لفت انتباهي خلال الأسبوع الماضي خبر قيام الحكومة الأردنية بوضع خطة طارئة لقطاع السياحة الذي ما زال يعاني بفعل جملة من العوامل قد تتشابه في كثير منها مع أوضاع مماثلة في دول عربية أخرى تعتبر السياحة احد مصادر الدخل فيها ولكن هل نفهم السياحة على أنها استثمارات وبنى تحتية وخدمات فقط؟

ما يعنينا هنا ليس الخطة الطارئة او ميزانيتها او بنودها بقدر خلق قطاع سياحي يكون احد أعمدة الاقتصاد في الدولة ويمكنه ضخ المليارات في الاقتصاديات العربية التي تعاني معظمها من عجز مستمر تلجأ دول كثيرة فيه إلى عمليات التسول من دول العالم والمنظمات الدولية فيما يسمى تخفيفا بـ «منح» مالية او قروض تنقلب بعد ذلك إلى محن ما زالت تعاني منها الكثير من شعوب العالم العربي.

والسياحة بمفهومها البسيط هي القدرة على جذب اكبر عدد ممكن من السياح وما ينفقونه في هذا البلد او ذاك لكن جذب هذا السائح ليس بالأمر اليسير في منطقة تموج باضطرابات لا حصر لها وتشوهات فرضتها عوامل داخلية وخارجية تبدأ بالأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في كثير من دول العالم العربي وتنتهي بقدرة كل دولة على التعامل مع السائح وتعطيه منتجا سياحيا يليق بهذه الدولة ويضمن رغبة الزائر في العودة مرة أخرى وبالتالي بناء سمعة سياحية مرموقة على مستوى العالم.

لكن ما يحدث في كثير من الأحيان من تصرفات في المطارات والمزارات السياحية كفيل ليس بطرد السائح فقط ولكن هروب المواطن نفسه وابن البلد من بلده وإذا أردنا شواهد حية على ذلك علينا زيارة وتجربة 95 بالمئة من المطارات العربية ليس من بينها دبي لنطلع على مستوى الخدمة فيها .

ونرى بالعين المجردة الكثير من التصرفات المعيبة التي تبدأ بمراقبة السائح من قبل فرق وكتائب تسعى إلى الفوز بالبقشيش وتحيط به من كل الجوانب وهذه الظاهرة يدركها الكثير من الخليجيين الذين لا شك مروا بهذه التجربة الممتعة والمزعجة في آن.

واذا كنا نتحدث كثيرا عن المطارات العربية فلأنها بوابة الدخول وهي أول ما يوجهه السائح وبالتالي فهي تقدم فكرة سريعة عن البلد ولاننا نعرف بعض ما يجري في هذه المطارات ليس بحق السائح فقط ولكن جميع من يضطر إلى استخدام هذا المطار او ذاك وكيف يتعامل بعض الموظفين هناك مع مستخدمي المطار فضلا عن المستوى المتدني للخدمات بشكل عام.

وقد يقول البعض ان هناك مبالغة والكثير من الناس تدخل وتخرج دون مضايقة وهذا صحيح لكن يبقى ان الحوادث السابقة تحدث والبعض يفكر كثيرا مثلا قبل دخول بلد معين جراء ما تعرض له في مرة سابقة .

ومن هنا فإن تدريب العالمين في المطار حتى على الابتسامة وأقول الابتسامة لأن كثيرا من موظفي المطارات العربية بحاجة ماسة إلى استخدام تكنولوجيا «الابتسامة» في وجه الضيف او الزائر ذلك ان تكلفتها بسيطة للغاية حتى ولو كانت مصطنعة واعرف ان زعيما عربيا زار مطار الدولة أكثر من ثلاث مرات خلال فترة قصيرة بعد ورود الكثير من الشكاوى اذا القضية حقيقية وليست من خيال الكاتب.

ولا نريد الحديث عن مستوى الخدمات السياحية او الاستثمار السياحي وأهميتهما في تطوير صناعة السياحة العربية لان العالم العربي يحتضن تراثا سياحيا وتاريخيا هائلا وفريدا يمكنه جذب السائح ايا كانت جنسيته لكن الأهم يبقى الاستثمار في تطوير البشر وتقديم موظف يحسن المعاملة بنص الحديث الشريف الذي يقول «الدين هو المعاملة».

إذا عرفنا هذه الأمور البسيطة في صناعة السياحة يمكننا الحديث بعد ذلك عن قطاع اقتصادي متطور قادر على ضخ المليارات في الاقتصاديات العربية ونعرف حينها السر الذي جعل من ذلك الهرم المصنوع في مدينة لاس فيجاس والذي لا يتجاوز عمره نصف قرن يجذب سياحا أكثر من أهرامات مصر الأصلية التي تضرب في تاريخ يعود إلى 5 آلاف عام ودمتم سالمين.

asmadi@albayan. ae