للذين ارتسمت على وجوههم سحابة الابتسام بعد سقوط بغداد بدعوى انها سقوط للنظام وللذين هللوا واستبشروا خيرا في منامهم وضحاهم بعد أن داست دبابات العم سام ارض الرافدين وللذين قرعوا آذاننا بديمقراطية بوش وإدارته الرشيدة لبلد الرشيد ترى أين هم اليوم وماذا يقولون بعد أن قتلت قوات الحرية وفرق الموت التي جاءت معها أضعافاً مضاعفة في أربع سنوات عجاف أضعافاً مضاعفة عما قتل نظام البعث في ثلاثين عاما.

لو قدر لنا أن نعود إلى ذلك اليوم وهو 9 ابريل من عام 2003 ونرى نعيق الفرح الذي تعالى فرحا لا نقول بسقوط رجل ونظام ولكنه كان إلغاء دولة بأكملها وتشريد نصف شعبها الذي ما زال مستمرا حتى اليوم حيث عاثت الغربان البشرية فسادا في أرجائها في مشهد مسرحي عبثي كان أبطاله جنود العم سام إذا جاز أن ندعوهم جنودا وقطعان من اللصوص وشذاذ الآفاق الذين لم يرقبوا إلا ولا ذمة لشعب تضرب حضارته جذور 3 آلاف عام.

تذكرت في ذلك اليوم شريعة حمورابي في العراق قبل آلاف السنين التي وضعت أول مدونة للتشريع والقانون البشري وكيف جاء بوش ليعلم العراقيين الديمقراطية والنظام لكنه بدلا من ذلك غاصت يديه في دماء 24 مليون عراقي ونال سخط أكثر من مليار مسلم فضلا عن شعوب العالم التي هالها حجم الدمار والخراب الذي جلبه بوش وحليفه بلير إلى بلد النخيل والماء.

ترى كم من القتلى والثكلى يحتاجهم بوش وبلير ليقنع العالم بصوابية رأيه الخاطئ وكم من السنين يحتاجها العراق بعد ذلك ليبني مؤسساته ويقيم دولته التي مزقتها الحرب والفتن ما ظهر منها وما بطن وماذا يقول من رقصوا وهللوا للاحتلال وسالت أقلامهم في الترويج لواحة السلام والأمن في المنطقة وما هو الأمن اليوم بالنسبة للعراقيين الذي لا يأمن أحدهم الخروج من عتبة بيته دون أن ينطق بالشهادتين.

ترى هل كان احتلال العراق وتشريد أبنائه وترهيب أطفاله واقتلاع نخيله وتدمير اقتصاده يستحق كل ذلك ولا نملك تفسيرا لماذا وقف العالم كله يراقب المجزرة التي حدثت وتحدث هناك كل يوم ولماذا وقف بالأمس يراقب تشريد الشعب الفلسطيني وإقامة كيان اسماه العالم إسرائيل على ارض عربية يمدها بالقوة والمنعة ويحرم مقاومة المحتل كما وقف من بعد ذلك من العرب من ينادي بوقف مقاومة الاحتلال الأميركي للعراق.

لن نجد تفسيرا لذلك إلا أن العالم لم ولن يقتنع ولن يسمع إلا عبر القوة والقوة وحدها كفيلة بتحويل الباطل إلى حق والعكس صحيح ولن يسمع العالم من دول لا تملك القوة لدفع الأذى عنها ولو علم بوش ومعاونوه ومستشاروه ما ينتظرهم في العراق ما أقدموا على اكبر حماقة في تاريخ أميركا.

انظر كيف يسمح العالم كله لإسرائيل المدعومة أميركيا بالمال والسلاح أن تعربد في المنطقة وتمتلك ما تشاء من الأسلحة وتستخدمها في لبنان ضد المدنيين بنفس الوقت الذي يقف هذا العالم صفا واحدا ضد إيران وبرنامجها وليس الأمر دفاعا عن إيران في هذا المقام بقدر بيان مدى ازدواجية المعايير التي يستخدمها حماة الشرعية الدولية تجاهلتها فرنسا مثلا قبل سنوات عندما أصرت على إجراء تجاربها النووية بحجة مصالح فرنسا العليا.

وإذا كانت فرنسا ومن قبلها الولايات المتحدة تصران على سباق التسلح فماذا عن مصالح دول العالم الأخرى ألا يحق لها أن تمتلك الأسلحة الدفاعية ضد دول مارقة مثل إسرائيل ولماذا تراقب مبيعات الأسلحة لديها إذا كانت دفاعية بنفس الوقت الذي تترك فيه الحرية لإسرائيل أن تفعل ما تشاء أليس ذلك منطق اللا منطق أو بلغة أصح منطق القوة.