قطر ورسالة إنقاذ القدس

وسط الاستعدادات الجارية في الدوحة هذه الأيام لاستضافة المؤتمر الدولي العاشر للقدس الذي ينطلق يوم الأحد المقبل على مدى يومين؛ جاء اجتماع مجلس الوزراء أمس برئاسة معالي الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، حيث جددت خلاله قطر موقفها الثابت من قضية الاستيطان وسياسات قضم الأراضي والضم؛ والانتهاكات المتواصلة ضد المقدسيين تنفيذاً لمخططات (التهويد التوراتية) المريضة باعتبارها واحدة من أبرز معوقات التسوية؛ وأصلب العثرات التي تعترض مسار قاطرة التفاوض بشأن إرساء دعائم السلام بالمنطقة.

وتأكيداً لهذا الموقف دان المجلس الانتهاكات والاستفزازات التي يتعرض لها المسجد الأقصى من قبل سلطات الاحتلال والمتطرفين الإسرائيليين وتصاعد الإجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس وتوسيع الاستيطان، كما حذر من تداعيات هذه الأعمال الخطيرة، التي تتنافى مع قرارات الشرعية الدولية وأحكام القانون الدولي على الأمن والاستقرار في المنطقة.

ولم يكتف المجلس بالإدانة لتلك الانتهاكات، التي ترقى إلى جرائم العنصرية والتطهير العرقي؛ ولكنه دعا المجتمع الدولي للقيام بواجباته ومسؤولياته والضغط على إسرائيل لإيقاف هذه الممارسات اللامشروعة؛ التي تتعارض مع أية رغبة حقيقية في السلام العادل والدائم والشامل.

 وهي دعوة تنسجم مع قناعات قطر وتحركها الدبلوماسي على الساحة العالمية وداخل أروقة المنظمات الدولية، الذي أخذ على عاتقه رسالة تأكيد الحق الفلسطيني؛ وواجب فضح السياسات البغيضة، التي ينتهجها حكام تل أبيب؛ والتي اتقنوا فنونها؛ ودابوا على توظيفها بمهارة في تدمير كافة فرص السلام، التي تلوح بالأفق من حين إلى آخر؛ ونسف كل المحاولات والوساطات الدولية والإقليمية المبذولة في هذا الخصوص.

 واستمراراً وتأكيداً لهذا الدورالقطري الداعم للحق الفلسطيني، جاء أيضا ترحيب مجلس الوزراء بانعقاد المؤتمر الدولي للدفاع عن القدس، الذي تستضيفه قطر وفقاً لقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة لمناقشة كيفية إنقاذ القدس والحفاظ على هويتها ومواجهة الخطط الإسرائيلية لتهويدها.

ولعله من الضروري هنا التأكيد على أن مؤتمر القدس الدولي العاشر بالدوحة يترافق انعقاده مع ظروف بالغة الخطورة؛ تتمثل في تصاعد تنفيذ مخطط التهويد؛ وتكرار اقتحام قوى التطرف الإسرائيلي للمسجد الأقصى تحت حراسة الشرطة ضمن تخاريف الإعداد لبناء "الهيكل المزعوم"؛ وقيام مجموعات إسرائيلية بكتابة شعارات وعبارات تسيء للسيد المسيح والمسيحية على جدران الكنيسة المعمدانية بالقدس.

مضافاً إليها تلك الهجمة الاستيطانية الشرسة، التي كان أحدثها بالأمس، حيث وافقت سلطات الاحتلال على بناء 500 وحدة سكنية جديدة بمستوطنة (شيلو) بين رام الله ونابلس، كما منحت تراخيص بأثر رجعي لأكثر من 200 وحدة بنيت دون تصاريح حكومية!!.. وعليه وأمام تلك الهجمة المجنونة التي تصل إلى حد (الكارثة) المحدقة بالمدينة المقدسة ورموزها الدينية؛ نحسب أن تعاظم الخطب وجلله يستوجب من المجتمعين بالدوحة قرارات شجاعة وناجزة وفاعلة تكون ضاغطة بصدق على عواصم القرار المؤثرة على إسرائيل وحكامها؛ وفي مقدمتها الإدارة الأمريكية لإنقاذ القدس ومقدساتها إسلامية كانت أو مسيحية.