على الفلسطينيين حقاً أن يبادروا برد الجميل لإيهود أولمرت على لفتته الإنسانية الحانية بتسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية وهو ما تعهد به في قمة شرم الشيخ وعلى المستثمرين أن يشمروا عن سواعدهم لتحويل الضفة الغربية إلى جنات عدن والاستفادة من فرص النماء والاستثمار الذي سيغرق كامل الضفة الغربية المقطعة ب500 حاجز إسرائيلي تفصل بين مختلف المدن والقرى.

إذا ليستعد أهالي الضفة الغربية لثورة الدولارات التي ستتدفق عليهم من بلاد العم سام ومن أموالهم المحتجزة في خزائن المحتل فقد أوشك عصر الرخاء والازدهار على الوصول بفضل بركة أولمرت وتفهمه لحاجات اكبر سجن في العالم يقيم فيه أكثر من 4 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.

هاهو الحوار مع حكومة أولمرت بدأ يجني ثماره فجأة ودون سابق إنذار واتضح أننا مقصرون فعلا في عدم تفهم وجهة نظره وعلينا الآن انتظار أرغفة الخبز وأكياس الدقيق التي ستملأ شوارع الضفة الغربية بعد فتح الحدود وانسياب حركة التجارة وإلّي مش عاجبه يشرب من بحر غزة كما كان يردد أبو عمار رحمه الله.

بركات أولمرت التي يعلنها في شرم الشيخ ستقابل بالطبع بكرم عربي مماثل وتعهد بحصار الطرف الآخر من الجسد الفلسطيني المنهك بالاحتلال والحصار العربي والدولي عقابا للفلسطينيين على اختيارهم الذي أراده المجتمع الدولي بقيادة أميركية أن يكون حرا فكان حرا بالفعل والقول لكنه في النهاية لم يضمن لهذا الشعب الذي احتلت أرضه وشرد شعبه أن يعيش حياة كريمة واستمر المجتمع الدولي بنفاقه في دعم الجلاد على حساب الضحية.

هكذا هطل الخير الأميركي والإسرائيلي والعربي من بعده دفعة واحدة على الفلسطينيين وسيتم الإفراج عن أموال الضرائب ـ إن لم يكن تم ـ كل ذلك انتصارا للشرعية الفلسطينية التي لم ينتصر لها احد في مواجهة إسرائيل ولم يكن من بين المجتمعين في شرم الشيخ أو خارجه من هرع للدفاع عن الفلسطينيين عندما ضربتهم قوات جيش «الدفاع» الإسرائيلي بطائرات إف 16 الأميركية وبأسلحة محرمة دوليا وكان قادة إسرائيل ضيوفا أعزاء على العواصم العربية للحوار والنقاش والاتفاق على وقف إطلاق النار وكأن الصراع بين قوتين عسكريتين متعادلتين.

باتت القنوات مفتوحة على مصراعيها أمام جميع الخيارات والمفاوضات سهلة مع الجانب الإسرائيلي المحتل للأرض والشعب وجزء من الشعب الفلسطيني مستعد للحوار مع هذا المحتل لكنه يرفض حوار مماثل مع جانبه الآخر خصوصا أن أولمرت نفسه بات حمامة سلام ناصعة البياض وهو يبشر بعهد الفرص والازدهار الاقتصادي وما على الآخرين سوى الانتظار والتلمظ على الغنيمة المقبلة.

لكن قمة شرم الشيخ وببساطة شديدة لن تجلب شيئا نافعا للشعب والأرض الفلسطينية مهما حفلت بنتائج على الورق ومهما صدر عنها من تصريحات فهي لا تختلف عن سابقاتها من القمم واللقاءات المتخمة بالشكليات والفارغة من النتائج العملية والسبب بسيط للغاية.

وهو استمرار تجاهل حقوق الفلسطينيين واستمرار تجاهل الجانب العربي الرسمي لهذه الحقيقة والخوض دوما في قضايا هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع وهو الإرث الذي تركته أوسلو بترحيل جميع القضايا المفصلية مثل حق العودة والقدس والمستوطنات إلى مراحل لاحقة يبدو أنها ستمتد إلى قرون مقبلة.