في كل رمضان يحل ضيفا على امة الإسلام ترى جميع المسلمين يتبادلون التهاني والتمنيات بالصحة والخير سواء كانوا أفراداً أو دولاً لكن الواقع يبقى دوما مخالفا لأمنياتنا وفي كل رمضان نجد رصيد الأمة يتناقص ليس ماليا ولكن معنويا ومهابة وقوة فكيف يكون ذلك ؟

قبل سنين عدة كنا ندعو الله ان يمكنا من تحرير مقدساتنا السليبة وهي هنا في فلسطين لكن واقع اليوم يقول ان العراق وأفغانستان المسلمة انضمتا إلى قافلة الدول المحتلة التي يربض على أنفاس كل منهما جيوش من كل شرق وغرب العالم ولم تستطع امة العرب والإسلام حتى اليوم تحرير ولو شبر والقادم قد يكون اكثر شرا.

ولو عادت بنا السنوات إلى الوراء لرأينا ان العراق قطب نفطي يجلس على ثاني اكبر احتياطي في العالم والسودان كانت سلة الغذاء العربي لخصوبة أراضيها ووفرة مياهها وعظم مساحتها لكن نظرة خاطفة إلى هاتين الدولتين نجد ان العراق يستورد اليوم البنزين من الأردن التي لا تمتلك قطرة نفط واحدة وحدثني صديق عراقي ان والدته أخبرته ان الهم الأكبر لها هو الحصول على نفط خلال الشتاء المقبل.

اما السودان سلة الغذاء العربي فهو في أجزاء كبيرة منه يعاني من مجاعة وربما الجفاف فهل نتصور ذلك في هذا البلد ! بلد النيلين والخصوبة الزراعية وهل يعقل كل هذه القضايا في بلد واحد ما ان يخرج من أزمة حتى يدخل في أخرى من شماله إلى جنوبه وحتى دارفور.

اما فلسطين فحدث عنها ولا حرج فالجميع يهدد الجميع بالتصفية والقتل وأزمة الرواتب والحصار ما زالت تدور فهل يعقل خلو فلسطين من الأموال وهل تعجز الرئاسة والحكومة الفلسطينية عن تحصيل مبلغ 750 مليون دولار نهبت من خزائن السلطة وجلب سارقيها إلى العدالة ثم اين أموال ياسر عرفات التي لا يختلف اثنان على وجودها والبعض يقدرها بـ 5 مليارات دولار ولماذا لا يتحدث عنها احد أو يطالب بها وهي حق مشروع للشعب الفلسطيني وليست ملكا لأحد مهما كان.

لا اعرف تفسيرا لانشغال العرب بقضايا هامشية لا تقدم ولا تؤخر وفق عملية يراد بها الهاء الناس عن القضايا الكبرى على طريقة نابليون في مزرعة الحيوانات لجورج اورويل والغريب ان الشعوب ما زالت تساق بهذه الطريقة حتى في رمضان.

الا يمكن ان يبادر علماء وعقلاء الأمة وصانعو القرار فيها إلى جلسات مصارحة ومكاشفة في هذا الشهر الفضيل بشرط ان تبتعد عن نمط مؤتمرات القمة العربية وتطرح فيها أسباب الخلل وطرق العلاج ونحن هنا لا ننادي تحرير كامل التراب الفلسطيني أو العراقي بقدر ما هي تدارك الأمر ومنع المزيد من الخسائر ووقف النزيف المراق في شرق الوطن العربي وغربه سواء نزيف الدم أو نزيف الجوع أو حتى تجنب خسارة دولة أخرى والوقاية خير من العلاج.

قد يكون الأمر حلما من الخيال وقد يكون خاطرة لكنها ليست مستحيلة التطبيق وشهر رمضان مليء بالفرص الذهبية للعودة إلى الله فلماذا لا تكون هذه الخطوة إحدى هذه الفرص التي تجتمع فيها الأمة .

وتتخلى كل زعامة عن انانيتها لصالح المجموع ولتكن اوروبا الموحدة قدوة لنا في هذا الأمر ولننظر كيف تحقق هذه الوحدة نجاحا جديدا كل يوم يصب في صالح شعوب هذه القارة التي اكتوت بنار حربين أكلتا الأخضر واليابس وكيف ذهبت خصومات الأمس أدراج الرياح وحل مكانها المصالح والحوار فهل من مجيب في عالم العروبة. إن في ذلك لذكرى للذاكرين.

أخيراً نأمل في رمضان مقبل إن أطال الله في أعمارنا ان نتمكن من اكتشاف طريق آخر بين الشارقة ودبي لعلنا نتمكن من الوصول في اقل من ساعة.

asmadi@albayan.ae