إسرائيل تريد إبعاد المزيد من الفلسطينيين عن أراضيهم التي احتلتها قبل أكثر من 60 عاما بدعوى أنهم متسللون ولا يحملون وثائق وهي دعوى مضحكة مبكية إذ كيف يمكن أن يتسلل الإنسان إلى أرضه خلسة وهو متواجد فيها؟

وكيف يمكن للفلسطيني ان يكون مخالفا بوجوده على أرضه وبيته الذي يقيم فيه؟ إسرائيل بالطبع لا تحتاج إلى تبرير أفعالها وهي تعلم انه لن يكون هناك تحرك فعلي على الساحة الفلسطينية والعربية على حد سواء وفي كل مرة تقوم بحركة لاختبار وجس النبض لدى العربي الرسمي حتى تتأكد انه ما لجرح بميت إيلام.

وهكذا يبقى على أكثر من 150 ألف فلسطيني أن يثبتوا لإسرائيل التي كانت ترفض في كل مرة منحهم الوثائق اللازمة أنهم غير متسللين وأنهم يقيمون بصورة شرعية على أرضهم التي تتولى إسرائيل وقطعان مستوطنيها سرقتها كل يوم.

والحقيقة انها مفارقة غريبة أن يطلب من صاحب الحق الشرعي إثبات أحقيته رغم وجوده على أرضه منذ ولادته بينما تنصب إسرائيل نفسها حكما وجلادا ليس لمحاكمة من تسلل قبل 60 عاماً وسرق الأرض من أصحابها بل لإبعاد كل صاحب ارض عن أرضه وتفريق كل أسرة عن بعضها باعتبار أن بعض هؤلاء الفلسطينيين تسللوا من الأراضي التي طردتهم منها إسرائيل في 1948 وأقاموا في أراض فلسطينية أخرى أكملت عليها نفس الدولة في عام 1967.

القرار كما قالت عنه دولة القانون اليهودية سيتم تطبيقه على فلسطينيين ولدوا في قطاع غزة أو ولد أطفالهم في القطاع وعلى فلسطينيين فقدوا حقوق الإقامة في الضفة الغربية بالإضافة لتطبيقه على أجانب تزوجوا من فلسطينيين وهو تذكير آخر بما جرى عام 1948 على يد دولة يهود.

بالطبع سيخرج علينا عرابو السلام يهددون بأن مسيرة السلام ستتأثر وينذرون إسرائيل بقطع كل الاتصالات ثم يعودون من قريب لما نهوا عنه في السابق وهو ديدن بات مضحكا. إسرائيل ترغب أيضا في التطبيق السريع للقرار بحيث يدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع ويمكن الدولة المحتلة من إبعاد الآلاف من المواطنين الفلسطينيين وتقديمهم للمحاكمة بتهمة التسلل إلى الضفة الغربية.

سنسمع دعوات تنتقد إسرائيل ومخالفتها لأبسط حقوق الإنسان وكأن إسرائيل كانت دوما جوهر حقوق الإنسان خصوصا الإنسان الفلسطيني لكنهم سيؤكدون الالتزام نصا وروحا بروح التفاوض بينما يتم تهجير الآلاف من أبناء شعبهم في نكبة مصغرة لن تكون الأخيرة وغربة الإنسان الفلسطيني تزداد مع توحش العالم الذي ضاق بهذا الفلسطيني حتى كأنه استكثر عليه أن يعيش آمنا على أرضه وبين أبنائه حتى يتم إدخال ما يسمى بالمفاوض الفلسطيني في متاهات جديدة بعيدة عن الأرض وحق العودة واللاجئين وهي عادة أتقنتها إسرائيل وتلجأ إليها في كل مرة يقال لها ان هناك مفاوضات حتى ولو كانت خالية من أي جوهر.

asmadi@albayan.ae