يتوقف المرء كثيراً قبل كتابة أمور لها علاقة بالدين أو جانب عقائدي منه أو حتى رموزه ويخال نفسه يسير على خيط رفيع لا يعرف متى يسقط وهذا ينسحب عند الحديث عن أي دين مهما كان فكيف إذا كان الحديث عن رمز مثل قداسة البابا بهيبته وتأثيره.

وندرك جميعاً أن حديثاً من شخص بحجم قداسة البابا ليس حديثاً عادياً من شخص عادي والخطأ ليس كالخطأ من غيره وكنا نتمنى لو أن قداسته ابتعد عن مثل هذه القضايا حتى لو كانت من الجانب الأكاديمي.

ولن نتوقف هنا في الدفاع عن الإسلام حتى ولو كنا مسلمين وفي التاريخ الكثير من الشواهد التي تنصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم تتوقف يوماً سهام التجريح عن الغمز واللمز، في الوقت نفسه الذي حظي فيه بإنصاف من رجال التاريخ والأكاديميين ممن تحلوا بالحيادية والموضوعية.

واعتقد أن من حقنا أن نتساءل عن معنى وتوقيت هذه العبارات البابوية ضد الإسلام وهل لها علاقة بمقولة «الفاشيين الإسلاميين» التي أطلقها جورج دبليو بوش ولماذا انطلقت من البابا الحالي ولم نسمعها من البابا السابق الذي كان بحق قمة في هيبته وتسامحه التي تجلت في عفوه عمن أطلق عليه الرصاص.

إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن داعية بالسيف والعنف ولم يكن جهاده أو حروبه إلا لإحقاق الحق ومواجهة باطل وهو أمر تقرره جميع الديانات والشرائع.

ليسمح لنا قداسته أن نذكره بأننا نحن المسلمين وحتى هذا اليوم بانتظار اعتذار الفاتيكان سواء كان شفوياً أو مكتوباً وأوروبا من قبله عن الحروب والحملات الصليبية التي شنت ضد الإسلام والمسلمين بمباركة من البابا آنذاك واستمرت أكثر من أربعة قرون وما جرى فيها من فظائع ضد المسلمين في ديارهم رغم أن البابوبية سارعت منذ زمن في تبرئة اليهود من دم المسيح الذي ارتبط بهم منذ مئات السنين.

إننا نعيش في منطقة عانت من ويلات الحروب وما زالت وهي لا تحتاج إلى مثل هذا التوتر والحساسيات التي تثار هنا وهناك مرة بداعي حرية الفكر وأخرى بداعي حسن النية حتى أن الرئيس بوش لم يقصد شيئاً حين أشار إلى الحروب الصليبية.

إنها دعوة للجميع للانتباه أكثر لهذه المنطقة التي تحتاج إلى العقلاء وليس قادة الحرب أو دعاة التحريض والفتنة ومن واجبنا أن نذكر قداسته أن سلفه البابا يوحنا بولس كانت أكثر دعواته للسلام موجهة إلى هذه المنطقة.

لا نريد أن ننكأ جراح الماضي ولا نبغي من ذلك استخراج الأحقاد أو التحريض ونحن نعيش مع المسيحيين في هذه المنطقة منذ مئات السنين لنا ما لهم وعلينا ما عليهم ولن نسمح أن تثار ضدهم أي ضغينة أو كراهية ذلك أننا واثقون أن غالبيتهم لا يوافقون على الهجوم على الإسلام.

Asmadi@albayan.ae