بعد أن اطمأن وضمن عدم ملاحقته ومحاسبته على الجرائم التي يرتكبها في طول البلاد وعرضها صعَّد نظام بشار الأسد من جرائمه في سوريا؛ فبعد اجتياح أحياء مدينة حمص واستباحة حي بابا عمرو في المدينة، الذي شهد إعدامات جماعية لمعارضي النظام، توجهت آلة قتل النظام إلى ريف دمشق لاستباحة المدن هناك، وتعرضت مدينة القصير لهجوم مدفعي من قِبل كتائب الأسد، فيما انتشرت الدبابات في محافظة دير الزور، وتهدد كتائب النظام باجتياح مدينة معرة النعمان في محافظة إدلب.
هذا التصعيد الإجرامي لقوات بشار الأسد تزايد في الأيام الأخيرة بعد أن عجزت الجهود الدولية عن الحَدّ من أفعال نظام بشار الأسد، ووقوف روسيا والصين إلى جانبه، وتوظيف «الفيتو» لتغطية أعماله الإجرامية.
تصاعد الأعمال الإجرامية لقوات بشار الأسد حوَّل أوضاع الكثير من المدن السورية إلى واقع مأساوي، انعكس سلباً على حياة المواطنين السوريين، وبخاصة النساء والأطفال، الذين أخذوا يفرون من مدنهم رغم الأجواء البالغة السوء من برد قارس وتراكم للثلوج، ويضطر الفارون من النساء والأطفال إلى قطع مئات الكيلومترات للجوء إلى تركيا ولبنان والأردن التي أخذت تواجه ضغوطاً تتمثل في توفير أماكن إيواء للاجئين، ومدهم بالغذاء والكساء.
تبرز هذه الأوضاع المأساوية في ظل تردد المنظمات الدولية في مساعدة المتضررين السوريين، التي تواجه رفضاً قاطعاً من النظام السوري ومنع أجهزتها وموظفيها من دخول الأراضي السورية لتقديم المساعدات، وتراخي الجهود السياسية التي لا تزال تراوح في مواقفها، وتستهلك أوقاتاً من أجل ترتيب عقد لقاءات واجتماعات لم تفلح حتى الآن في تقديم أي شيء للشعب السوري المحاصَر بكتائب الأسد، التي زادت من جرائمها بعد أن تيقنت من عجز المجتمع الدولي عن وقف جرائمها.
هذا الوضع الذي يتجه إلى الأكثر مأساوية في سوريا، وفي ظل ضعف التحركات الدولية وعدم وضوح الصورة لما يجب أن تتخذه المنظمات الدولية لمواجهة منعها من العمل على الأراضي السورية لمعالجة الوضع في سوريا بعيداً عن الاستقطاب الدولي الذي عطّل الحل من خلال التوظيف الظالم لما يسمى بحق النقض، يستوجب على الدول العربية العودة مجدداً إلى مجلس الأمن الدولي لتحريك ضمائر الأسرة الدولية، على أن يسبق ذلك تفاهم مع القوى الدولية، وبخاصة التي اعترضت في السابق جهود مجلس الأمن لمعالجة الوضع المأساوي في سوريا، وبخاصة روسيا والصين اللتَيْن أبدتا بعض التفهم للمطالبات العربية، وهو ما سيتضح بعد الاجتماع العربي الروسي الذي سيُعقد في مقر الجامعة العربية، وبعد التحركات الصينية التي يقوم بها مبعوثوها صوب العواصم العربية الفاعلة.