هو بحق أحد أكثر القطاعات الاقتصادية فاعلية في الحياة اليومية للناس ليس في السلطة الفلسطينية فقط ولكنها قضية تمس أكثر من ثلاثة أرباع العالم الذي يدعى الثالث أو النامي والأرقام الصادرة عن البنك الدولي حول صناعة الفساد كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات.

700 مليون دولار لا غير نهبها أبوات السلطة ليس من خزائن الدولة فقط بل من جيوب وقلوب الناس التي كانت تتطلع إلى إصلاح الطرق وبناء المستشفيات وإقامة مشاريع البناء وتوفير فرص العمل لجيوش البطالة التي تضرب في عصب الاقتصاد الفلسطيني.

عند الحديث عن 25 متهما يمكن للمرء أن يدرك أن ما خفي أدهى وأمر والقصور والفلل الفاخرة والسيارات التي لا يركبها حتى الوزراء في الدول العظمى تعطي مؤشرات أن صناعة الفساد قطاع اقتصادي قائم بذاته ويستحوذ على جزء هائل من الميزانية القومية سواء في السلطة أو في دول العالم «الثالث».

البنك الدولي في تقريره الأخيرة حاول جاهدا إيجاد صيغة مخففة للإشارة إلى الدول العربية في صناعة الفساد وهي التي تستحوذ على 30 بالمائة من هذه الصناعة الرائجة وهو مبلغ يصل إلى 300 مليار دولار من أصل تريليون دولار وبالطبع جاءت فلسطين ضمن قائمة الأوائل بدلاً من أن تكون عنوانا للمقاومة وبدلا من رسالة للعالم ضد الظلم والطغيان وإذا بالظلم يأتي من ذوي القرابة.

السلطة المطلقة مفسدة مطلقة عبارة انطبقت تماما على حال السلطة الفلسطينية التي استأثرت بالمال والجاه طيلة ثلاثين عاما وهو أمر ساعد عن تناسل بذور الفساد وتطاولها وهو أمر تنبهت له الدول المانحة جميعها ورفضت تقديم منح نقدية مباشرة لكن ذلك كله لم يثن بارونات الفساد عن ابتكار طرق جديدة لنهب المال العام على حساب الفقراء والمساكين الذين طحنهم ظلم العدو وفساد القريب.

وإذا كان الحديث عن 37 ألف وظيفة وهمية ما زال في بدايته فإن القصور التي بنيت على شواطئ غزة وخارجها تكفي للتدليل على حجم الضرر الذي ألحقة هؤلاء بفلسطين وقضيتها العادلة وشعبها المحتل والمساعدات التي قدمت منذ أوسلو لو تم توظيفها لتحسين معيشة الناس لكان هناك كلام آخر.

الأمر المستغرب أن رائحة الفساد التي أزكمت الأنوف منذ سنوات لم يتم الإعلان عنها إلا منذ أيام فقط فهل الأمر مرتبط بفوز حماس أم أن النائب الإداري في فلسطين تحرر من الضغط الكبير عليه بعد أن غادر البارونات مواقعهم وأصبحت الفرصة مواتية لبدء محاسبتهم من قبل الشعب قبل المحاكم.

asmadi@albayan.ae