكام إلى الناس وإشراكهم في الحكم بدلاً من الحزب الواحد والقائد الواحد الذي جر على الأمة كل هذه الويلات.

أخيراً.. حتى لو وصل الإسلاميون وحكموا فإن سنن التغيير تحتاج إلى الكثير من العمل والجهد الذي يفوق طاقاتهم فهم أولاً وأخيراً هم من هذا المجتمع ولم يهبطوا من الفضاء والمجتمعات هي التي تقرر عادة مصائرها وليس جماعة بعينها مهما كان حجمها وفي التاريخ شواهد لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

asmadi@albayan.ae