إذا سلمنا جدلا أن مؤتمر الخريف سينعقد بمكانه وزمانه المحددين من قبل أركان الرئيس بوش الذي يبحث حاليا عن انجاز لو كان بحجم عقد مؤتمر فان العنوان الأبرز لمؤتمر الخريف المقبل سيكون الفشل التام وهي النتيجة المنطقية لأي مفاوضات مع إسرائيل التي تنتفخ غرورا كل يوم مادامت أنها تجد من يصدق سعيها للسلام.

ايهود اولمرت يصر على ان المؤتمر لا يشكل بديلا عن المفاوضات مع الجانب الفلسطيني وهذا يعني ان إسرائيل لن تلتزم بشيء ولن تكون مجبرة على التعامل مع أي اتفاقية دولية وهو أمر كانت تحرص عليه دوما في بقاء الصراع والمفاوضات ثنائية مع الجانب الفلسطيني.

إذن مؤتمر الخريف المقبل الذي تحشد له كوندي رايس لن يخرج عن مضمون العلاقات العامة ومحاولة لتحسين صورة أميركا المنهكة بدنيا ونفسيا من معاركها الخاسرة في أفغانستان والعراق والمؤتمر يعبر بالفعل عن ان مرحلة ما يسمى بالمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي تمر بخريف العمر وباتت نكته سمجة يتم تداولها كلما دق كوز بجره كما يقولون أو كلما وجد الرئيس بوش فرصة لنسيان فشله في حروبه التي ما زال مشغولا بها وجرت على المنطقة مزيدا من الكوارث.

إذا كان أولمرت يصرح ليلا ونهارا بأنه لم يعط ولم يتفق مع الفلسطينيين على شيء فهذا يعني ان المؤتمر سيكون نسخة أخرى وربما صورة مشوهة من مؤتمرات مدريد وواي ريفير والقاهرة وشرم الشيخ وحتى أوسلو التي تناست قضايا كبيرة ما زالت معلقة وحفرت عميقا في الجسد الفلسطيني المنهك من كثرة المفاوضات والمبادرات التي ذهبت أدراج الرياح منذ ما يزيد على خمسين عاما وحتى اليوم.

يا جماعة الخير المفاوضات والحوار الفلسطيني الداخلي أكثر جدوى وفائدة من إضاعة يوم أو يومين في غرف الفنادق وطق الحنك بلا طائل واقترح ان يتم توفير النفقات لغايات شراء دواء أو غذاء للعائلات الفلسطينية المحاصرة إسرائيليا في غزة والضفة الغربية.

مهما تحدث المحللون وخبراء الصراعات الدولية في المؤتمر المقبل فان الشعب الفلسطيني يراقب المشهد من بعيد وهو يدرك ان كل ذلك مجرد مضيعة للوقت ومهرجان للعلاقات العامة ام اننا لا نتذكر مؤتمرات سابقة وكيف كانت الخطب فيها تبشر بالسلام والازدهار والنماء الاقتصادي والتعايش بين الشعوب ونراها اليوم ذهبت أدراج الرياح تحت وطأة حذاء الجندي الإسرائيلي وهو يركل الطفل الفلسطيني في غزة والضفة أو طائرات جيش الدفاع وهي تقصف المنازل والجرافات وهي تقتلع الأشجار فهذا هو مفهوم إسرائيل للسلام والتعايش.

لا ادري حتى هذه الساعة على ماذا يعلق العرب والفلسطينيون آمالهم في المؤتمر المقبل ربما على الحليف الأميركي المشهود له بالمصداقية ونصرة القضايا العربية وهناك من العرب من يتحدث ان الرئيس بوش هو أول أو أكثر رؤساء أميركا حديثا عن الدولة الفلسطينية رغم انه وأركان إدارته لم يتحركوا إنشاً واحدا لتحقيق هذا الهدف حتى ولو برفع الحصار عن المدنيين الفلسطينيين اللهم إذا استثنينا دعم هذه الإدارة لحرس أبو مازن وأجهزته الأمنية بمبلغ 80 مليون دولار.

سيخرج علينا من يقول لماذا هذا التشاؤم الدائم فدعونا نجرب ونحن نقول ان الشعب الفلسطيني ليس فئرانا تحت التجارب وعليهم ان يسمعوا من إسرائيل كلاما واضحا لا لبس فيه مختصره ان إسرائيل ستنسحب من الضفة الغربية وغزة وتوافق على قيام دولة فلسطينية كاملة ثم لا بأس ببدء المفاوضات في غرف الفنادق وقاعات الاجتماعات التي ذبحت وعودا وجريا وراء سراب لم يتحقق طوال خمسين عاما من عمر الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين.

Asmadi@albayan.ae